على الساحل الشرقي الأميركي .. هكذا رحبت مدينة بلاجئين سوريين
في ذلك المساء الخريفي البارد على ضفاف بحيرة” آري” المدينة الحدودية على الحدود الأميركية الكندية، كانت عائلة كزي تحضر طفلتيها للذهاب في ساعات الصباح الأولى إلى المدرسة الحكومية المجاورة لمسكن العائلة بعد طول انتظار ورحيل بدأ من سورية عبورا لتركيا ووصولا أخيرا إلى هذه المدينة الحدودية بولاية بنسلفانيا على الساحل الشرقي الأميركي.
عائلة ” كزي ” واحدة من مئات العائلات العربية التي اختارت هذه المدينة بجهد جماعي مثير للإعجاب والتقدير، استقبالها وفتح أبواب اللجوء أمامها في سلوك إنساني يعبر عن كثير من التعاطف مع محنة اللاجئين العرب من دول سورية والعراق، وآخرين من السودان ودول إفريقية مجاورة تعيش أزمات سياسية وأمنية باتت تهدد حياة ملايين الناس، ولا توفر الحد الأدنى من أسباب الأمن لنسائها وأطفالها ورجالها.
كان السؤال الذي حملته في تفكيري وأنا أقطع المسافة من واشنطن إلى آري عبر طريق طويل جدا يمتد لثمانية ساعات كاملة لم يخفف من وطأتها سوى تلك المشاهد الخريفية التي تسعد القلب بالنظر إليها ..
السؤال كيف يمكن لمدينة صغيرة الحجم والموارد أن تتكلف بإعادة إيواء وإدماج 300 عائلة كاملة خلال عامين برجالها وأطفالها، وتحمل تكاليف هذه العائلات منذ لحظة استقدامها سواء من مواطنها الأصلية أو مواطن اللجوء إلى الولايات المتحدة.
لم يطل تفكيري طويلا والمساعدة الاجتماعية “هبة الصابونجي” العاملة لدى الجمعية الكاثوليكية بآري ترحب بي في شوارع المدينة قبل أن تقول لي إن هذا الجهد الذي تقوم به الجمعية التي تعمل لها هي شخصيا، هو جزء من جهود المدينة بكاملها بمؤسساتها الحكومية وجمعياتها الخيرية العاملة في الشأن الإنساني، فالجميع هنا اختار مساعدة هذه العائلات وإدماجها في الحياة العامة وبصورة خاصة بالمسارعة بإلحاق الأطفال بالمدارس الحكومية وتمكينهم من فرص التعليم وبدء مسار الحياة الأفضل.
حكاية الصابونجي هي أيضا لافتة جدا، فما تقوم به حاليا من مساعدة للآخرين عبرته هي شخصيا بكل تفاصيله في المدينة بدءا من لحظة لجوئها بمعية عائلتها من العراق إلى الولايات المتحدة قبل سبع سنوات وإلى هذه المدينة تحديدا التي أمدتها وعائلتها بالاحتواء وتمكينها من تجاوز كل المراحل والتحول إلى مواطنين أميركيين ينعمون بكل فرص الحياة المتاحة لبقية سكان المدينة.
هذه التجربة الشخصية ساعدت كثيرا هبة في تفهم الحاجيات الأساسية لهذه العائلات ومساعدتها على الاندماج في أجواء الحياة هنا في آري، حتى وإن كانت وهي تفعل ذلك تدرك جيدا أن عملية التحول في حياة هؤلاء ليست بالمسألة اليسيرة أو الهينة عليهم بحكم الانتقال من عالم إلى آخر ومواجهة ثقافة ولغة مختلفة تماما عما ألفوه وعايشوه سابقا.
في ذلك الصباح حضرت هبة بسيارتها إلى مقر إقامة عائلة “جوان حسن كزي” لأخد طفلتيها إلى المدرسة بعد استيفاء جميع الإجراءات الإدارية والقانونية والطبية، وهي تقول عن هذه التجربة إنها كثيرا ما واجهت حالة من المشاعر المفعمة من العائلات القادمة إلى المدينة بعد يأس طويل جدا من إمكانية التحاق أطفالهم بالمدارس والحصول على فرص التعليم وأكثر من ذلك الخوف من أن يكبروا من دون أن تكون لهم فرص التعلم وهو ما يعرض حياتهم إلى الكثير من المخاطر والمعاناة لكنهم أخيرا يجدون هذا الاستقبال وهذا الترحيب والقبول في مدارس المدينة بل أكثر من ذلك أن هذه المدارس تضيف إلى برامجها التعليمية برامج استدراكية في مواسم الصيف حتى تساعد الأطفال اللاجئين على اللحاق ببقية زملائهم.
تأخذني الصابونجي إلى أجواء عملها اليومي، ونحن نقطع أطراف المدينة الهادئةعندما تشير إلى أنها هي من تقوم باستقبال العائلات العربية من لحظة قدومها إلى المدينة في المطار، وهي المسؤولة أيضا عن تأجير البيوت لها، إضافة الى توفير الأثاث والغداء الكافي لهذه العائلات على أن تبدأ عادة الإجراءات الإدارية لتسجيل هذه العائلات وبدء عملية استفادتها من جميع البرامج التعليمية المخصصة لها، إضافة إلى جميع المراجعات الطبية التي تحتاجها هذه العائلات.
في الصباح الموالي اصطحبت عائلة كزي بأفرادها الخمسة الأب والأم والأبناء الثلاثة اليافعين إلى عيادة الطبيب روبرت المسؤول عن الملف الطبي للعائلات اللاجئة إلى المدينة.
يقول لي هذا الطبيب إنه يشعر بسعادة خاصة تتجاوز بكثير ممارسة المهنة اليومية العادية في عيادته العائلية، إنه هنا يقدم مساعدة لعائلات عانت الكثير من الأزمات المختلفة الصحية والمادية والاجتماعية في حياتها، وبعض أطفال هذه العائلات يحتاج إلى رعاية يومية من قبله والفريق العامل معه جراء الحياة لفترات طويلة في المخيمات.
يقول إن فريقه الطبي يضم مساعدين من أصول عربية وهو الأمر الذي سهل عليه كثيرا فهم أوضاع هذه العائلات ومساعدتها صحيا وتأهيل أطفالها للالتحاق بالمدارس بأسرع وقت ممكن.
كانت عيادة الدكتور روبرت في ذلك الموعد الصباحي الباكر جزءا مستقطعا من حياة عربية بالكامل، أطفال وأمهاتهم ينتظرون في قاعة الانتظار، واللغة السائدة في المكان عربية بلهجاتها المختلفة من العراق ومن سورية ومن السودان وجميعهم هنا يتلقى الرعاية اللازمة ويجد الأجوبة الكافية لأسئلته عن نتائج تحاليله الطبية ومواعيد علاجه عند الأطباء المتخصصين كل حسب حالة المريض.
حسن كزي هذا اللاجئ السوري إلى تركيا لسنوات عديدة، يعود بذاكرته إلى لحظة يصفها بالصعبة عليه وعلى أولاده من حوله عندما اختار الخروج من دياره واللجوء إلى الجيران الأتراك، وبعد أن استنفد ما حمله معه وجد نفسه مضطرا للعمل في ما هو متاح أمامه وأولاده من أعمال لتأمين مطالب العائلة الواسعة بأولاده الشباب الثلاثة ورابعهم جوان المتزوج والأب لبنات ثلاث.
يقول عن ذلك اللجوء إنها تجربة أشعرتهم دوما أنهم لاجئون بصفة مؤقته في اسطنبول، وإن العودة إلى ديارهم باتت تبعد عنهم أكثر فأكثر إلى أن جاءت موافقة الأمم المتحدة على مساعدته وعائلته باللجوء إلى الولايات المتحدة، وهنا فقط وجد طريقه إلى الأمان كما يقول منذ لحظة وصولهم إلى هذه المدينة وبدء رحلة الحياة الجديدة، خاصة في ظل تلك الرعاية الصحية التي لقيها هو شخصيا وزوجته في العيادة العائلية للدكتور روبرت.
يومان كاملان قضيتهما في آري بين اللاجئين العرب، كانت الروح السائدة في المكان عالية جدا ومزدحمة بالآمال لأمهات وآباء يسعدون أكثر من أي شيء آخر لأطفال يرونهم يأخذون حافلات المدارس الحكومية في كل صباح ويجدون هناك كل أنواع الرعاية ومساعدة اجتماعية ترعى مواعيدهم الطبية بالتزام وانتظام،
هنا فقط قال لي جميعهم إنهم يشعرون بسعادة عميقة لهذا التحول الذي يحدث في حياتهم وهم الآن جاهزون لبدء أي نوع من الأعمال التي يمكن أن تعرض عليهم بعد استيفاء شروط التأهيل اللغوي والقا نوني لأجل ضمان تعليم أولادهم.
ومع ذلك، ظل سؤال المدينة عالقا في تفكيري ويتطوع “جوزيف هاس” رئيس الجمعية الكاثوليكية وقائد هذا الجهد الإنساني الكبير ليقول إننا نقوم بجزء بسيط من واجب إنساني كبير تجاه أمتنا الأميركية أولا وتجاه إنسانيتنا وقيمنا ثانيا.
تلك القيم الجميلة التي لم يتخل عنها هؤلاء اللاجئون القادمون من وراء الأطلسي وفي ظروف قاسية جدا، ومع ذلك وجدوا في قلوبهم متسعا من المحبة ليحيطوني بها وفريق التصوير ليومين كاملين بينهم وبين قصصهم الموجعة عميقا للقلب لكنها تكتب الآن بنهاية سعيدة وحالمة.
رابح فيلالي – الحرة[ads3]
الله جعله يجيكم لاجئ نصيري حتى تعرفوا الفرق
بس يستلم ترامب لن يقبل بأي لاجئ مسلم لانه كل الارهاب من انتاجهم و سيعيد هؤلاء من حيث اتوا
الجمعية الكاثوليكية بأمريكا تستقبل اللاجيئن والجمعيات الاسلامية مشغولة بنشر الدعوة والدعاء على الكفار والمشركين
هي مشكلتنا نحنا بنسأل يا ترى الميت بيسمع ولا لأ؟ يا اخي ميت تركوه و شتغلو عشي شغلة تنفعكن بهالدنيا!!