مثنى الزعبي .. لاجئ سوري و فنان بلا ذراعين
مثنى الزعبي ليس فقط مواطناً سورياً فرضت عليه ظروف اللجوء الصعبة في الأردن، بل فنان شغوف بالرسم والخط، ما يجعل منه حالة استثنائية تؤثر في المجتمع حوله، فهو يواصل إنتاج اللوحات رغم أنه مبتور الذراعين.
لم يفقد طرفيه العلويين جراء الحرب كما يمكن أن يتبادر للأذهان، وإنما تعايش مع هذه الحالة منذ أن كان في سن الخامسة، بسبب صعقة كهربائية، لكن ذلك لم يحل دون تعلمه في المدرسة وفي الجامعة لاحقاً، بدأ الكتابة بفمه ثم أصبح يحاول مسك القلم بين ذراعيه ودفعه بصدره، وأخيراً أصبح قادراً على الكتابة والرسم بسهولة نسبية.
وإلى جانب كونه رب أسرة وأب لأربعة أطفال، فهو فنان تشكيلي، ويحضر لمعرضه الأول في الفترة القادمة، ومدرب تايكواندو، ومصمم غرافيك، ومتطوع وناشط في مجالات اجتماعية عدة، حيث أسس نادي الطلبة السوري الذي وفر منحاً عدة لاستكمال الشباب اللاجئين لدراستهم وإكسابهم بعض المهارات، ومتطوع في فريق تنسيق طبي لمساعدة الحالات المرضية، وعضو في منتدى فكري يقدم فيه جلسات حوارية ويشارك في أنشطته.
لم يبلغ مثنى هذه المرحلة بسهولة، فقد قال لصحيفة «القدس العربي» إن أول سنتين في الأردن كانتا من أصعب مراحل حياته على الإطلاق، إذ وجد نفسه فجأة خسر كل شيء، وظيفته الحكومية التي كانت مصدر دخله، وعمله الإضافي في الزراعة وتربية طيور الزينة، وقال: «كانت لدي هواياتي وعلاقاتي الاجتماعية ودراستي في الجامعة، ثم وجدت نفسي بدون مكان ولا دخل، وبعد أن خرجت من مخيم الزعتري، بدأت العمل على بسطة دخان لتأمين قوت أطفالي».
وأوضح أنه مر بحالة نفسية سيئة استمرت أكثر من سنة ونصف السنة، استجمع بعدها قواه، وقرر مجابهة ظروفه بدلاً من الاستسلام لها.
ويتحدث مثنى بحب وفخر عن بناته الصغيرات، اللواتي يتعلمن منه فن الرسم، ويأمل أن يكون مستقبلهن أفضل من الحاضر، ويشاركنه أحياناً هوايته في النحت على الجص.
وفي شهر رمضان الحالي تطوع في إفطارات جماعية عدة للأطفال الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، التي رافقتها نشاطات ترفيهية.
وعن حادث البتر الذي غير مسار حياته، قال إنه كان تحدياً كبيراً بالنسبة له لإثبات نفسه وقدراته وتغيير مفهوم الإعاقة في أذهان الناس، وأضاف «في بعض الأحيان أصر على إنجاز بعض الأمور فقط لأثبت لنفسي أني أستطيع، وهذا لا يشمل هواياتي التي أحبها، ككتابة بعض الخواطر الشعرية، وضعي الصحي كان دافعاً لمواصلة الطريق وعدم التراجع».
وختم حديثه بالقول إنه يشعر بالرضا كلما كان يومه مزدحماً بالإنجاز، فهو يعمل يومياً مع جهات مختلفة عدة حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع، ويحفزه على ذلك طموحه بأن يترك أثراً إيجابياً في حياة من حوله. (القدس العربي)[ads3]