هل فقدت المعارضة السورية الفرصة ؟

في غضون أقلّ من عشرة أيام من المفترض أن تجتمع المعارضة السورية في الرياض لمناقشة أدائها السياسي والتفاوضي في جنيف والبحث عن رؤية سياسية واقعية مشتركة وإعادة هيكلة وفدها المفاوض وضم مجموعتي القاهرة وموسكو، عقب استقالة محمد علوش، كبير مفاوضي الهيئة العليا للمفاوضات، الذي نعى فشل محادثات جنيف، مؤكداً أنّ الطريق مسدودٌ مع النظام و»لن أشترك في عملية سياسية قد تدوم خمسة عشر عاماً أو أكثر» بلا نتائج. والحقيقة أنّ اجتماع الرياض المرتقب يأتي في ظلّ معطيات ميدانية لا تعمل في غالبها لمصلحة المعارضة، وهو ما ينبغي لها قراءته بعمق وتدبّر يتفوق على ضجر مقاتلٍ مثل علوش. ويمكن هنا الإشارة إلى جملة معطيات منها:

أولاً، أنّ المعارضة المعتدلة تتقلص في الشمال السوري، وتتم محاصرة «الجيش الحر» وإضعافه من قبل أكثر من طرف وخصم (مارع نموذجاً)، والعمل جارٍ على تصفية قيادات «أحرار الشام» (كما حدث في إدلب أخيراً) وأن «جيش الفتح» وفي صُلب قوامه «جبهة النصرة» يحصّنان مواقعهما ويعززانها في إدلب، حيث لم تتمكن المعارضة المعتدلة من إدارة حضورها في شكل مقبول دولياً بعيداً من «النصرة» المرتبطة بـ «القاعدة» والخارجة من حسابات وقف إطلاق النار، على رغم كل نواقصه وخروقاته واعتلاله.

هذه المعطيات تكشف عن أن المعارضة المسلحة لم يتبق لها سوى جيب في شمال حلب. وليس معروفاً ما إذا كانت أنقرة، في ظل تراجع نفوذها في الشمال السوري، قد راودها طرح يشير إلى أنه لم يعد أمامها سوى مساندة «النصرة» في إدلب؟!

ثانياً، إذا صحّتْ التقديرات بأنّ عيْنَ «داعش» على أعزاز قرب الحدود مع تركيا، لتأمين الدعم اللوجستي الذي بدأ يُحاصر مع تحرّك جبهات عدّة ضد التنظيم، فإن هذا قد يُصَعِّدُ من احتمالات طموح الأكراد، الذين يسيطرون على الجانب المقابل من الخارطة (حيث عفرين والشيخ عيسى وتل رفعت) إلى السعي للوصل بين عفرين ومنبج، عبر خوض معركة محتملة في المدى القريب لمحاصرة «داعش» في منبج والباب، وهو تطور إنْ حدث، بدعم أميركي قويّ بالطبع، من شأنه أن يرفع من احتمالات سيناريو اتجاه الأكراد نحو أعزاز، على رغم العائق الرئيسي لهكذا سيناريو، وهو الاعتراض التركي المؤكد.

ولا يبدو أن عرض وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للولايات المتحدة باستبدال تحالفها مع الأكراد ضد «داعش» بقوات تركية كان مواتياً للخطط الأميركية. وإذا تمّ التغاضي عن التحفظات التركية، فإنّ هذا يؤكد متانة الاستثمار الأميركي في «قوات سورية الديموقراطية»، ومن شأنه إعادة تعريف العلاقات الأميركية – التركية، من دون الوصول إلى استنتاجات متسرعة عن فراق بين البلدين، حيث «إنجرليك» بالغة الأهمية للتحركات الأميركية، ولا تسوية في سورية بغياب تركيا، على رغم أن قيادتها أصبحت اليوم أكثر طرف شرق أوسطي ينتقد السلوك الأميركي بغضبٍ مُعلن.

ثالثاً، ما تقدّم يشرح لماذا يتردد المبعوث دي ميستورا في الدعوة إلى جولة جديدة من المفاوضات السورية، فيما المعارك والخرائط وموازين القوى على الأرض لم تستقرّ، وهو ما قد يعني أن المعارضة أمام تساؤل عمّا إذا كانت قد فقدتْ (في حال لم تفرض حضورها بمواجهة النظام وروسيا وداعش والأكراد)، فرصة صناعة تسوية مع النظام… رآها علوش غير متوقعة قبل خمسة عشر عاماً؟!

محمد برهومة – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫3 تعليقات

  1. تركيا تبني جدار مع كل حدود سوريا ما عدا ادلب اي بداية لعزل ما يسمى روجافا عن تركيا وزوزافا نفسها اصلا معزولة عن كردستان العراق والحدود بينهم مغلقة بحكم الصدافة بين كرستان العراق وتركيا والمصالح المشتركة

    الحل الآن على ما يبدو … حماية ادلب من اي احتلال وتمكينها لحماية نفسها اي لو وصلت الحرب لعدم صالح الثوار فيمكن الاستقلال بإدلب لتكوين كيان للسنة السوريين والديموقراطية بعيدا عن ارهابية داعش وروجافا والنظام.
    هذا افضل حل موجود لضمان مستقبل المناطق المحررة والسنة العرب الذي يحاول الكل تهجيرهم من سوريا وهزمهم.
    ولكن هذه كخطوة ستقلب الطاولة على كل هؤلاء.

  2. العالم كله يريد ابادة الثورة وانهائها وان انتهو من حلب فستكون ادلب هي الجهة القادمة
    يمكن ان يكون كلامي ثوري جدا … ولكن يجب الآن استقلال ادلب وتكوين كيانها المستقل ان كنا نريد لهذه المناطق المحررة ان تظل محررة … هذه خطوة ستقلب الطاولة على كل المتآمرين علينا … وستكون من اغنى دول الشرق الاوسط.
    ويكفي انها ستكون اول دولة ديموقراطية وحرة بالشرق الاوسط.

    1. ياسيدي ومن سيحكم (واحة الديمقراطية) تلك في إدلب ومن سيحمي سمائها؟ لو استطاعت الفصائل المعارضة التوصل للحد الأدنى من التفاهم فيما بينهم لما اقتصر حلمنا على حكم إدلب فقط ولكن لمن نشكو أمرنا لغير الله من أمراء الحرب هؤلاء الذين جعلوا منا أقلية الأقلية في سوريا رغم أننا الأكثرية المطلقة وانظر إلى الأكراد أو العلويين أو الشيعة كيف أنهم موحدين تحت راية واحدة وقيادة واحدة حتى وإن تباينت أهدافهم ولذلك يسهل التعامل معهم ودعمهم من الخارج فيما نحن ألف فصيل وألف راية وألف قائد أكبرهم يسيطر على حارة وأصغرهم على زقاق لايملكون طرحا مستقبليا ولا أفقا سياسيا (حتى وإن كان كذبا) وليسوا بقادرين على الحسم العسكري لتشرذمهم وتفككهم العسكري والفكري يزاودون على بعضهم البعض بالدين علما بأنهم أقرب بأفعالهم وتعصبهم لراياتهم وبأفكارهم للجاهلية وليس للإسلام ولو كانوا يمتلكون ذرة من الديمقراطية لماكان أهالي معرة النعمان وكفرنبل وبنش وغيرهم طالبوا بخروجهم من مناطقهم وهم على حق في مطلبهم ففاقد الشيء لايعطيه.