هل تشهد ألمانيا ” أزمة لاجئين ” جديدة ؟
المشاهد التي كانت تتوالى في الإعلام عن الازدحام والفوضى في مراكز اللاجئين، وأيضا تشكك اللاجئين من إغلاق الحدود أمامهم لم تعد موجودة، كما أن الفوضى في ألمانيا وأوروبا جراء تدافع أعداد كبيرة عبر الحدود اختفت كذلك. إذ أنه منذ إغلاق طريق البلقان وإبرام الاتحاد الأوروبي اتفاقا مع تركيا بهذا الصدد، أصبحت أزمة اللجوء أكثر هدوءا.
أصبحت ألمانيا تستقبل -مقارنة بالسابق- أعدادا قليلة من طالبي الحماية على فترات متباعدة. مشكلة اللجوء انتهت إلا أن الأزمة ما زالت موجودة. صحيح أنها بعيدة الآن، إلا أنها تقترب بسرعة، ولعل الاعتداءات الأخيرة والتي كان آخرها الانفجار المتعمد في أنسباخ، والذي قتل منفذه، وجرح آخرين، وكذلك تطور الأوضاع في تركيا هي مؤشرات باقتراب هذه الأزمة.
وزير الداخلية توماس دي ميزيير، من الحزب الديمقراطي المسيحي، ألغي إجازته الأربعاء، ووجه نداء إلى المتطوعين الذين ساعدوا في أزمة اللجوء حيث صرح “نحن بحاجة لكم، كما أننا شاكرين لجهودكم، لا تجعلوا من الاعتداء في فورتسبورغ يؤثر عليكم وعلى عملنا المجتمعي القيم”. الوزير الألماني لم تعط تصريحاته السابقة أي انطباع أن أزمة اللجوء انتهت، الأوضاع في ألمانيا بشأن اللاجئين في تحسن كما يقول إلا أنها لا زالت غير مستقرة.
أعداد اللاجئين تناقصت
أعداد اللاجئين في ألمانيا انخفضت شهرا تلو الآخر، حوالي 90 ألف لاجئ قدموا في شهر كانون الثاني / يناير، 60 ألفا قدموا في شهر شباط / فبراير، 20 ألفا في آذار / مارس ومنذ ذلك الحين يصل حوالي 16 ألف لاجئ شهريا، ما مجموعه 200 ألف لاجئ خلال النصف الأول من العام، وهو ما يقارب الأعداد التي وصلت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي. أيضا ما يجري في ألمانيا يبدوا مشابها للعديد من الدول الأوروبية الأخرى، حيث نجح الاتحاد الأوروبي في حشد الأزمة خارج حدوده.
إلا أن ما يجري في تركيا الآن يجعلنا نتشكك في القدرة على استمرار اتفاقية اللاجئين المبرمة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي. خاصة مع مطالبة حزب الخضر ببرنامج خاص يتيح استقبال الأتراك الذين يواجهون الاضطهاد السياسي، وهل يمكن أن تعيد أوروبا لاجئين قدموا إليها خاصة من تركيا، مع تغير الوضع بعد محاولة الانقلاب الفاشلة وفرض قوانين الطوارئ، كما يجري النظر في إعادة فرض عقوبة الإعدام؟
ألمانيا وأوروبا متمسكة الآن بالاتفاق مع تركيا، إلا أن المدير التنفيذي لمنظمة برو أزول غونتر بوركهاردت اشتكى من “اللامبالاة الأوربية بخصوص اللاجئين، وذلك بسبب أن اللاجئين لم يعودوا يحتشدون على حدود بافاريا”، بحسب قوله. ويوضح بوركهاردت “إن أوضاع اللاجئين لم تصبح أفضل، وهم لا يملكون إمكانات معقولة من أجل طلب اللجوء في تركيا أو اليونان، كما أن بعضهم يتعرض للاعتقال ويعيش في الشارع، إلا أن هذه المشاكل غير مرئية” بالنسبة للأوروبيين.
أعداد الفارين تقدر بعشرات الملايين
وبحسب المدير التنفيذي لمنظمة برو أزول فإن المنظمات الدولية الكبرى مثل المفوضية العليا للاجئين (UNHCR) و المنظمة الدولية للهجرة (IOM) حذرت من أن تراجع أعداد اللاجئين في أوروبا قد يشكل إشارة خاطئة للفهم، وذلك استنادا لما يدور من أزمات حاليا كما في العراق أو جنوب السودان، حيث بلغت أعداد الفارين مئات الآلاف هناك.
عالميا يوجد حوالي 65 مليون شخص فار من مناطق سكناهم، وهي أعداد أكبر مما كان الوضع عليه في السابق. كما أنه لا توجد في الأفق أي مؤشرات لوضع حد للأزمة في سوريا والعراق. كما أنه في إفريقيا وفي جنوب الصحراء الكبرى هناك حوالي 18 مليون شخص أخرجوا من ديارهم. الصومال واريتريا ونيجيريا والكونغو، ووفقا للأرقام القادمة من المفوضية العليا للاجئين فإنه في جنوب السودان نزاعات حديثة ظهرت ما أدى إلى هروب عشرات الآلاف من مناطقهم. وللآن فإن معظم الهاربين من أفريقيا وجدوا ملاذا لهم في دول الجوار، إلا أنه وكما يبدوا فإن هذه المساعدة لها حدود أيضا، حيث أعلنت الحكومة الكينية مؤخرا عن قرارها بإغلاق مخيم داداب الذي يعتبر أكبر مخيم لاجئين في العالم بسعة 340 ألف لاجئ، وهو ما يتفق عليه الخبراء أن هذا سوف يزيد من معاناة اللاجئين هناك.
هل تحققت وعود ميركل
وتدور تساؤلات عديدة عما إذا كان ما صرحت به المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل السنة الفائتة “نحن نستطيع” تم تحقيقه فعلا. وللإجابة على هذا يقول أمين عام حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بيتر تاوبر: “إن هذه الجملة “نحن نستطيع” لديها جوانب مختلفة.
الجانب الأول يتعلق بأولئك الذين أتوا إلى ألمانيا من أجل الحصول على مأوى، وطعام. وبحسب تاوبر فإن المؤسسات الألمانية” نجحت في تقديم الملاذ لهؤلاء وبهذا الإنجاز يستطيع الجميع أن يشعروا بالفخر من بلديات ومؤسسات ومتطوعين”، إلا أن التعامل مع أزمة اللجوء بحد عام ومحاربة الظواهر المسببة لها فإن هذا يحتاج لفترة طوية لتحقيقه و”قد تستمر لسنوات طويلة إن لم يكن عقودا من الزمن”، بحسب تاوبر. ويقول: “في جميع المدن الألمانية فإن الملاجئ أصبحت شبه فارغة حاليا، والصالات الرياضية أعيد فتحها وقاعات المعارض تم إخلاؤها من اللاجئين”، وتابع “إلا أن البلديات والدولة لم تغلق الملاجئ بشكل نهائي بل بشكل مؤقت وذلك لاستخدامها مجددا في حالة قدوم اللاجئين من جديد”. (DPA-DW)[ads3]