إرتفاع مؤشر النمو في ألمانيا يفاجئ الخبراء

بعدما تراجع مؤشر النمو لمعهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ «أيفو» 2.1 نقطة نهاية آب (أغسطس) الماضي، سجل نهاية أيلول (سبتمبر) قفزة بلغت 3.2 في المئة، ليرتفع من 106.3 إلى 109.5 نقطة، ما فاجأ الخبراء وأرباب العمل، وأظهر الوضع الجيد للاقتصاد الألماني في ظلّ ظروف أزمة الدول المتعثرة في منطقة اليورو. وتُعدّ هذه الزيادة الأعلى المحققة منذ أيار (مايو) 2014.

وأفادت وزارة الاقتصاد والطاقة الألمانية التي استشفت مقدار هذا النمو قبل غيرها، في تقرير أصدرته منتصف الشهر الماضي، بأن «الانتعاش في ألمانيا لا يزال ثابتاً في موقعه»، لافتة إلى أن «وتيرة النمو الاقتصادي المسجلة في النصف الثاني من السنة، ستكون أقل مما تحقق في النصف الأول». ومعروف أن النمو في الربع الأول سجّل 0.7 في المئة وفي الربع الثاني 0.4 في المئة، فيما يُتوقع معدل 0.3 في المئة في الربع الثالث.

وأشار معهد «إيفو» المهم الذي يستطلع شهرياً مسؤولين في سبعة آلاف شركة ألمانية، الى أن التوقعات الاقتصادية لهؤلاء للفترة الحالية وللأشهر الستة المقبلة، تشير إلى «تحسن ملموس عما شهده في آب، بعدما رجح خبراء تسجيل ارتفاع طفيف في مؤشر النمو من 106.3 إلى 106.4.

وتعقيباً على النتيجة المفاجئة، قال رئيس المعهد كليمنس فوست «أمام الاقتصاد الألماني الآن خريف من ذهب». فيما أوضح الخبير في مصرف «دي زيد بنك» ميشائيل هولشتاين، أن «أحداً لم ينتظر حصول مثل هذا التبدل الإيجابي في الأجواء الاقتصادية في أيلول». ومع ذلك شكك قليلاً في الأمر، مشيراً «إلى وجود محاذير في الاقتصاد الدولي، تترك مجالاً للشك في أن تطول مدة التبدل الإيجابي المفاجئ كثيراً».

لكن الخبير الآخر في المصرف ذاته أندرياس شويرله ناقض تشاؤم زميله وآخرين، معتبراً أن «القلق الكبير الذي أبداه كثر بسبب التأثيرات السلبية المتوقعة عن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، لم ينعكس واقعاً على الأرض وبالتالي انتهى مفعول الخروج».

وعزت وزارة الاقتصاد، «التعثر المنتظر في النصف الثاني، إلى الظروف الاقتصادية التي لا تزال صعبة، يُضاف إليها قرار الخروج البريطاني الأخير من الاتحاد الأوروبي». وفي حين رأى خبير النمو في معهد «إيفو» كلاوس رابه، أن تأثيرات «البريكزيت» انعكست على الاقتصاد الألماني»، أعلنت وزارة الاقتصاد «أن الطلب من الخارج على الإنتاج الألماني عموماً والصناعي خصوصاً يتطور في شكل ضعيف، ما ينعكس سلباً على حجم الصادرات الألمانية». لكن الوزارة لفتت إلى أن قطاع البناء في ألمانيا يشهد «نمواً متزايداً، كما لا تزال سوق العمل في حالة جيدة جداً».

أما معهد البحوث الأوروبية في مانهايم «زد إي في»، فتوقع في تقرير أخير «تعافي النمو في البلاد بدءاً من آب بعدما عاد مؤشر النمو لديه إلى الارتفاع 7.8 نقطة إلى 57.6 نقطة، إثر انخفاضه 26 نقطة في تموز (يوليو) الماضي، حيث كان التراجع الأكبر له منذ أربع سنوات». وذكر ثلثا خبراء الاقتصاد والمال الـ 300 المستطلَعين من المعهد شهرياً، أنهم لا ينتظرون حدوث تغيير قوي على المدى المتوسط.

ويرى خبراء كثر من القطاعات الاقتصادية المتنوعة، أن الاقتصاد الألماني «في حالة جيدة جداً»، مشيرين إلى أن تأكيد مكتب الإحصاء المركزي في فيسبادن أن معدل النمو في الربع الثاني من السنة بلغ 0.4 في المئة بعد 0.7 في المئة في الربع الأول، دليل على سلامة اقتصاد البلاد».

وأكد معهد بحوث الاقتصاد في برلين «دي أي في»، أن الوضع الجيد للاقتصاد «سيستمر في الربع الثالث أيضاً ولو في شكل أخف بعض الشيء». ورأى آخرون أن سبب تباطؤ النمو في ألمانيا «يكمن في المحاذير الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في القارة، كما في أزمة تركيا وأوكرانيا واستمرار إسبانيا من دون حكومة شرعية، بل أيضاً في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفي التكتلات الرافضة للاتحاد الأوروبي التي تُوّجت بقرار بريطانيا الخروج منه».

ويعتقد هؤلاء أيضاً أن الانتخابات النيابية التي ستجرى في هولندا في آذار (مارس) المقبل، والانتخابات الرئاسية في فرنسا بعدها بشهر، ستكشف الاتجاه الذي ستسير عليه أوروبا. من هنا يمكن فهم البرنامج الذي طرحه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أخيراً، وتضمّن تخصيص صندوق استثماري بـ116 بليون يورو لدعم الاقتصاد الأوروبي في الدول المتعثرة، بهدف تأمين فرص عمل جديدة.

وأظهرت بيانات صادرة نهاية الشهر الماضي عن المفوضية الأوروبية، أن الثقة الاقتصادية في الدول الـ19 الأعضاء في منطقة اليورو «تجاوزت المتوقع بفضل انتعاش الثقة في القطاع الصناعي داخل أكبر الاقتصادات فيها». وارتفع المؤشر إلى 104.9 نقطة في أيلول مقارنة بـ103.5 في آب. بينما كانت التوقعات تشير إلى عدم حدوث تعديل مهم.

إلى ذلك، ارتفع مؤشر مناخ الأعمال إلى 0.45 نقطة في أيلول، وهو أعلى مستوياته منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2015، متجاوزاً توقعات خبراء بزيادة متواضعة. ولفتت المفوضية إلى أن «المعنويات الاقتصادية» تحسنت في أكبر اقتصادات منطقة اليورو، وهي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا. وزادت الثقة بقطاع الخدمات الذي يساهم في ثلثي الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو، من 9.9 نقطة في آب إلى 10 نقاط في أيلول، كما تحسنت ثقة المستهلكين من 8.2 إلى 8.5 نقطة. (الحياة)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها