خمسة أسباب مدمرة للأسرة السعودية
كم من فتاة تنتظر بقلق لزفها إلى زوج المستقبل، وكم من شاب يتحرق شوقاً للدخول على عروسه في مطلع شهر شوال المقبل، إذ بات هذا الشهر تحديداً من كل سنة مهرجاناً للأعراس، وهو البوابة العريضة لولوج إلى عالم المجهول. كم منهم سيقاوم كل مواجهات الحياة وصروفها ويظل متربعاً على عرش الزوجية؟ وكم منهم سيلقي تبعات واقعه المر ويهرب من أقرب الأبواب لأجل تصحيح مساره الحياتي؟ فـ240 ألف حالة طلاق تقع سنوياً في السعودية، كما نشر في صحيفة «عكاظ» في تاريخ 2-12-1436، يجعلنا نتساءل بقلق عن مستقبل الأسرة السعودية، ويبرر لنا بقدر كافٍ عزوف كثير من الشباب عن الزواج، لذلك جدير بنا أن نقرأ هذه الظاهرة بشيء من الوعي والصدقية، ليس من خلال مقالة عابرة، بل من خلال مراكز بحث تُعنى بالضبط والتقييم الأسري، وهو ما تخلو منه بلادنا للأسف. بادئ ذي بدء ومن واقع التجارب المرة التي خبرها المجتمع السعودي ولا يزال يخوضها من دون أدنى توجيه معرفي وعقلي، ثبت أن ثقافته في بناء الأسرة في بيتها (البيت بمعناه الشامل) تعد ثقافة سطحية وساذجة أمام المتغيرات الحضارية، يخضع لها المتعلم وغير المتعلم، فهي مبنية على حفنة مبادئ وقيم وعادات وتقاليد شاعرية رائعة في مظهرها مرتبكة في مخبرها.
يبدأ هذا الارتباك منذ لحظة التأسيس الأول الذي سيُبنى عليه هذا البيت الذي سيلحق به إرث وتاريخ عائلي ستحمله الأجيال المتعاقبة بخيره وشره، ولعل من أهم أسباب هذا الخلل أنه لا يخضع لاعتبارات عقلانية قدر ارتباطه الوثيق بمعايير شمولية قد لا تناسب الزوجين.. ومع ذلك يقبلان بها على مضض مع شيء من الملطفات والمغريات، كأن تكون العروس جميلة والعريس ذا أخلاق وتدين ولديه وظيفة مرموقة ومن أسرة طيبة، كل ذلك يدخل في حكم الكبار من دون الصغار، أعني الشباب المقبلين على الزواج، فالشاب لديه قائمة مواصفات شكلية التقطها من ملمح فنانة أو عارضة أزياء، زوّد بها الخاطبة الأم أو الأخت للبحث عنها، ولا يعلم أنها تبحث لها عن أنثى تتطابق مع نظرتها الأنثوية لا نظرته الذكورية؛ فتصوغها في عينه بما يقترب من قائمة المواصفات المطلوبة، وهي ليست كذلك حقيقة.
أما الفتيات (فيا سعدهن ويا هناهن) عندما يتقدم لهن شاب مجهول الهوية (النفسية والعقلية)، مكتفيات بالبيانات السطحية الأولية.. متذرعات بأن اختيار (الماما والبابا) كافيان تماماً للطمأنينة بأنه الزوج الأصلح والأنسب لهن، وقد أسلمن حياتهن لإدارة الكبار.. كل ما في الأمر شاب متطلع وشابة تواقة للحياة يريدان بناء عشهما الصغير، ومن هذا العش تنطلق كل الأحلام والأمنيات، يتقدم الشاب لخطبة الفتاة التي يظن أنه يعرفها، وتقبل الفتاة التي إلى قبيل الموافقة أنها تفهم الطريق الذي ستشقه فوق فرس أبيض مع فارس الأحلام، حتى الآن كل شيء مغموس بالفرح، الفتاة العروس تشتغل بأحلامها التفصيلية الدقيقة، والشاب منهك بالإعداد لليلة الزواج العظيمة، بكل ما أوتي من قوة وجَلَد متحملاً أعباء القروض ومغرياتها، الفتاة لا تخاف إلا من شيء واحد هو ليلة العرس؛ فمشاعرها متأججة، متناقضة، والشاب المغوار يخشى من شيء مختلف، هو أن لا يأتي كل ما جهزه لعروسه على مستوى أحلامها، ثم يحدث كل شيء ويخلِّفان الضجيج وراءهما، ليدشّنا حياتهما الجديدة بعيداً بسكينة ووداعة، في أرض الأحلام وشهر العسل، ثم يعودان بقليل من التفاصيل الصغيرة والمشاعر متناقضة ما بين السخط والرضا، وقد فتحت صفحات التقصي بينهما، وربما لا يكون «العَوْد أحمد» كما يقال.
منها تبدأ رحلة المشقات العشر المتمثلة في اكتشاف قدرات العروسين النفسية والعقلية، واختبار مهاراتهما الشخصية، ومواءمة الطبائع والأذواق الشخصية لمفاجآت المستقبل، والعمل وفق ذلك كله لتحقيق غاية الرضا، ومعالجة المشكلات حينما تظهر على السطح، وكيفية مواجهة تكاليف الحياة ومتطلباتها، وتربية الأبناء وحل مشكلاتهم، وتوزيع المهمات في ما بينهم وفق كل المتغيرات، ثم معرفة عادات أهل الزوجين وطبائعهم، ومدى التقبل لطبائع الزوج أو الزوجة؛ السؤال هل يحدث هذا؟
أعني هل ثقافة السعوديين تنظر إلى كل هذا بعين واعية وذهن متفتح وعقل قابل للجدل؟ هل هناك استراتيجية لمحاولة بناء بيت مثالي؟ الجواب: حتماً لا، فأمام هذا الخط المجتمعي الذي يقف العروسان للمرة الأولى على عتباته متجردين من كل معارف سابقة سوى عقد شرعي وثيق، إلا أن الحياة يجب أن تستمر ليدشّنا رحلة الحياة واكتشاف مشقاتها من دون هادٍ أو دليل.
برأيكم، كيف يمكن لهذين الشابين الغرّين مواجهة الحياة الجديدة؟ ثم كيف يخوضان غمار رحلة وسط تراكمات مجتمعية تشكلها العادات والتقاليد المسكونة بأبعاد نفسية وسلوكية خاصة لا تقبل الجدل؟
طبعاً لن نجد جواباً محدداً، لأننا – كما ذكرت – مفرغين تماماً من أدوات الضبط والقياس الاجتماعي، لا يعد هذا هو العائق الوحيد في رحلة المليون مشكلة؟ أهل البنت أم أهل الولد؟ بل إن المتغيرات اللاحقة ما لم تعالج في وقتها ستتفاقم وتمسي هماً يثقل كاهل الأسرة تتعاورها أسباب خمسة؛ أولاً: التباين في مستوى ثقافة الزوجين وتعليمهما، ثانياً: اختلاف تربيتهما؛ فالشاب يغذى منذ نعومة أظفاره على قيم الذكورة المطلقة التي لا تقبل التنازل خصوصاً للأنثى المحرم كالأخت والزوجة، لذلك هو غضنفر لا يقبل التنازل الذي يمنح أضعافه لأي أنثى عابرة، ومتى كانت الأنثى المحرم مستقلة تكتسب استقلاليتها من تعليمها فستصطدم مباشرة معه، وتحدث الفرقة. قد يكون الشاب ورث لوثة حياة قاسية وتجارب مريرة ظلت محفورة في ذهنه لا يستطيع الفكاك منها، انعكست على طبيعة تعامله مع زوجته ومن ثم أبنائه لاحقاً، فتحدث الكراهية المقيمة، ولكن متى! بعد فوات الأوان، ثالثاً: قد يقع الزوجان ضحية حبال معقدة من العادات والتقاليد التي تلزمهما بها منظومة المجتمع وأدواته المختلفة، فمتى استسلما لها فسيقعان فريسة لها ويصبحان ترساً في عجلتها، ولن تتركهما حتى تعصرهما إلى آخر قطرة من الراحة، رابعاً: سلطة الآباء النافذة على الأزواج، وسيساق بيت الزوجية إلى ما هو أعقد، إذ ستتدخل الأهواء الخاصة بحياتهما، في مأكلهما ومشربهما، وتحدد علاقتهما بالآخرين، خامساً: الكفاءة المادية؛ وهي ذلك الإزميل الذي سيحفر آثاره عميقاً في جسد العلاقة بين الزوجين، فالفاقة ستقود الأسرة إلى حافة الانهيار، وقد تدفع بالأبناء لاحقاً إلى طرق الحياة الوعرة.
الخلاصة؛ أنه ما لم يتم رتق هذه الشقوق في حينها فستفتح بوابة الجحيم في طريق الزوجين لن يسدها سوى الفراق المبين، والكارثة متى حدث هذا عقب عمر طويل ونالت شظاياها الأبناء.
لذلك وبما أن الأسرة مؤثر مهم في بناء حياة المجتمع، وهي مسؤولة تماماً عن كل إفرازاته الإيجابية والسلبية، علينا أن نعيد تشكيل هذا البناء بما يتواءم مع روح العصر، ولن يتم هذا إلا من خلال مؤسسات حقيقية تًعنى به، وبما أننا نعلق آمالنا اليوم بقيم التحول المنتظرة، فمن الأجدر أن نعلّق هذه المسؤولية المهمة بها بأن تستحدث جمعيات مجتمع مدني معنية بالأسرة، تُلحق بها مراكز دراسات ينتج عنها أبحاث عميقة للواقع وكيفية ترميمه، مع استحداث حزمة من القيم تشجع المجتمع على استلهامها وتمثيلها واقعاً حياً يدفع عنه مغبة التورط بالعادات السيئة والاختيارات الفاسدة، كأن يؤسس مركز وطني يقوم بدراسة مدى ملاءمة الزوجين لبعضهما بعضاً صحياً ونفسياً ومادياً واجتماعياً، من خلال نماذج مدروسة يمكن استخلاص نتائجها سريعاً، وتقديم برامج مكثفة لهما تمكّنهما من التعرف على بعضهما بعضاً عن كثب، وتخليص المقبلين على الزواج من تبعات العادات السيئة التي تضطرهم للديون من خلال برامج واقعية، فهل نفعل؟
محمد المزيني – الحياة[ads3]
للأسف المقال سطحي ولايلامس جوهر الواقع – رأي شخصي طبعا وقد لايكون مصيب
كاتب المقال هاوي وليس محترف، مقال يلف ويدور ولايلامس لب المشكلة، جميع المجتمعات الخليجية تعاني من خلل في البنية الإجتماعية وتحتاج أولاً لعقد اجتماعي جديد يتمخض عنه إصلاح ولو جزئي لتلك الازدواجية التي خلفها الدهر على مر الحقب الماضية والتي لعبت فيها الفاقة وشظف العيش ومن ثم قمة الوفرة والرغد مالم يتمكن الفرد الخليجي من استيعابه حتى الآن عداك عن الشخصية العدوانية المتكبرة والاعقلانية التي صار عليها الفرد في هذه المجتمعات نتيجةً لإفرازات الثراء غير المرتبط بببذل الجهد و العلم والعمل و اكتساب المعرفة وتطويرها، فأصبح يعتقد أن الثروة يمكن ان تحل أكبر المشاكل وأن المال هو أهم شيء في الحياة وقد يكون هذا صحيحاً في جميع العالم المادي أما العالم المعنوي للإنسان فلايمكن حل مشاكله إلا بالالعلم والمعرفة والثقافة المجتمعية ومن خلال أساليب تعتمد الخبرة التراكمية والمشاركة م الآخيرين والتي تفضي بالنهاية إلى خلق إنسان متوازن معرفياً ومقبول سلوكياً من مجتمعه وكافة المجتمعات الأخرى وهذا مالم يتمكن الفرد الخليجي من مجاراته وبالتالي مازال يعيش ويتفاعل مع الأحداث برد الفعل وليس بالفعل نفسه وهذه هي المعضلة الأساسية التي لن يتمكن من حلها مالم يفهما بدايةً.