مبروك عليك العراق و سوريا و لبنان يا إيران !

قال لي ديبلوماسي وخبير إيراني قبل أشهر كلاماً مؤلماً جداً. قال: «أنتم العرب تزرعون، ونحن الإيرانيين نحصد. ساهمتم كثيراً مثلاً في تدمير العراق، ثم سقط في حضننا كالثمرة الناضجة». أليس في كلامه الكثير من الحقيقة؟ إذاً قبل أن نتباكى على سوريا ولبنان واليمن الآن تعالوا نرى كيف بعنا العراق، وسلمناه لإيران على طبق من ذهب من قبل، وكيف راحت أمريكا تساوم الإيرانيين لا العرب على العراق. والسبب أن السياسة كالطبيعة لا تقبل بالفراغ، وإذا حدث فراغ ما فلا بد أن يملأه أحد، وهذا بالضبط ما فعلته إيران في العراق، فقد وجد الإيرانيون أن بلاد الرافدين أصبحت رزقاً سائباً ينهبه كل من حط بأرض العراق باستثناء العرب طبعاً. لقد كان العرب أول من ذبح العراق، لكنهم أبوّا إلا أن يتركوا الذبيحة للآخرين. ولا اعتقد أن إيران جديرة باللوم أبداً في التهام الذبيحة العراقية، ففي عالم السياسة حلال على الشاطر وليذهب الأغبياء إلى مزبلة التاريخ.

إن المتباكين على سوريا ولبنان واليمن الآن، يجب أن يعرفوا كيف خسرنا العراق كقطر عربي. كفانا تعييراً للعراقيين بالانسلاخ عن أمتهم العربية والاتجاه شرقاً. ماذا تتوقع من شعب شارك العرب في ذبحه من الوريد إلى الوريد، وكانوا سباقين إلى التآمر عليه وحصاره ومنع حتى أقلام الرصاص عن تلاميذه؟ هل تريد من ذلك الشعب أن يهتف باسم العروبة ويصيح: أمجاد يا عرب أمجاد، أم من حقه أن يلعن الساعة التي وُلد فيها عربياً؟

لا أدري لماذا ظن البعض أن العراق عربي لمجرد أنه عضو مؤسس في الجامعة العربية. ألم يكن حرياً بهم أن يعلموا أن تلك العضوية عضوية فارغة وغير قابلة للصرف في أي بنك، وأنها ليست ضماناً بأي حال من الأحوال للحفاظ على عروبة بلاد الرافدين؟ لماذا لم ينتبه أدعياء العروبة والإسلام إلى تلك الحقيقة الساطعة وهي أن العراق يقع عند البوابة الشرقية للعالم العربي، وفي اللحظة التي يختفي فيها حراس تلك البوابة فإن الإيرانيين سيدخلونها فوراً، خاصة وأن العراق يمثل للإيرانيين المدخل الأهم على المنطقة العربية لتصدير ثورتهم. ولو لم يقاتل العراق ثماني سنوات ضد إيران لتم تصدير الثورة الإيرانية إلى العرب بعد أيام فقط من هبوط طائرة الخميني في طهران. لماذا نسي العرب أنهم بذّروا مليارات الدولارات لمساعدة العراق في حربه ضد إيران؟ لماذا لم يلحظوا أن العراقيين الذين عادوا على ظهر الدبابات الأمريكية كانوا في معظمهم من الأحزاب التي رعتها إيران لأعوام كحزبي المجلس الأعلى والدعوة، وهم بالتالي سيتحالفون مع الإيرانيين فيما بعد بشكل طبيعي؟ لماذا لم يعوا أيضاً أن إيران استطاعت أن تخلق لها قاعدة قوية متقدمة في لبنان وسوريا واليمن البعيد عنها جغرافياً؟ وبالتالي كان من السهل جداً عليها أن تفعل الشيء نفسه في حديقتها الخلفية، العراق، خاصة وأن التربة والظروف مهيأة لذلك أكثر من بقية البلدان بمائة مرة بسبب التماس الجغرافي والخلفية الدينية والتداخلات التاريخية بين البلدين والأطماع الإيرانية القديمة.

هل تستطيع أن تـُبعد أكثر من نصف الشعب العراقي عن إيران لمجرد أن جنسيته عربية في جواز سفره؟ بالطبع لا. لقد كان حرياً بالمهتمين بالأمة العربية، إذا كان هناك مهتمون فعلاً، أن يعوا أن الرابط الطائفي قد يتفوق على الرابط القومي في العديد من الدول العربية، خاصة وأن معظم الأنظمة العربية الحاكمة كرست الطائفية والقبلية والعشائرية بدلاً من خلق دولة المواطنة، وبالتالي فمن السهل جداً أن تستقطب هذه الطائفة أو تلك لصالح دولة أخرى كما شاهدنا في العراق ودول عربية أخرى. إن الاصطفاف الطائفي السريع في العراق أثبت كم هي بعيدة دولنا عن مفهوم المواطنة، وكم هي سهلة على الفرز والاستقطاب! لماذا نلوم المائلين باتجاه إيران في العراق إذا كان الآخرون يميلون باتجاه العرب على أساس طائفي أيضاً، علماً أن القوات الغازية لم تدخل العراق من جهة إيران بل عبر أراض عربية سنية؟

ليس من حق أحد أن يلوم العراقيين على الاحتماء بإيران والإصغاء إلى رجال دينها في العراق. ولا أبالغ إذا قلت إن هناك شرائح عربية كثيرة مستعدة للحاق بإيران والانسلاخ عن الدول العربية لو اتيحت لها الفرصة، ليس فقط بسبب التفرقة ضدها في هذا البلد العربي أو ذاك، بل أيضاً لأن الانتماء إلى إيران أصبح أجدى بكثير من الانتماء إلى ما يُعرف بالأمة العربية. فبينما تتسول الدول العربية جمعاء الحماية الأجنبية، وتبذر ثرواتها على أمور سخيفة، وتتآمر على بعضها البعض بطريقة مفضوحة ودنيئة، وتقمع أي حركة مقاومة حرة، وترفع شعار أنا ومن بعدي الطوفان، ها هي إيران تجمع شتات شيعتها من كل أصقاع العالم ليكونوا صفاً واحداً تحت امرتها، وها هي تنافح الغرب بقوتها العسكرية، مع العلم أنها على حدودنا، وتشترك معنا في إرث إسلامي وشرقي واحد.

من يستطيع أن يلوم العراق على الإنضواء تحت اللواء الإيراني بعدما نبذه أبناء جلدته الأقربون وتآمروا عليه، وباعوه بالجملة والمفرّق، وجعلوه يكفر بعروبته؟ لقد كان العراق جزءاً مما يسمى بالوطن العربي لثلاثة أرباع القرن، وقد حاول فعلاً أن يحمل مشعل النهضة العربية بعد أن نجح في القضاء على الأمية تماماً، وأسس صناعة حربية عز نظيرها، وبنى مفاعلاً نووياً، واستثمر المليارات في النهضة العلمية، ونافس الغرب بمستشفياته وأطبائه، لا بل كان يستورد البقدونس بطائرات خاصة من شدة البطر والرفاهية، لكن بعض «أشقائه» مثلاً سهـّل للإسرائيليين مهمة قصف مفاعل تموز النووي الذي وصفه صدام حسين ذات مرة بـ»عز العرب».

أيها العرب، قبل أن تتباكوا إذاً على سوريا ولبنان واليمن التي تساقطت في الحضن الإيراني كالثمار الناضجة، عليكم أن تعرفوا أن الذي باع بغداد لن يشتري دمشق ولا بيروت ولا صنعاء.

الحقيقة مرة أيها العرب، لكنها كالدواء إذا أردتم أن تعالجوا المرض.

فيصل القاسم – القدس العربي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫9 تعليقات

  1. برائيي ان من باع الثورة هم العربان الذي نامو على افخذ ؟؟؟؟ وجلبوا الطامات للامة العربية اليس هم من يتامرون على تركيا اليس هم من يدعمون روسيا اليس هم من يدعمون ايران اليس اليس هم من اسقطو حكم الاخوان في مصر اليس هم من يدعمن دكتاتور الجزائر اليس هم من يتامرون على العرب والمسلمين في كل مكان اليس هم من يدعمون الاسد ان حجم الشركات التي يملكها ال الاسد في الخليج والسعودية تتجاوز 720 مليار دولار والتي الى اليوم تعمل ان من دمر الثورة في سوريا هم نفسهم من باعو بغداد فليشهد التاريخ انه بحال سقطت الثورة السورية والغوطة الشرقية في دمشق بيد النصيرين واشياعهم سنبايع ال الاسد والصفوين على تدمير دول الخليج والسعودية وسنكون في المقدمة في جيوشهم لنذيق ال سلول والعربان ما اذاقوه من خيانة للامة العربية وسنسقط كراسيهم ان لم يكن اليوم سيكون غداً وليعلموا اننا سنتحول من المذهب السني الى المذهب الشيعي يكفي ان الشيعة اسود وقادة السنة اذناب حمقى اغبياء

  2. منذ ان عرفناك في برنامجك الاتجاه المعاكس تعطي دائما نصف الحقيقة وتحتفظ بالنصف الثاني للمعاكس وتحاول ان تمسك العصا من منتصفها ولم يكن لك موقفك ثابت سوى موقفك من النظام السوري وهذا يكفيك فخرا وشرفا ولعله السبب الاهم ان لم يكن الوحيد لالتفاف ملايين المعجبين حولك ومساندتهم لك بالمتابعة والرأي والمديح
    لاشك ان هنالك تقصيرا عربيا لا تخطئه عين ولكنك تحمل ذلك للعربي الذي ضحى ولازال بملايين الشهداء للتخلص من السبب الحقيقي لمصيبته وهم حكامه ولا تجد غضاضة من مديح بعضهم وتلعن الاخرين والامثلة كثيرة ولن اطيل عليك انت بالنهاية صحفي يحترف الاثارة وكما قلت فان موقفك من النظام القاتل في دمشق يشفع لك كل هذا الغرور احيانا والمواربة في اكثر الاحايين

  3. نحن من باع الأسلام وسوريا والعراق ولبنان وليمن بس في امة احسن منا الأن تسعى إلى ان لا تسلم بلدان المسلمين لا لأمريكة ولا لأيران ولا لجيش الحر اللذي هادنة على دماء المسلمين مرات عديد وناسا ارواح الشهداء في المظاهرات اللتي قامت دون سلاح فقت قالت الله أكبر ونحن كذالك هربنا من العراق وسوريا نسينا اهلنا وامتنا المستضعفين في حلب ودمشق ومضينا بكل ذل إلى تركيا وأوربا منذو متى أمريكة تفتح لنا أراضيه وتركيا تفتح الحدود لكن فتحوه عندما استيقظ بعض من الأمة وفعل قامت العرب والعجم في وجه هاذه الأمة بكل سلاح وكل عصابة لكن أن تنصرو الله ينصركم )( وماكان ربك بناسي

  4. {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجرِمِينَ} . هذه آية كريمة من رب عظيم تتحدث عن مجيء النصر بعد الاقتراب من اليأس.
    كن واثقاً يا أستاذ فيصل، مع وافر احترامي، أن إيران لن تنتصر ، و هي لم تنتصر قط في تاريخها منذ سقوط الامبراطورية الفارسية. التدخل المباشر للامريكان و الروس هو ما مكن الفرس من الحصول على مواطيء أقدام في العراق و سوريا و اليمن. شعوب هذه البلاد قادرة على دحر الفرس و مطاردتهم إلى داخل إيران نفسها و سيجدون قوميات مظلومة في داخل إيران لتساعدهم ضد الأقلية الفارسية التي اغتصبت الحكم منذ زمن طويل بمساعدة عدة مستعمرين أولهم البرتغالي و ثانيهم البريطاني و ثالثهم الأمريكي.
    على كل ، دوام الحال من المحال و أنا واثق من أن الثورة في سوريا ستنتصر رغم الجراد المنتشر بعون الله.

  5. التقصير في دعم الثورة لاسيما في سورية لايخفى على احد واولها السعودية الذي تغير موقفها بتغير ملكهاولكن دعمهم لايزال غير كافي لأنهم مترددين ولايزالوا تحت إمرة الأميركي ومعظم الجربان لم يدعموا لأنهم كانوا يخافون على كراسيهم ومنهم دول يظن البعض انها مع السوريين متل الإمارات والأردن ونحن لاتتكلم عن دول متل مصر والجزائر وما خفي كان اعظم

  6. يا زلمي على قولتك الدبلوماسي الإيراني الرفيع اجا لعندك يخبرك،،وخصوصا انو بيعرف انك رجل صاحب كتم سر ،،ههههههيحرق عرضك عهالافلاس

    1. معك حق والله… افلاس عالاخر من الدوبلوماسيين الايرانيين… دوبلوماسي بصرح علنا انو العراق محافظة ايرانية؟! بقي كلب منهن ما قال مشروعنا يبدا في سوريا وينتهي في اليمن!!! البغال امثالك شو بياكلو ليصيروا بغال؟! ولك يا بغل افرض فيصل كذاب.. طيب بتعرف انو هالسياسي يلي ادعى فيصل انو قلو وانت عم تعوي بمنتهى الغباء انو فيصل كذاب طلع متلو قدام الكل عالفضائيات وصرح المذكور اعلاه!! بتحب حلطلك روابط الفيديوهات ولا تعمل انت جولةلحالك بغوغل؟! ولك يخرب بيتك شو جحش.. سوريا صارت عم تحتفل رسميا بعيد الثورة الايرانية.. يعني يا ابن الحرام ( بالمعنى الحرفي لابن حرام قصدي) مالنا ناطرين لا فيصل ولا غيرو لنعرف هالمعلومات.. انا ما بطالعني عن طوري وبخليني سب بها الطريقة غير ابناء ******** امثالك يلي بدو يكذب حتى وهو عم يموت!!! عم نحتفل بثورة الخميني رسميا وقاسم سليماني عم ياخد سلفي بقلعة حلب وجيشك عم يكتبولو لافتات بالايراني وما بقي غير ينزل الفارسي لغة تانية بالمدارس!! وانت عم تكذب معلومة صارت واضحة بحجم الشمس… بتعرف يا بن ال ******* والحكي من عراقيين انو سيارات الشرطة بجنوب العراق ايرانية؟! ما عم امزح اسالك شي واحد من المليشيات يلي عم تفتل بالبلد خليه ياكدلك كلامي!!! متل ما قلت لواحد متلك مرة… بمناسبة عيد الام روح عايد الوالدة واسالها سؤوال مهم كتير… يمكن اهم سؤال بحياتك… ازا ما عرفت السؤال خبرني لاكتبلك باه!!!