تجربة ناجحة لعقار يقتل الخلايا السرطانية

جرب العلماء عدداً من العقاقير الجديدة التي تسللت عبر ثغرة في ميتابولزم الخلايا السرطانية إلى داخل هذه الخلايا وأوقفت نموها، بل وقتلتها أيضاً عند إضافة مادة كابحة لها. وكتب العلماء في مجلة”سيل ريبورت” ان العقاقير دفعت هذه الخلايا إلى كشف الطرق التي تتزود من خلالها بالمواد المغذية، كما أدت إلى استنزاف احتياطها من المواد الغذائية، ومن ثم إلى الموت.

وكان الباحث براين أ. فان تاين كشف في البداية عن وجود هذه الثغرات الميتابولية في عمل الخلايا السرطانية، وتوصل إلى أنها تقل وتكثر بحسب نوع السرطان. وكتب يقول ان هذه الثغرات تكثر بشكل ملحوظ في نوع نادر من السرطان المسمى”الساركوما”، وهو نوع من الأورام السرطانية التي تصيب العضلات والعظام والأنسجة الشحمية والغضاريف.

وغالباً ما يعالج الأطباء الساركوما بعمليات الاستئصال الجراحية والاشعاعات والأدوية الكيميائية، إلا انها طرق علاجية لا تبعد شبح الموت كثيراً عن المصاب بهذا النوع الخبيث من الأورام، وفق ما اوردت صحيفة إيلاف السعودية، وتفتح الدراسة على العقاقير الجديدة أبواب الأمل أمام معالجة هذه السرطانات بالعقاقير ذات الأعراض الجانبية القليلة.

ويسمى سرطان الساركوما سرطان”كابوشي” أيضاً نسبة إلى مكتشفه النمسوي (الهنغاري الأصل) موريتز كابوشي (1873-1902). ويعتبر من الأنواع السرطانية النادرة لأنه يصيب 15 ألفاً في السنة في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا يشكل1% فقط من مجموع أنواع الأورام السرطانية.

ويصيب الساركوما العظام بنسبة 50% والأنسجة بنسبة 30% وبقية العضلات والشحوم بنسبة 20%.

وتم تشخيص وجود مثل هذه الثغرات في عملية استقلاب الخلية الساركومية في90% من هذه الأورام، بحسب تقرير الباحث فان تاين.

وأضاف ان سبب بحثه عن ثغرة في نظام الاستقلاب في الخلايا السرطانية هو العثور على عقاقير تؤثر في الخلايا السرطانية فقط ولا تؤثر في الخلايا السليمة. فخلايا الانسان السليمة لا تعمل وفق نفس نظام الاستقلاب، ولا تحتوي على ثغرة مماثلة.

وتعمل العقاقير على كسر حلقة عملية الاستقلاب وتقطع طرق الامدادات، لأن الخلايا السرطانية بحاجة إلى امدادات غذائية. وكانت الطرق العلاجية السابقة، مثل العلاج الكيماوي والشعاعي، تصيب الخلايا المريضة والسليمة. وإذا كانت هذه الطرق تضعف الخلايا السرطانية، فانها لا تقتلها، ولا تقطع طرق امداداتها.

وكتب الباحث ان العقاقير الجديدة تعتمد في الأساس على تجريد خلايا الساركوما السرطانية من إمكانية إنتاج الأرغنين. وهو بروتين تنتجه الخلية السرطانية ويعتبر حجر الأساس في عملية الاستقلاب داخلها. والمشكلة ان الخلية السرطانية، عند تجريدها من الأرغنين، تلجأ إلى طرق امدادات خاصة لتزويد نفسها من الأرغنين الموجود في دم الإنسان.

ومن الممكن استخدام العقاقير الجديدة، فضلاً عن وقف انتاج الأرغنين في الخلية السرطانية، في قتل الأرغنين في الدم وانهاء المشكلة، إلا ان الارغنين مهم بالنسبة لجسم الإنسان. ولذلك فقد تركزت الابحاث على عقاقير تقطع طرق الامدادات فقط وتدفع الخلية السرطانية” لالتهام” نفسها.

وذكر الدكتور جيف س. كريمر، الذي ساهم في الدراسة إلى جانب فان تاين، ان فريق العمل تخطى مرحلة تجربة العقاقير الجديدة على الساركوما.

ويستعد فريق العمل لتجربة العقاقير على أنواع الأمراض السرطانية الأخرى مثل سرطان الكبد والرئة والبنكرياس وغيرها.

وأضاف كريمر انهم توصلوا إلى ان الخلايا السرطانية، عند تجريدها من القدرة على إنتاج الأرغنين، قادرة على تغيير دورتها المتابولية من الاعتماد على حرق الغلوكوز، إلى الاعتماد على حرق الغلوتامين. وهكذا نجحوا في استخدام مادة كابحة للغلوتامين لقطع كامل عملية الاستقلاب الجديدة في الخلية لسرطانية. وثبت ان مزاوجة العلاج بالعقاقير الجديدة والمادة الكابحة للغلوتامين قتل الخلايا السرطانية.

ومعروف أن طرق معالجة السرطان الحديثة لا تدعو إلى مهاجمة الورم السرطاني مباشرة، كما في الطرق التقليدية ، وإنما إلى قطع إمدادات الغذاء والأوكسجين وعوامل النمو الأخرى عنها.

وتعتبر هذه الطريقة البيولوجية الجزيئية أحد أهم توجهات الطب الحديث اليوم والتي تحمل اسم طريقة “ضد الانجيوجينيز” أو وقف نمو الأوعية الدموية الدقيقة إلى النسيج السرطاني. ويأمل البروفيسور كليمنز اونغر، من عيادة فرايبورغ لبيولوجيا السرطان، أن ينجح في طرح أول عقار مضاد للأنجيوجينيز إلى الأسواق في العام القادم.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها