بشار إذ يسابق ستالين و هتلر

تمزقت مجتمعات كثيرة قبل مجتمع السوريين، بعضها بسبب حروب وبعضها بسبب ثورات، لكنها عادت ونهضت مجدداً، وتبدو هنا تكلفة النهوض كأنها فاتورة إجبارية لا بدّ من دفعها لأجل هذا النهوض. فالتاريخ ليس طريقاً رومانسياً هادئاً تبنيه كلمات الشعراء، إنما صراع مصالح وبحث دائم عن استراتيجيات لحماية تلك المصالح، صراع يطحن في طريقه آلاف البشر، لا بل أحياناً يطحن الملايين.

عندما خرج السوريون في منتصف آذار (مارس) 2011، مطالبين بحريتهم، كانوا يدركون سلفاً أن هناك ثمناً كبيراً سيدفعونه، لكنهم ربما كانوا لا يعرفون مقدار هذا الثمن، مع أن مطالباتهم كانت في بدايتها إصلاحية ولم يكن قد طرح بعد في الشارع شعار «الشعب يريد إسقاط النظام».

بشار الأسد ومثل كل الطغاة السابقين، قابل الكلمة بالرصاص، وردّ على التظاهرات بالدبابات، ولا يزال يفعل ذلك مع تطور هائل في استخدام الأسلحة وصل إلى الكيماوي والقنابل العنقودية، وفوق ذلك احتلال عسكري إيراني وروسي لسورية.

وعندما تحولت طرقات سورية إلى حواجز أمنية وعسكرية، خطّ عناصر الأسد على أحجار الحواجز شعار النظام «الأسد أو نحرق البلد»، وتحوّل بعد حين إلى «الأسد ونحرق البلد».

ضمن هذا الجحيم الدموي، مرّت أيام تفاوض بين المعارضة السورية ولجان تمثل النظام، في مسلسل جنيف، وكان إحساس أي سوري في تلك الأثناء أن الأسد شعاره واضح ومرفوع ومعلن.

بعض بائعي الأوهام الدوليين كانوا يرددون على مسامع الإعلام أن الحل في سورية هو حل سياسي، وهذا التعبير بالذات، أي «الحل سياسي» كان يعني للنظام المزيد من البراميل والقصف والاعتقال، وكلّ ما يفعله النظام حتى الآن أنه يقول للعالم أجمع «الأسد ونحرق البلد».

نعم هذا الشعار المرعب هو سياسة النظام واستراتيجيته وهو كل ما لديه، ولا يمكن، وفق بنيته الأمنية والعسكرية والمافيوية، أن يملك من السياسة غير القتل والاعتقال، حتى لو بقي الأسد مسيطراً فقط على حيّ المهاجرين.
من هنا، يمكن لنا أن نقرأ كل دلالات المقابلات الإعلامية مع الأسد، حيث تقول في الجوهر: «أنا سورية، أنا النظام، أنا الدولة» وما تبقى من الشعب إما معي أو إرهابي.

قرارات أممية عدة غير ملزمة، صدرت عن مجلس الأمن والجمعية العامة، قرارات عربية من جامعة الدولة العربية صدرت عن مجلس الجامعة، كلها رماها الأسد في أقرب حاوية في قصره، ولو سألت أي سوري لقال لك كل هذه القرارات عند الأسد «حقها فرنك».

لا شكّ في أن مأساة السوريين وكارثتهم هائلة، لا بل هي مأساة العصر، ولا شك في أن خلافات المعارضة السياسية وانقساماتها مخجلة ومقرفة إذا ما قورنت بحجم الضحايا والدمار، ولا شك في أن هناك في العالم من هو صادق من الشعوب وبعض الأنظمة ويريد لسورية الحرية والسلام والخلاص من الطاغية. لكن ما هو مؤكد وبعد نهر الدم المستمر بالتدفق، أن الحل في سورية لا يمكن أن يكون إلا عسكرياً، وكل كلام عن الحل السياسي يقع في باب الترهات. وزيارة واحدة للحواجز في شوارع دمشق أو شوارع أي مدينة يسيطر عليها النظام ورؤية مقدار الرعب والخوف في وجوه الناس، سيجعل أي إنسان يدرك أن الطغاة لا يمكن إزاحتهم بالسياسة.

وفي ظلّ روع هذه اللحظة السورية ومأساتها، يتابع نظام الأسد ابتكارات إذلاله السوريين، ويصرّ عبر دموية غير مسبوقة في التاريخ، على أنه هو من سيعمّر البلد بعد أن ينتصر على الإرهاب، ويخترع منذ 2012 لأجل ذلك طابع «إعادة الإعمار» يدفعه السوريون كضريبة في معظم معاملاتهم اليومية.

فستالين وهتلر لو أفاقا من موتهما لقالا لبشار الأسد: لقد سبقتنا في «طابع إعادة الإعمار» هذا.

مصطفى علوش – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫3 تعليقات

  1. اخفقت ايها الكاتب بالمقارنه لايمكن ان يقارن هذا الكلب بهتلر او ستالين هتلر قاتل عدوه وستالين قاتل عدوه وكلاهما مجرمان لكنهم قاتلوا بشجاعه اما هذا السافل ابن العاهره قاتل من وقتل من واستعان بمن ضد من….قتل شعبه وهدم بلده وشرد اهله وعندما عجز عن الانتصار على الاطفال والنساء والشيوخ استعان بزبانيه اهل الارض من اشد الناس كرها وحقدا على الاسلام الروس والايراتيين واليوم مازالت الالات الدمار والقتل تعمل في الجسم السوري المنهك وللاسف ولا معتصماه ولا عمراه ولا سيف خالد ولا شجاعة علي تبا لهؤلاء الخكام والله ستسالون عن كل نقطة دم ازهقت في الشام وويل لكم من غدا ات

  2. نحن نعيش حالياً في عالم يدار من أعتى قوى الشر و الظلم و الغطرسة و الاستبداد في تاريخ البشرية . لم يعد صحيحاً أن يقال أن بشار أو بوتين أو خامنئي مثل فرعون أو أن حكام أمريكا مثل جبابرة عاد و ثمود ، فلقد تجاوز هؤلاء المعاصرون طغاة البشرية القدامى بمراحل.
    في عملية محدودة استمرت ما بين 6-10 أيام ، قام الإمبراطور نيرون بحرق روما لكن زبانية بشار و مسانديه تمادوا في القتل و التدمير و الحرق ما يصل إلى 5 سنوات و نصف حتى الأن و بطريقة لم يعرف التاريخ لها مثيلا من حكم يزعم أن هؤلاء شعبه و أن هذه بلاده. لكأني بأمير الشعراء “أحمد شوقي” يتحدث عن واقعنا الآن مع تغيير دولة كبرى بدولة كبرى فقط:
    وللمستعمرين وإن ألانوا *** قلوب كالحجارة لا ترق
    رماك بطيشه ورمى فرنسا *** أخو حرب به صلف وحمق
    إذا ما جاءه طلاب حق *** يقول عصابة خرجوا وشقوا
    دم الثوار تعرفه فرنسا *** وتعلم أنه نور وحق