روسيا تنتقم لسفيرها في سوريا
في التاسع عشر من كانون الأول/ديسمبر اغتيل السفير الروسي في تركيا أندريه كارلوف بعد أن أصابه مسلح بجروح قاتلة خلال إلقائه كلمة في معرض للصور الفوتوغرافية في أنقرة. وقد صرخ المسلح باللغة التركية: »لا تنسوا حلب! لا تنسوا سوريا! طالما إخواننا ليسوا آمنين، فلن تتمتعوا بالسلامة«. وجاء مقتل كارلوف قبل يوم من انعقاد اجتماع رئيسي حول سوريا في موسكو بين المسؤولين الروس والأتراك والإيرانيين.
وقد يكون من المغري أن نستنتج بأن اغتيال السفير الروسي قد يتصاعد ويتحول إلى صراع عالمي. إلا أن ذلك بعيد الاحتمال. وبالأحرى، من المرجح أن يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصعيد [الأوضاع العسكرية] في سوريا، في حين قد تواجه تركيا تحديات داخلية متنامية. وقد أوضح كل من بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وجه السرعة بأنهما يعتبران “الإرهاب” العدو [الرئيسي]، بدلاً من بعضهما البعض.
ووفقاً لـ “وكالة ريا نوفوستي”، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن روسيا تعتبر عملية الاغتيال عملاً إرهابياً. وأضافت أنه سيتم إجراء تحقيق دقيق، وستتم معاقبة المذنبين، وأن روسيا ستثير هذه “القضية” في مجلس الأمن الدولي.
وقد سارع أيضاً مسؤولون روس كبار آخرين بوصف عملية الإغتيال كعمل من أعمال الإرهاب، وربط بعضهم ذلك مباشرة [بالأحداث الجارية في] سوريا. ووفقاً لصحيفة البرلمان الرسمية “بارلمينتسكايا غازيتا”، قال عضو مجلس الدوما (البرلمان) الروسي فلاديمير دجاباروف، “جوابنا هو تدمير الإرهابيين في سوريا”.
وأضاف أن روسيا، على عكس الدول الغربية، هي البلد الوحيد الذي يحارب الإرهاب حقاً في الوقت الراهن. ومن وجهة نظر دجاباروف فشلت تركيا في حماية الدبلوماسي الروسي، إلا أن تركيا نفسها ضحية للإرهاب، وبالتالي فإنها تحتاج أيضاً إلى الحماية.
وقالت نائبة أخرى في مجلس الدوما الروسي إيرينا ياروفايا، التي هي زعيمة “حزب روسيا المتحدة” الذي يترأسه بوتين، والتي عملت مؤخراً بالإشتراك مع سيناتور آخر على صياغة وإقرار مجموعة قوانين لمكافحة الارهاب على النمط السوفيتي بأن روسيا هي التي “تفهم وتتفهم” مخاطر الإرهاب ودعت العالم إلى “توحيد [عملياته] في مجال مكافحة الإرهاب”. ومن جهة أخرى، قال رئيس “لجنة الشؤون الخارجية” في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي بأن الهجوم كان من الممكن أن يكون “عملية استفزاز” نُفذت من قبل شخص يرغب في عرقلة العلاقات المستعادة حديثاً بين روسيا وتركيا. وقد أكد ذلك أردوغان نفسه يوم الاثنين.
وفي هذا السياق، من الصعب أن نرى كيف من المحتمل أن يتصاعد هذا الوضع إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة. وبدلاً من ذلك، تشير التعليقات من قبل المسؤولين الروس بأنه من المرجح أن تكون سوريا هي الضحية لهذه المأساة. إلا أن تركيا ستواجه أوقاتاً عصيبة. فالبلاد تتوقع استقطاب ثلاثة ملايين سائح روسي في عام 2017. ولكن من غير المرجح أن يحدث ذلك في الوقت الراهن، كما أن الاقتصاد التركي، أخذ يتراجع بالفعل، وسوف يستمر في معاناته.
ومن جانبه، قد يكون أردوغان، قد كسب ولاء بوتين، إلا أن مقتل كارلوف يُظهر أن الشعب التركي لا يقتنع بذلك بنفس السهولة. وهناك الكثير الذي لا نعرفه – كما أن الرجل الذي قتل كارلوف لم يعد قادراً على الكلام، ولكن كلماته الأخيرة تشير إلى أنه قام بعمله بدافع من الغضب بسبب [قيام الروس بزعامة] بوتين بقتل المدنيين السنة في سوريا، وتواطؤ أردوغان مع بوتين.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا الحدث المأساوي يؤكد الانقسامات القائمة داخل المجتمع التركي، كما عكس ذلك الانقلاب الأخير في تركيا. ومن جانبه يمكن لبوتين أيضاً أن يستغل هذا الوضع لكسب المزيد من النفوذ على تركيا لدفعها حتى [إلى اتخاذ مواقف] تكون أقرب إلى موقف روسيا بشأن سوريا.
ويُعتبر قتل الدبلوماسيين الروس أمراً نادراً، ولكنه حدث من قبل، ولا بد للكرملين أن يرد على ذلك. ومثال واحد على ذلك ما حدث في عام 1986، عندما قام عنصر من «حزب الله» باغتيال دبلوماسي سوفياتي واحد واختطف عدة دبلوماسيين آخرين في بيروت. ورداً على ذلك، قام جهاز المخابرات السوفيتي “كي جي بي” بإخصاء أحد أقارب قيادي في «حزب الله» كان مضطلعاً في عملية القتل وأرسلوا إليه أجزاء جسد قريبه. ولا نعرف حتى الآن ما الذي سيكون رد بوتين، ولكن بإمكاننا أن نتوقع رداً قوياً. وفي غضون ذلك، ستظل سوريا تحترق [وتبقى غير مستقرة].
آنا بورشفسكايا – نيويورك ديلي نيوز – معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى
* العنوان لعكس السير[ads3]
الكلمات التي رددها القاتل هي كلمات وافكار يصدح بها اردوغان نفسه واجزم بان اردوغان الغادر هو نفسه من لقنه هذه الكمات