اللاجئون يسابقون الزمن للهجرة عبر سواحل ليبيا قبيل فصل الخريف

تشهد السواحل الليبية، في جهتها الغربية خصوصا، تصاعدا مضطردا في حركة الهجرة غير الشرعية حيث يخوض المهاجرون الحالمون ببلوغ أوروبا سباقا مع الوقت ليستقلوا مراكب الهجرة قبيل حلول فصل الخريف.

وفي ظل الطقس المشمس والبحر الهادئ، وأيضا انشغال السلطات الليبية بالمعركة مع جهاديي تنظيم “الدولة الإسلامية”، تنطلق أسبوعيا أعداد متزايدة من المراكب التي غالبا ما تغرق قبل بلوغها السواحل الإيطالية، الوجهة الأبرز لدخول أوروبا.

ويقول عبد الحميد السويعي رئيس مجموعة إدارة الجثث في الهلال الأحمر الليبي في طرابلس للوكالة الفرنسية للأنباء “البحر هادئ حاليا والطقس مشمس، ولذا فإن أعداد المهاجرين تتزايد أسبوعيا”.

وأعلن خفر السواحل الإيطاليون أنهم نسقوا الاثنين عمليات إنقاذ نحو6500 مهاجر قبالة السواحل الليبية في 40 عملية إنقاذ وهو أحد أكثر الأيام نشاطا من حيث عمليات الإنقاذ خلال السنوات الأخيرة في البحر الأبيض المتوسط.

ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية فإن عدد الوافدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط يقارب الـ 200 ألف شخص منذ مطلع العام الحالي. وإن كان الحظ قد حالف هؤلاء الوافدين وتمكنوا من الوصول إلى القارة العجوز بسلام ، فآلاف آخرون لم يكن البحر أحن عليهم من البر وقضوا غرقى، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو عشرة آلاف شخص لقوا حتفهم في البحر المتوسط منذ العام 2014 وفقا لإحصاءات المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وبعد إغلاق طريق البلقان أصبح الطريق البحري انطلاقا من ليبيا الممر الرئيسي نحو أوروبا خاصة بالنسبة للوافدين من القارة الأفريقية جنوب الصحراء.

كواليس الهجرة عبر المتوسط : تسعيرة للفرد وإبحار غير آمن

ومع تزايد أعداد الراغبين في الإبحار من ليبيا، تحول الأمر إلى تجارة مربحة للمهربين الذين يعملون على “تنظيم” الرحلة انطلاقا من المياه الليبية. وتتراوح التسعيرة للفرد الراغب في الهجرة عبر القوارب التقليدية بين 400 وألف يورو، وفقا لشهادات بعض الناجين الذين أنقذتهم البحرية الإيطالية نقلت عنهم وكالة الأنباء الفرنسية.

وقبل ركوب البحر، يقوم المهربون باحتجاز الراغبين في الهجرة وسط ظروف غير إنسانية في منازل بمنطقتي زوارة وصبراتة حيث تقدم لهم وجبة غذائية واحدة في اليوم انتظارا ليوم الإبحار.

والزوارق المطاطية التي تكتظ بعشرات المهاجرين والمزودة بكميات قليلة من الوقود بالكاد تكفي للوصول إلى المياه الدولية، حيث يمكنها إطلاق استغاثة أملا في إنقاذ من عليها من قبل خفر السواحل أو البحرية الإيطالية أو حتى سفن عملاقة يصادف مرورها بجانب زورقهم المتواضع قليل الإمكانات.
وغالبا ما ينطلق المهاجرون ليلا، تحت تهديد المهربين بالنيل ممن يترددون في الإبحار عند رؤيه وضع المركب.

وفي بعض الأحيان يقوم المهربون بنقل الراغبين في الهجرة بقوارب أكثر متانة لمسافة معينة حيث يتم بعد ذلك نقلهم إلى مراكب أكثر هشاشة في عرض البحر ويعود المهربون بسفنهم الأفضل حالا إلى البر مرة أخرى لنقل دفعة جديدة من المهاجرين.
ووفقا لوسائل الإعلام الإيطالية، فإن المهربين يلجؤون إلى تكديس زوارق الصيد بأعداد كبيرة من المهاجرين اعتقادا منهم أنه سيتم إغاثتهم فور وصولهم إلى المياه الدولية ولكن في الواقع هذه المراكب تكون غير مهيأة للإبحار في المياه العميقة مما يزيد من مخاطر انقلابها.

الفرار إلى الموت

وبالرغم من المآسي التي يسمع عنها العالم يوميا من غرق المئات ومن بينهم نساء وأطفال وحتي رضع، يبدو أنها غير كافية لإثناء العديد من الأشخاص في العدول عن رغبتهم في خوض المخاطرة وركوب البحر. فوفقا لإحصاءات الإنتربول (الشرطة الجنائية الدولية) هناك نحو 800 ألف شخص ينتظرون على السواحل الليبية لكي يجدوا الفرصة على الإبحار للوصول إلى “أرض المهجر” الأوروبية، وألا تتحول الزوارق المطاطية الهشة التي يستقلونها إلى قوارب موت تزف أجسادهم و أحلامهم إلى مثواها الأخير في أعماق البحار.  (FRANCE24)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها