‏الباسيج في نسخته السورية : الأسد إذ ” يُذبح بالقطنة ” !

لطالما أدهشني المثل الشعبي الإيراني عن «الذبح بالقطنة»، والذي يشي بتركيبة سيكولوجية تحرّض على إنهاء أو تصفية الآخر (العدو) ببطء وحيلة شديدين من دون أن تسيل دماء الضحية إلا قطرة قطرة، ومن دون أن يرفّ للذبّاح جفن أو يرتجف له قلب. أما أن يصير ذاك القول المتداول بين العامة نهجاً سياسياً للدولة فهذا شأن آخر علينا أن نقف على حيثياته ونحلّل تداعياته على دول الجوار الإقليمي التي تمتد إليها الأذرع الإيرانية خلسة وعلانية، وتعدّ العدة لتصفية كل من يعرقل مشروعها الإمبراطوري التوسعي حتى من كان حليفاً حال تنتهي صلاحياته أو قدرته على تغذية سعير الهجمة الجديدة.

تـــغطي طهران ســـيــــــاسةَ مـــلاليـــها واستراتيجياتهم في المنطقة بغطاء عقائدي ديني يجيّش العواطف والانفعالات المذهبية لمواطنيها بهدف كسب التأييد الداخلي للهدف المعلن من تدخّلها في دول الجوار، خصوصاً سورية راهناً، والذي يتمثّل في حماية المزارات الدينية والعتبات المقدّسة، من دون تحديد حمايتها ممن، ولمَ، في هذا التوقيت، بعد أن كانت منذ مئات السنين قبلة أهل السنة ووجهة نذورهم وقرّة عقيدتهم قبل الشيعة، ولم تزل. أذكرُ كيف كانت عائلتي الدمشقية تقدّم النذور والأضاحي للسيدة زينب في مقامها القدسي قرب دمشق، وكانت أمي تحرص على أن تحملني بين ذراعيها لترفع جسدي الطفل إلى أعلى أسوار المقام لأتلمَسه بيدي الصغيرتين استزادةً للبركة.
الهاجس التوسعي الإيراني في سورية، التي تعتبر حجر الزاوية بعد العراق لرسم حدود الدولة الدينية الكبرى لإيران، كان قد تَكرّس منذ الثمانينات من خلال إرساليات ثقافية للتبشير المذهبي وأخرى للحجيج الديني. أما الحضور الأمني فأتى على هيئة تنسيق عسكري ومخابراتي أداته حزب الله في لبنان، حيث كانت دمشق الشريان الحيوي الذي يغذّيه بالمال والسلاح الإيراني المصدر.

ومنذ استقدام مستشارين عسكريين وأمنيين من طهران لدعم الجيش النظامي في قمعه حركة التحرّر السورية الكبرى في 2011، إلى تاريخ التقاط صور لطائرات «شاهد 129» الإيرانية من غير طيّار وهي تقصف مواقع للمعارضة في جنوب حلب في شباط (فبراير) 2016، كما ورد في تقرير موثق بالصور أعدّته مجلة «فورن بوليسي» الأميركية، مروراً بتصريح رجل الدين الإيراني مهدي طائب، قائلاً: «لو خسرنا سورية لن يمكن أن نحتفظ بطهران، لكن لو خسرنا إقليم خوزستان (الأهواز) فسنستعيده ما دمنا نحتفظ بسورية»، وصولاً إلى مقتل السيد ذو الفقار قائد ميليشيا حزب الله في الغوطة الشرقية بانفجار غامض المصدر، تتصعّد السيطرة الإيرانية على مفاصل القرار في قصر المهاجرين، بحيث صار الأسد مجرّد ناطق رسمي لخطط طهران العسكرية والأمنية في دمشق والقلمون وحلب، وصارت أطراف النظام السوري، من أعلى رأسه المضمّد بالعمامة الإيرانية إلى قاعدته المضمّخة بالدم السوري المسفوك، مجرّد أدوات لتنفيذ هاجس المتشدّدين من ملالي الحوزات بعد أن تحـوّل حــرس الثــورة الإيراني «الباسيج» إلى ماركة مسجلة لها فروعها في المنطقة تتّجه في الوقت الذي تختاره لإخماد ثورات التحرّر وحركات التغيير في دول الجوار، بالرصاص الحيّ، على غرار قمعها فصول الثورة الخضراء القصيرة العمر في طهران على مشهد من دول العالم المتحضر.

ولا يخفى على قارئ ما وراء سطور الحدث أنه في الوقت الذي تظهر طهران على أنها الحامي والنصير لبشار الأسد ومن نجا من منظومة حكمه المتهاوي، يُعدّ آخرون العدّة هناك لإسقاط هذا الحلف الموقوت والعابر للمصالح الإقليمية حال تتمكّن القوات الإيرانية المتواجدة على الأراضي السورية، بجناحيها المدني المخابراتي والعسكري الميليشيوي، من مفاتيح التحكّم بالدوائر السياسية الضيقة التي تحيط بالأسد في قصره، وبضوء أخضر أممي، إثر عودتها المظفّرة إلى حظيرة المجتمع الدولي بغطاء ودعم أميركيين. حينها فقط سيصل خيط القطن المشدود إلى رقبة بشار الأسد بعد أن جزّ رقبة السلم الأهلي والتسامح الديني بين أبناء بلده.

فهل ستسمح الدول العربية الجارة بسقوط متوالية أحجار الدومينو عاصمة إثر عاصمة بيد الامبراطورية الفارسية العائدة إلى الحياة برئة نووية؟ وهل سيكون بقدرة دول مجلس التعاون الخليجي أن تشكّل درعاً واقياً في وجه هذا المدّ الجارف؟ وما هو الدرس العربي والدولي المستخلص من الصمت الدولي حيال غزو جحافل الميليشيات المذهبية المتعدّدة الجنسيات غيرَ دولة عربية، وسيطرتها على مفاصل الحياة السياسية فيها، وتوجيهها بما يخدم تمدّد نفوذها؟

مرح البقاعي – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

    1. يقول مواطن؟ ليه بقي من الوطن غير الجواز والهويه!! هاد اذا محظوظ كتير لساتن معك:

      الامه الان (الا من رحم الله) لاتقرا
      واذا قرات لاتفهم
      واذا فهمت لاتعمل
      فلن تقوم لها قائمه طالما على هاذا الحال
      نحن نجيد النقد والشتائم… انا لااعرف الكاتبه ولا الاخ اللذي شتم منظرها
      بس اسال … شو دخل منظرها بافكارها!!!
      الافضل ان نرد الفكره بالفكره .. بس تربينا ع القمع بدءا من البيوت الى اعلى الهرم… نرفض الاخر طالما انه ليس مثلي فانه عدوي… الله يفرج

  1. لايمكن أن يفوز الأهبلوف في الحرب الدائرة حاليا لأنه أحرق بيديه جميع سفن إعادة تأهيله عبر مجازر ودمار وتجويع متنقل عابر للمحافظات ليس له أية فائدة عسكرية تذكر بل هدفه التدمير والانتقام والقتل بنزق صبياني أهبلي طائفي طائش ليس إلا ولايمكن أيضا أن تفوز إيران في الحرب لأن ذلك معناه بأن على دول الخليج أن تبدأ بعد الأيام قبل الاجهاز عليها من قبل آيات الله دولة بعد دولة ولا أعتقد كذلك بأن المجتمع الدولي سيسمح لنموذج طالباني متأسلم بالانتصار في الحرب السورية تحت أي ظرف كان والحل هو إيجاد شخصية سنية معتدلة تمثل الريف السني الثائر وتدين بالولاء له معظم الفصائل المقاتلة وتقبل به البرجوازية السنية المدنية العائلية أولا كي تقبل به لاحقا باقي مكونات وطوائف الشعب السوري بفعل الأمر الواقع …. إذا استطاع السوريون الاتفاق على هذه الشخصية التي تحظى بالإجماع السني (الريف مع المدينة) وتصديرها لقيادة الثورة فسيسقط الأهبلوف في اليوم التالي حتى ولو جاء الخرامنئي ومعه زميرته وبقية مزيكته وجوقته شخصيا للقتال في سوريا.

    1. بخالفك بالراي لانو الشخصية موجودة وجاهزة وهي فاروق الشرع. شخص مضمون من كل الاطراف وبتوافق عليه كل سوريا كبير وصغير. واكتر من مرة انطرح اسمو وعملوا حالهن مو سامعين. البلد متروكة تنزف بشكل بطيئ حتى اخر قطرة. يعني لتوصل لمرحلة سوريا كلها عالارض مو بس حلب وحمص وريف دمشق. شخصيا باعتقد يتركونا متل ما تركوا اللبنانية بحرب لبنان. 15 سنة تركوا الحرب وسمحوا لجيش المقبور الخالد يفوت مع المباركة بس ليقضي على كل مقاومة شريفة واولها الفدائيين الفلسطينيين وياسس بعدها مايسمى بحزب الله ويدعم الشيعة على حساب السنة ويدق اول بسمار بنعش سوريا والمنطقة!! سوريا بالوضع الحالي مافيهن ينهوا الحرب ليضمنوا انو اخر واحد متل ابو فرات وحج مارع ماتوا وما بقي غير شوية سرسرية وحرمية عاملين حالهن ثوار وسوريا شبه فاضية جاهزة لدخول اسرائيل او باحسن الاحوال للتقسيم!! انشالله كون غلطان!!