” حساسية الموضوع ” تزيد الأمر سوءاً .. فرانس برس : ” الدورة الشهرية ” كابوس إضافي للنساء في المناطق المحاصرة في سوريا

على غرار كل النساء، تكره هدى فترة الحيض الشهرية لا نتيجة الآلام أو تقلبات المزاج التي تسببها، بل جراء حرمانها من أبسط مستلزمات النظافة من فوط صحية ومياه صالحة في بلدتها المحاصرة قرب دمشق.

وتروي هدى عبر الهاتف من بلدة سقبا في الغوطة الشرقية، معاناتها جراء الدورة الشهرية خلال أربع سنوات من الحصار. وتقول “حين بدأ النقص في المستلزمات الصحية النسائية في العام 2012، تعذبت كثيرا”.

وتوضح هدى (23 عاما) التي تقدم نفسها باسم مستعار، كيف أنها لم تتمكن بسبب وضعها المادي، من شراء الفوط الصحية القليلة المتوفرة في البلدة بسبب ارتفاع ثمنها، لذلك كان عليها إيجاد حلول أخرى.

وتقول “أجبرت على استخدام الخرق القديمة، ولكن بدأت أعاني من مشاكل صحية كثيرة والتهابات، ثم قررت أن اشتري عددا قليلا من الفوط الصحية لاستخدم واحدة فقط طوال اليوم، لكي لا استهلك كثيرا”.

ولم يسعف هذا الحل هدى لأنها لم تتخلص من المشاكل الصحية، بل ازداد الأمر سوءا مع معاناتها من وجع في الكلى وارتفاع في درجة حرارتها وحرقة في البول، ليظهر لاحقا أنها مصابة بالتهابات في الكلى والمجاري البولية بالإضافة إلى التهابات تناسلية وفطريات.

وتضيف “أحاول أن أحصل على العلاج، لكن ذلك يتم ببطء”، لعدم قدرتها على تحمل كلفة الأدوية اللازمة والتي فقد الكثير منها أصلا بسبب الحصار.

ويعيش أكثر من 860 ألف شخص في مناطق محاصرة في سوريا حيث يعانون من نقص في المواد الغذائية والمياه والمحروقات والأدوية.

ويعد الحديث عن الدورة الشهرية في المجتمعات المحافظة في سوريا والدول العربية مسألة حميمة لا تناقش علنا، ما يزيد من الصعوبات التي تواجهها النساء.

“لن نعتاد العذاب”

وعلى رغم من أن الرزم الصحية التي توصلها المنظمات الدولية إلى مناطق محاصرة تتضمن عادة فوطا صحية، إلا أن النساء اللواتي تحدثت وكالة فرانس برس معهنّ أجمعن على أن الكميات غير كافية.

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنها أوصلت 84 ألف رزمة صحية تتضمن كل منها عشر فوط صحية الى المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول إليها في سوريا في العام 2016 مقارنة مع 17 ألفا في العام الماضي. لكن هذا الرقم يبقى غير كاف.

وتقول رانيا (18 عاما) المقيمة في مدينة دوما، أبرز معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، أن دورتها الشهرية بدأت تزامنا مع اندلاع الاحتجاجات ضد النظام السوري في العام 2011.

وتضيف رانيا، وهو اسم مستعار، لفرانس برس “في أول أحداث الثورة، كان كل شيء متوفرا، كنا نشتري الفوط الصحية والمسكنات بأسعار مقبولة، وكنت اغتسل بالمياه الساخنة، أما اليوم فبات كل شيء صعبا”.

وتضيف “إلى جانب عذاب الحيض، علي أن أجد طريقة لاغتسل بعدما بات توفر المياه وتسخينها أمرا صعبا جدا”، موضحة “أحيانا كنت انتظر يوما كاملا حتى تتوفر المياه للاستحمام”.

وتتابع بتردد قد نتمكن من تدبر أمورنا، ولكن “لا يمكن نعتاد عليه أبدا”.”

“انقطاع الدورة والحصار”

وتوضح مديرة مركز يعنى بالنساء في مدينة دوما ليلى بكري لفرانس برس إن العديد من النساء يلجأن إلى “الطريقة التقليدية” في ظل عدم توفر الفوط الصحية أو ارتفاع اسعارها، أي الاعتماد على قطع قماش.

لكن النقص الدائم في المياه يشكل عائقا أمامهنّ، فلا تتمكن النساء من غسل الأقمشة المستخدمة بالطريقة المناسبة.

وتقول بكري “لا توجد مياه في غالبية الأحيان، وإن توفرت من الصعب غسل الأقمشة في ظل انقطاع الكهرباء وعدم توفر الغاز”، وبالنتيجة تكثر الالتهابات والفطريات والأمراض النسائية لدى النساء.

وما يفاقم الوضع سوءا وفق بكري هو “قلة الأطباء المختصين فضلا عن الضغط الكبير على الأطباء الموجودين”. وتضيف “حتى إذ كشف الطبيب المختص على المريضة في الوقت المناسب وإذا تم تشخيص المرض، فإن الأدوية مفقودة وتحتاج إلى وقت لتأمينها”، كما أن نساء كثيرات غير قادرات أصلا على طلب الأدوية بسبب أسعارها المرتفعة.

ويصعب على المنظمات الدولية تسليط الضوء على التداعيات الصحية الناجمة عن نقص المستلزمات الصحية النسائية لاعتبارات اجتماعية وثقافية في المجتمعات المحافظة.

وتقول المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا انجي صدقي “بسبب حساسية هذا الموضوع، لم تجمع فرق التقييم الصحي المعلومات اللازمة حول أي تداعيات صحية”.

وبعيدا عن مناطق ريف دمشق المحاصرة، يعاني سكان الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سوريا أيضا من حصار خانق منذ حوالى أربعة أشهر.

وتروي براء (اسم مستعار)، وهي ممرضة تعمل مع طبيبة نسائية، كيف “تضطر المرأة إلى أن تمزق قطعة قماش لتستخدمها وطبعا تكون غير معقمة”.

وتضيف “من دون مياه نظيفة ومع قلة النظافة الشخصية، بتنا نشهد حالات التهابات نسائية وتقول الطبيبة التي أعمل معها أن العدد ازداد كثيرا هذا الشهر”.

كما يترك الخوف والتوتر نتيجة القصف العنيف والهجمات تأثيراته على صحة الناس.

وتقول براء “جاءتنا نساء انقطعت عنهن الدورة الشهرية مثلا (بشكل مفاجئ)، فالتوتر والقلق يلعبان دورا كبيرا أيضا”. (AFP)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. مع الاسف السبب ان الحرب فی سوریا لیس بالسوری… اذا کان سوری یواجه سوری فکان القیادی ینظر الی اهله المحاصرین مثلا و قبل بالخروج المسلحین(او المدنیین) من المناطق المحاصرة لینتهی المعانات المدنیین… ولکن الذی هو السید القرار هو خلف الحدود و اهله و عائلته فی الراحة و لایهمه اذا قتل الناس فی المحاصرة ام لا… هو یهتم انه کیف یاخذ الربح السیاسی و الفوز السیاسی… و ان یکون ثمنها المعانات الناس… آه یا الشعب اصحوا