” وصفة يابانية ” من ثلاث نقاط إلى السوريين لـ ” النهوض من الرماد “

يعكف باحثون يابانيون في جامعات عامة وخاصة ومراكز دراسات استراتيجية على زيادة الاهتمام بمتابعة تعقيدات الملف السوري من وراء المحيطات وبحث كيفية إفادة السوريين من تجربة اليابان في إعادة الإعمار و «النهوض من تحت الرماد».

ويضع رئيس «المعهد الياباني لاقتصاد الشرق الأوسط» كويشيروا تاناكا ما حصل في سورية في سياق «الربيع العربي» إذ أنه «صحيح أن بعض الأنظمة سقطت، لكن ذلك لم يؤد بعد إلى نتائج إيجابية ذلك أن المنطقة تمر في مرحلة التحول الكبير ولا نعرف كم ستأخذ من الوقت وفي أي اتجاه يسير التحول. هل سيؤدي إلى نتائج إيجابية أم أن المنطقة ستبقى في رمال متحركة؟».

بالنسبة إلى تاناكا، ستؤدي الحرب السورية إلى «تغيير حدود بلاد الشام، ولن يستطيع أي طرف سوري فرض إرادته على كامل البلاد ولن ينتصر أي طرف في شكل منفرد. لو أن النظام السوري كان يسيطر على 70 في المئة، لكان الروس ساعدوه على استعادة كامل البلاد. لكن الأمر مختلف. حتى روسيا لن تستطيع فرض إرادتها وفرض النظام لأننا رأينا شيئاً مشابهاً في أفغانستان، إذ أن الروابط الجامعة تتلاشى وعندما يغيب الانسجام بين الناس في الأزمة، فإن أطرافاً خارجية تستعمل ذلك لاستمرار الحرب»، إضافة إلى أنه «بعد فترة تفقد الدول اهتمامها بالوضع وتترك الأمور تستمر في أيدي أمراء الحرب» ما يؤدي مع مرور الوقت إلى «مناطق نفوذ بدعم إقليمي ومتداخلة من دون حدود واضحة وثابتة».

وقال تاناكا: «بعد ست سنوات لا نرى اتفاقاً أميركياً – روسياً ولا اتفاقاً إقليمياً. كل طرف قادر على إفشال اتفاق السلام وليس هناك أي طرف قادر على فرض اتفاق شامل» ذلك أن «المدهش أن الأمور بدأت بحثاً عن الديموقراطية، لكن نحن الآن في حاجة إلى وسائل غير ديموقراطية». لذلك، فإن سورية قد تبدو أنها في حاجة إلى «انتداب دولي» بحيث يتم فرض وقف للنار وتشكيل حكومة جامعة ثم مرحلة انتقالية وانتخابات، وقد يكون هذا في انتظار رئيس أميركي جديد الذي «يستعيد إحياء العلاقة مع حلفائه في الشرق الأوسط ويضغط للتفاهم على حل مع الرئيس فلاديمير بوتين الذي يريد الانتقام لسقوط الاتحاد السوفياتي وإسقاط حلفاء روسيا في الشرق الأوسط».

من جهته، يرى أستاذ دراسات الإسلام السياسي في جامعة طوكيو ساتوشي أكيوشي أن «الربيع العربي» أظهر «الفروقات الكبيرة بين جيوش المنطقة، بين دور الجيشين التونسي والمصري اللذين وقفا مع المتظاهرين والجيش السوري الذي وقف مع النظام»، مع إشارته إلى أن استمرار الحرب في سورية سيؤدي إلى «انتقال الناس إلى مناطق مريحة لهم على أساس طائفي». وبداية الحل بالنسبة إليه، فإنها تكمن في «محاسبة المسؤولين عن الجرائم للبدء من جديد».

أستاذ العلاقات الخارجية وجنوب غربي آسيا والعالم العربي هيروكي أوياما من بين المتابعين تفصيلاً للموضوع السوري منذ سنوات وملاحظته طبيعة النظام القائمة على «الشمولية الهجينة» المختلفة عن نماذج ما سمح له بالبقاء. وبسبب بعد اليابان عن سورية والمنطقة، فإن اليابانيين يميلون إلى اختصار الأمر بأنها «حرب أهلية بين الخير والشر، وغالباً فإن الخير سينتصر والشر الذي هو النظام وروسيا وإيران سيخسر». وجراء ذلك، فإن تقديمه رأيه يقوم على أساس أن الدعم الروسي – الإيراني للنظام سيؤدي إلى عدم سقوطه، لا يلقى قبولاً من شخصيات عامة، بل أن البعض يصفه بأنه «موال» لدمشق بسبب «الآراء الموضوعية» التي يقدمها منذ 16 سنة. لكن الاهتمام الياباني يتلاشى مع مرور الوقت ومتابعتهم للأمر «مثل متابعة أولمبياد أو جوائز نوبل». وقال: «لسوء الحظ فإن سورية تسير على طريق العراق بعد حرب الخليج. سلطة مركزية من دون سلطات مركزية».
على الأغلب، يُختصر الموضوع في عيون أحفاد «ساموراي» أن في سورية صراعاً دولياً – إقليمياً مع إدراك قليل لتفاصيل الأرض وتطوراتها. لذلك، فإن رئيس «معهد الدراسات الدولية» تاكاشي كواكامي الذي يتابع الحوار الاستراتيجي مع واشنطن لمعرفة انعكاسات ذلك على العلاقات مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية، «قلق من احتمال استمرار سياسات (الرئيس باراك) أوباما حتى في حال فازت هيلاري كلينتون بالرئاسة» الأمر الذي يتطلب أن يأخذ السوريون هذا في الاعتبار، في حين يرى يويتشي هوسويا أستاذ في كلية القانون جامعة كيو الخاصة، أن كلينتون ستغير سياساتها وستسعى لإرضاء حلفاء أميركا في العالم والحوار من موقع القوة مع روسيا للوصول إلى تفاهمات بما فيها عن سورية.

ومع اختلاف تقويم منعكسات التغيير الأميركي على مستقبل سورية والنظرة إلى الأطراف المحلية وعلاقاتها الإقليمية، يدرس الباحثون إمكانية نسخ تجربة اليابان في سورية التي قدر خبراء دوليون كلفة الدمار في البنية التحتية والاقتصاد بنحو 240 بليون دولار أميركي وسط تقديم اليابان مساعدات إنسانية بنحو 1.6 بليون بما في ذلك تمويل إعمار محطات كهرباء. وقال مدير «معهد الأبحاث للغات والثقافات في آسيا وأفريقيا» هيدميشور كوروكي أن «اليابان دمرت بالكامل، لكنها نهضت من الرماد»، في حين أوضح هوسويا: «المشكلة ليست في دمار الحجر، بل في الناس. اليابانيون أغلقوا حدودهم قبل 70 سنة وبدأوا ورشة بناء وعمل. إذا انتهت الحرب السورية وتشكلت حكومة جيدة مقبولة من الناس يمكن البدء من جديد». وأضاف إن إعادة الإعمار والإفادة من تجربة اليابان رهن ثلاثة أمور: «نوعية الحكومة السورية، مشاركة السوريين في المرحلة الجديدة، الدعم السياسي الدولي والإقليمي لهذه الحكومة» كما حصل مع اليابان التي انتهت قبل سنوات فقط من سداد أعباء قروضها الدولية.

ابراهيم حميدي – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

  1. للأسف فلا وجه مقارنة بين الحالة اليابانية والحالة السورية, ففي اليابان التي نهظت من تحت الرماد كان ابنائها جميعاً يقاتلون عدواً واحداً, أما في سوريا فبعض أبنائها يقاتلون بعضهم الأخر وبعض ابنائها يستعينون بأعدائها لمقاتلة إخوانهم. خلاصة كلامي, قد أكون متشائم بعض الشيء ولكن هذا الواقع, لن نخرج من هذه الدوامة قبل 10 أو 15 سنة قادمة

  2. ” لا نستطيع المقارنة بين الشعبين مطلقا فعدمنا دمرت اليابان كانت سيدة العالم وشعبها اقوى شعوب العالم ومن السهل اعادة تأهيله بسرعة غير انهم كانوا جميعا متحدين ولا خلاف بينهم وامبراطورهم كان على رأسمهم …اما السوريين كبقايا شعوب واديان ومذاهب وضعفهم على جميع الاصعدة وخصوصا التكنولوجية بسبب النظام الذي حاصرهم لنصف قرن غير مؤهلين لاعمار دولة اضف الى ذلك ان شعبهم الذي يدمره الجهل والحرب فقد اصبح شعب منكوب وطاقاته العقلية كلها قد هاجرت دون عودة عدا ذلك فموقع سورية قلب العالم وليست كاليابان وسيبقى الصراع عليها قائما كما اخبرنا التاريخ .

  3. للأسف الشديد شعب اليابان ليس مثل الشعب السوري اطلاقا . الشعب السوري 95% منافق ودجال ومخادع ومرتزق وواالخ

    هذه هي حقيقة الشعب السوري للأسف …