كن عميلاً مخرباً ترضى عنك أمريكا .. كن وطنياً تنقلب عليك !

هذا المقال كتبته قبل أسابيع فقط من الانقلاب الأمريكي على الرئيس التركي أردوغان، ولن أضيف عليه سوى أن كل الكلام الذي كنا نسمعه عن أن الغرب لن يسمح لقوة إسلامية بالظهور على الساحة حتى لو طبقت الديمقراطية الغربية بكل حذافيرها، تبين أنه ليس ضرباً من نظرية المؤامرة، بل هو الصواب بعينه، فكل من يراهن على العدالة والديمقراطية الأمريكية المزعومة إما مغفل أو ابن ستين ألف مغفل. لقد قالها الكثير من الاستراتيجيين الأمريكيين، وعلى رأسهم، جورج كنان في الخمسينات عندما سخر من كل الذين يؤمنون بالعدالة الأمريكية، قال ما معناه إن كل من يعتقد أننا نحترم حقوق الإنسان، أو نشجع على العدالة والديمقراطية يجب أن يزور أقرب طبيب نفسي. هذا هو النهج الأمريكي منذ أن ظهرت أمريكا كقوة عظمى على المسرح العالمي. وبالتالي، لا تتفاجأوا أبداً إذا كانت أمريكا تتحالف مع الشياطين من أجل مصالحها القذرة، وتدوس كل القيم والأخلاق والديمقراطيات عندما تتعارض مع مصالحها. لا تتفاجأوا أبداً إذا رأيتم أمريكا تدعم أحقر وأقذر الطواغيت على وجه الأرض، بينما تعادي كل من يحاول أن ينهض بوطنه وشعبه. بعبارة أخرى، فإن الأمريكيين لا يتحالفون مع الأخيار، بل مع الأشرار، لأنهم يحققون المصالح الأمريكية أكثر بكثير من الأخيار الذين غالباً ما يحققون مصالح شعوبهم وبلادهم. وكل من يحاول أن يحقق مصالح شعبه، فسيكون بالنتيجة عرضة للاستهداف الأمريكي.

لقد درج الأمريكيون تاريخياً على احتضان أبشع الطواغيت والجنرالات، وخاصة في أمريكا اللاتينية حديقتهم الخلفية. وذات يوم سأل صحافي أمريكي الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون: «يا سيادة الرئيس أنتم ترفعون شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنكم في الوقت نفسه تدعمون ذاك الطاغية الحقير الذي يحكم شعبه بالحديد والنار. هل يعقل أنكم يا سيادة الرئيس تدعمون حاكماً ابن زنا»، فرد نيكسون ببرود شديد قائلاً: «صحيح أننا ندعم هذا الطاغية النغل (ابن الزنا)، لكنه ابن الزنا بتاعنا». لقد لخص نيكسون السياسة الخارجية الأمريكية ببلاغة عز نظيرها.

ولو أردنا أن نحلل السياسة الأمريكية الآن تجاه بشار الأسد وأردوغان مثلاً، فما علينا إلا أن نسترجع كلمات نيكسون، فالأمريكيون يحتضنون، ويدعمون فقط من يحقق مصالحهم، وليس من يحقق مصالح بلاده. لاحظوا بربكم كيف أن أمريكا تركت طاغية كبشار الأسد يقتل أكثر من مليون من شعبه، ويشرد حوالي خمسة عشر مليوناً، ويحول بلداً عظيماً إلى ركام على مدى خمس سنوات، دون أن يرمش لها جفن. وكل ما فعلته على مدى الأعوام الماضية إطلاق تصريحات سخيفة لم تعد تقنع أطفال المدارس مثل تصريح أن بشار الأسد فقد شرعيته. ليس لدى أمريكا للضحك على ذقون السوريين والعرب سوى ذلك التصريح البائس. وقد أعلن ضابط كبير من وكالة الاستخبارات الأمريكية قبل فترة أن الوكالة قدمت للرئيس باراك أوباما أكثر من خمسين خطة للإطاحة بالنظام السوري، لكن الرئيس أوباما رفضها جميعها. ويقول أحد الساخرين إن الرئيس الروسي بوتين المفترض أنه حليف بشار الأسد الأقوى استخدم حق النقض الفيتو مرتين فقط في مجلس الأمن لحماية بشار الأسد من السقوط، بينما الرئيس الأمريكي المفترض أنه ليس حليفاً لبشار الأسد رفض أكثر من خمسين خطة لإسقاط بشار. وبالتالي، يمكن القول ببساطة إن الصمت الأمريكي على ما يفعله الرئيس السوري في سوريا والمنطقة منذ خمس سنوات هو بمثابة شهادة حسن سلوك أمريكية لبشار الأسد، على اعتبار أن الصمت علامة الرضا، فلو لم تكن أمريكا سعيدة بما يفعله الأسد، ولو لم يحقق لها ما تريد، لما تركته يعيث خراباً ودماراً وتشريداً منذ خمس سنوات.

وبينما نرى أمريكا ترفض المساس بأبشع طاغية في العصر الحديث، سمعنا كبار المسؤولين الأمريكيين وهم يؤيدون علناً أي انقلاب يطيح بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حقق لبلاده المعجزات على الصعيد الاقتصادي والديمقراطي والنهضوي. وقد قال السيناتور الأمريكي ميشيل روبين قبل أسابيع فقط إن جهات سياسية أمريكية مستعدة بالاعتراف بأي انقلاب يستطيع الإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغم أن أردوغان وصل إلى السلطة بانتخابات شعبية ديمقراطية مائة بالمائة، بينما بشار الأسد وصل إلى السلطة زوراً وبهتاناً، وغيروا له الدستور بدقائق كي يناسب عمره الصبياني آنذاك. واستمر في السلطة عبر استفتاءات مفبركة النتائج في أقبية المخابرات.

لم أر منافقين أكثر من الأمريكان أبداً، فعندما زار الرئيس التركي أمريكا قبل أسابيع، راحوا يهاجمونه هناك بشدة بحجة اعتقال صحافي تركي. بالنسبة للإدارة الأمريكية: أردوغان ديكتاتور، لأن حكومته حققت مع صحافي، أما بشار الأسد الذي قتل أكثر من مليون سوري، واعتقل أكثر من نصف مليون، ودمر ثلاثة أرباع سوريا، وقام بتشريد نصف السوريين، فأمره، بالنسبة لجوقة الكذب والنفاق في واشنطن، متروك للشعب السوري كي يقرره ديمقراطياً. يا للهول! يعني أردوغان الذي انتقل بتركيا إلى العالم المتقدم ديمقراطياً واقتصادياً ديكتاتور صغير كما وصفه أوباما، ويجب تقليم أظافره. أما بشار الأسد الذي انتقل بسوريا إلى العصر الحجري فأمره متروك للسوريين حسب المتحدث باسم الحارجية الأمريكية.

لقد اتضح جلياً أن محاولات الإعلام الغربي شيطنة أردوغان كانت قصفاً تمهيدياً إعلامياً للانقلاب عليه عسكرياً. وهذا ما حدث بالفعل قبل أيام.

كن وطنياً ينقلب عليك الأمريكان، وكن عميلاً مخرباً يرضى عنك الأمريكان.

فيصل القاسم – القدس العربي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫18 تعليقات

  1. أستاذ فيصل ،،النصرة والتواعش يحتشدون في قرى للهجوم على بلدك الثعله وأبادتها ،،قول انتا من زمان خالص زيت الكرامة والضمير تبعك،،يا زلمي عءولتك

    1. والله انت والدابة الجربانة نفس الشيء ٠ انت مو زيتك خالص شرفك يلي هو خالص يا ابن الحرام ٠

    2. انت بطيخ يازلمة شلون النصرة والدواعش اجتمعوا معك وبينهم ما صنع الحداد، !

  2. أكبر عميل للخنازير الصهاينة هم أنت و اميرك بقطر . و لك يا حيوان لو انسان اخذ طفل مرمي بجانب حاوية قمامة و رباه و كبره لأن أمه رمته لأنه من زنا هل كان لينقلب عليه ؟. كما فعل حمد بأبيه ؟ ولسه بتعلك و بتحكي عن مبادئ ؟ يا جربوع من غدر بالعراق و أهل العراق و أقام قواعد عسكرية ببلده ؟ و من استضاف الصهاينة ؟ بعت شرفك بكم دولار بتقبضها من الشركة الامريكية التي تمولكم بالاخبار . بس أحلى شي انو كل جربوع لما بتسوء سمعته بيعمل لحية .

  3. ضع نفسك يادكتور فيصل مكان أمريكا فمن تفضل؟ دكتاتور طاغية يقمع شعبه ويسرقه ويضع أمواله في بنوكك ويفعل المستحيل لإرضائك وتحقيق مصالح شركاتك كي ترضى عنه وتدعمه ليبقى في الحكم أم حاكم وطني شريف يبني بلده واقتصادها مما يجعله يستغني عن معطم الصادرات الأمريكية ولايضع دولارا واحدا مسروقا في بنوكك وليس مستعدا للمساومة على تحقيق مصالح شركاتك على حساب مصالحه؟ لو كنت رئيسا أمريكيا لاخترت ودعمت بالتأكيد نموذج الطاغية والدكتاتور ولايستطيع أي شعب أو دولة الخروج من تلك الدائرة الأمريكية إلا بالديمقراطية الحقيقية النابعة من الوعي والفهم العميق لمصالحهم من دون مهاترات وزعامات فارغة وحواجز مناطقية ودينية وعرقية وطائفية أي باختصار شديد نموذج حكم لاينطبق بأي شكل أو صفة على بلداننا العربية ومجتمعاتنا القادرة على استيلاد (النغل تلو النغل) إلى يوم يبعثون.

  4. كن عميلاً مخرباً ترضى عنك أمريكا .. كن وطنياً تنقلب عليك . و انت قلتها، شوف بقا في الوطن العربي أمريكا حبايب مع مين؟؟؟؟ مو شايف قاعدة السيلية جنبك ؟ لك هاي ٣/٤ مساحة غطر

  5. لست اعرف الدكتور فيصل شخصيا لكنني لقف بكل احترام لكل ما كتبه حتى لو كان يتصف بكل هذه الصفات التي نعتها به كل من كتب تعليقه على المقال.

  6. لا شك أن الأستاذ فيصل القاسم إنسان ذكي و قام بتوصيف رائع لدور أمريكا في العالم . لكن أحب أن أضيف أن أمريكا من الممكن مواجهة سياساتها المدمرة لبلادنا من خلال : إمتلاك أسباب القوة و منها الإقتصادية ، لجم العسكر عن ممارسة الحكم فهذا ببساطة ليس عملهم، مواجهة الزعيم العميل لأمريكا من خلال السير في جماعة موحدة على قلب رجل واحد مخلص كفؤ ، القراءة المتعمقة للأحداث و متابعتها بشكل دؤوب مع إدراك حجم التضليل الإعلامي حتى يتم التمييز بين الغث و السمين . أعتقد أن دوام الحال من المحال و لا أظن أن الأمريكان أذكى من غيرهم حتى يحافظوا على هيمنتهم الطاغوتية.

  7. قال الله تعالى:

    “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم”

    و الدكتور فيصل القاسم يؤكد ما أكده غيره سابقا و ما سيؤكده غيره لاحقا

  8. انسان موتور و مهرج أبعد ما يكون عن الاعلام…. فيصل قاسم الى مزبلة التاريخ