حسم و حزم اقتصادي أيضاً !

المواجهات لا تأخذ الشكل العسكري التقليدي فحسب، ولكن هناك أوجها أخرى لا تقل فعالية ولا تأثيرا ولا أهمية مثل المواجهات الفكرية والمواجهات الاقتصادية. والجانب الاقتصادي هو محور في غاية الأهمية لأنه يمثل دعامة وضمانة لإطالة عمر أي نظام واستمراريته.

إيران وسوريا اللتان تعرضتا لعقوبات اقتصادية مستحقة لتورطهما الصريح في دعم منظمات إرهابية، مثل حزب الله، عبر سنوات طويلة، تمكنتا من تكوين وإيجاد اقتصاد «مواز» غير نمطي وغير تقليدي، وذلك لتخطي القيود والحواجز التي تفرضها سياسات وشروط العقوبات، وكان الحل هو تكوين مجموعة معقدة ومركبة من الكيانات المالية والاقتصادية والاستثمارية والتجارية والصناعة سواء عن طريق أفراد أو مؤسسات خارج هاتين الدولتين لتصريف أعمالهم وتبييض أموالهم. وتوغلت هذه الكيانات عبر مؤسسات «مشهورة» و«معروفة» تمثل علامات تجارية مرموقة وعالمية. كبرت ونمت هذه المجاميع في دول الخليج العربي تحديدا حتى تحول ملاكها إلى «واجهة» للنظامين السوري والإيراني ومن هم محسوبون عليهما من تجار ومسؤولين.

دول الخليج العربي تواجه تحديا خطيرا في حجم «الاختراق» الاقتصادي لهذه المجاميع الموجودة في قطاعات المقاولات ومواد البناء والصيرفة والتجزئة والفخامة والمأكولات والمشروبات والأثاث والتجميل والمجوهرات وغيرها. وحجم المبالغ المتداول «مهول» و«مهم» وبات من المهم جدا التعامل معه تعاملا أمنيا، وقد قامت بعض دول الخليج بترحيل عدد قليل من الشخصيات «المريبة» والمحسوبة على حزب الله الإرهابي سواء أكانت واجهة اقتصادية لهذا الكيان أو توظف وتدعم أموالا للحزب أو تتعاطف معه بمواقف سياسية لا تخفيها، إلا أن هذه المحاولات تبقى متقطعة وغير ثابتة وفي أحسن حالاتها لا يمكن أن توصف إلا بأنها خجولة جدا.

المجاميع الاقتصادية المعقدة والمحسوبة على إيران وسوريا لها نماذج شبيهة محسوبة على تنظيم حزب الله الإرهابي وكانت ولا تزال تعمل وتترعرع في غرب أفريقيا وفي بلدان أميركا اللاتينية في مجالات مختلفة تمكنت وبنجاح أن تكون الأذرع الأخطبوطية لتمويل أنشطة الحزب الإرهابي وتقوية وضعه المالي وتمكينه بالتالي من توسيع قدراته ونفوذه بشكل متصاعد.

التغلغل الاقتصادي المريب والمؤثر والفعال لا يقل خطورة أبدا عن المواجهات العسكرية الإرهابية الصريحة لأن الاقتصاد هو نوع من الاختراق في صميم المنظومة السياسية والسيادية لما فيها من اطلاع على المعلومات والبيانات وتطوير مثير للجدل للاعتمادية والتمكين.

إيران وسوريا وحزب الله لهم واجهات وشركات ومؤسسات وشخصيات تعمل لهم وباسمهم ومعهم ولأجلهم بالمال والجيب والعاطفة و«تسحب» من أموال الدول التي تعمل فيها مبالغ ضخمة ومتواصلة ومستمرة، ومنهم من يعمل في قطاعات «حساسة» كالمقاولات والإسكان والطب والغذاء، وهي مجالات دقيقة من الممكن أن يتم «استغلالها» في مراحل معينة بشكل «أمني» لإحداث أكبر ضرر في شكل نهائي لأي عمل إرهابي مدمر.

الصين سبق لها أن وظفت أفرادا ومؤسسات وشخصيات على أشكال كيانات اقتصادية مؤثرة وفعالة في مختلف دول العالم الثالث للتأثير والتمكين والتحكم البطيء، وهذا بالتالي ليس أسلوبا غريبا. واليوم مع زيادة مواقع التماس بين الدول العربية وإيران وأذنابها في سوريا وحزب الله الإرهابي ومناطق أخرى يكون الحذر مطلوبا جدا وبشكل استثنائي لأن الأوضاع القائمة في سوريا واليمن باتت تتطلب قدرا غير مسبوق من الحذر والحراك الاستباقي المفهوم، وهذا يستدعي التدخل الجريء والمهم على الساحة الاقتصادية المليئة بالألغام والمصايد المضرة جدا.

الساحة الاقتصادية في العالم العربي عموما والخليج العربي مليئة بـ«جيش» من الكيانات الاقتصادية العاملة بقوة لصالح إيران وسوريا وحزب الله، وهم طابور خامس خطير لا بد من التعامل معه بشكل حاسم وحازم وفوري لا تقبل فيه أنصاف الحلول أبدا.

حسن شبكشي – الشرق الأوسط

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. إذا كانت أجهزة استخبارات دول عاصفة الحزم تعرف أسماء هؤلاء الأشخاص والشركات التابعة بشكل أو بآخر لإيران واذنابها فماذا ينتظرون للقضاء على هذه الشبكات التشبيحية ؟ أينتظرون مقالاً من كاتب لينبههم إلى هذا الموضوع ؟ المفروض ليس فقط ضرب رأس الأفعى بل أن تلُحق برأسها الذنبا .

  2. يجب طرد كل الإيرانيين والشيعة من أنصار حسن زميرة والحثالة الحوثيين فورا من كل الدول العربية .