سيناريو غروزني يتكرر في سوريا
«معركة حلب أشبه ما تكون بالحملة في غوديرميس»… جملة عابرة قالها المعلّق الروسي، قبل أن يستدرك أن لكل حرب ظروفها.
ولكن، هل تذكّر حلب فعلاً بالمدينة الشيشانية التي شكّل «تحريرها من الإرهاب» ورفع العلم الروسي فوق أحد مبانيها الحكومية في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 1999، منعطفاً حاسماً في الحرب الشيشانية الثانية؟
ثمة ملابسات تبدو متشابهة على رغم اختلاف الظروف. فمن حيث الأهمية، حظيت المدينة بوضع خاص لأنها قلبت موازين القوى وفتحت الطريق نحو غروزني. لكن الأهم أن السيناريو الذي تعيشه حلب الآن، يكاد أن يكون متطابقاً مع واحد من أكثر فصول الحرب الشيشانية سخونة وتأثيراً في التطورات اللاحقة.
ولا يقتصر الأمر على الحصار المحكم، والقصف المركّز الذي يستهدف أحياء دون غيرها، لإتاحة مجال للتحكُّم بحركة اللجوء وتضييق الخناق على المقاتلين. ففي المرحلة الثانية، يأتي توجيه الرسائل إلى السكان بطرق مختلفة لمغادرة المدينة، وإلى المقاتلين بإلقاء السلاح و «العودة إلى الحياة المدنية» مع وعود بنيل عفو.
ذلك السيناريو طُبِّق حرفياً في غوديرميس، ثم في الشهر التالي (كانون الأول – ديسمبر 1999) في غروزني، عندما وجّهت السلطات الروسية نداءً إلى المدنيين للخروج من المدينة قبل أن تبدأ بعد نحو شهر المعركة الكبرى للسيطرة عليها.
لكن تشابُه الظروف الذي يوحي بأن العقل المدبّر الروسي هو الذي يدير المعركة، لا يعني تلقائياً أن النتيجة ستكون واحدة. فموسكو نفت في شكل قاطع نيّتها شن عملية عسكرية واسعة في حلب، وردّت على اتهامات أميركية في هذا الشأن بالإشارة إلى أن واشنطن «تتهم موسكو استناداً إلى آراء مسبقة وارتياب كبير»، وفق تعبير نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف الذي أضاف أن الأميركيين «ينسبون إلينا، استناداً إلى شبهاتهم وآرائهم المسبقة، أفكاراً غير واقعية. هذه الشكوك تمثّل محاولة جديدة لخوض لعبة سياسية، بدلاً من المساهمة في حل مشاكل إنسانية، خصوصاً المساعدة في إشراك المنظمات الدولية الإنسانية، كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، في العملية».
ولكن، إذا كانت موسكو لا تستعدّ لعملية عسكرية واسعة في حلب، فما الهدف من الضغوط الساعية إلى تفريغ المدينة من سكانها؟ يتجنّب المسؤولون الروس الرد على أسئلة مماثلة، فيما توحي الاتصالات بين مسؤولين عسكريين روس وأميركيين في جنيف، خلف أبواب مغلقة، بأن الحديث لا يقتصر على إبلاغ واشنطن بتحرُّكات موسكو، بل يناقش الطرفان «تفاصيل» ما زال الجانب الأكبر منها محور خلاف، ما يفسّر سخونة الانتقادات المتبادلة بين الطرفين.
يدير الحوار من الجانب الروسي نائب رئيس إدارة العمليات في الأركان الروسية ستانيسلاف حجي محمدوف، في مؤشر إلى طبيعة الملفّات المطروحة للبحث وأهميتها.
وتبدو حلب المثال الأوضح على تباعد المسافات بين الموقفين، والأبرز هو الخلاف على توزيع الخرائط وتحديد لوائح الإرهاب، الأمر الذي أوضحه الرفض الروسي السريع للفكرة الأميركية بإعلان هدنة.
وكان نائب الوزير ريابكوف واضحاً عندما أعلن أنه «لا يمكن القبول بأن تكون هناك مصالحة أو هدنة مع إرهابيين». واتهم واشنطن بممارسة «الخداع السياسي»، عبر الدعوة إلى وقف العمليات قبل وضع لائحة موحّدة للإرهاب، لأن هذا يعني «إتاحة فرصة للإرهابيين لإعادة تمركزهم واستجماع قواهم». وزاد أن «لدى موسكو رؤية أخرى مفادها أن محاربتهم يجب أن تتواصل حتى النصر».
رائد جبر – الحياة[ads3]
غروزني كانت محاطة ومحاصرة بالروس من جميع النواحي ، أما سوريا التي تتم إبادتها من قبل الروس فتقع في قلب العالمين العربي والإسلامي (مع الأسف) .