” البلد البارد .. بين السوريين و الألمان ” .. كتاب يوثق تجربة اللجوء السوري في ألمانيا
أرادت الصحفية الألمانية ياسنا تساتشيك أن تتعرف على اللاجئين السوريين في ألمانيا عن قرب، وتكتشف بنفسها كيف أثرت عليهم الحرب التي تشهدها بلادهم ودفعتهم للهرب بحثا عن الأمان، ورغبت كذلك بالتعرف على آمال اللاجئين وتطلعاتهم وما يتوقعونه من ألمانيا، وماذا يحركهم ويجعلهم يتفاعلون أكثر مع محيطهم.
ولتحقيق ذلك انتقلت تساتشيك للعيش في إحدى قرى ولاية ساكسونيا بالقرب من مدينة باوتسين في شرقي ألمانيا، حيث قامت بتعليم اللغة الألمانية للاجئين من خلال دورة مولتها الوكالة الاتحادية للعمل ضمن برنامجها لدعم الاندماج وتعليم اللغة، وأقيمت الدورة في فندق سابق تم تحويله إلى مركز لإيواء اللاجئين.
كما تحرت تساتشيك عن أوضاع اللاجئين في برلين ومدن ألمانية أخرى، والتقت الكثير من المواطنين الألمان من مختلف الاتجاهات والتيارات، سواء من المرحبين باللاجئين والمتطوعين الذين هبوا لمساعدتهم والموظفين والعاملين في مراكز الإيواء، والتقت وتحاورت كذلك مع يمينيين متطرفين رافضين استقبال اللاجئين.
بعد إقامتها في تلك القرية وتعليم اللاجئين اللغة الألمانية وإجراء التحريات واللقاءات الكثيرة ألفت الصحفية تساتشيك كتابا بعنوان “البلد البارد.. بين السوريين والألمان”.
في هذا الكتاب تتحدث عن ما توصلت إليه خلال تلك الأشهر التي قضتها بين اللاجئين والألمان في نفس الوقت، كما تتحدث عن استغلال اللاجئين وأزمة اللجوء من قبل البعض، سواء لأغراض سياسية أو اقتصادية بغية تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح المادي.
ويكشف الكتاب -حسب تعريف دار النشر به- عن كيفية استغلال وتغليب الجانب المادي لأزمة اللاجئين على الجانب الإنساني والترحيب بهم، والمفاجئ أنها تشير إلى وجود الخوف والاستياء من اللاجئين حتى في مدن تعتبر منفتحة وليبرالية، ويمكن القول -حسب دار النشر- إن الكتاب يعكس جانبا مهما من الأوضاع في ألمانيا حاليا في ما يتعلق بالتعامل مع اللاجئين.
والملفت أن المؤلفة ياسنا تساتشيك اختارت لغلاف كتابها صورة نافذة مغلقة وقد أسدل عليها ستار خارجي سميك دلالة على انغلاق أهل القرية حسب رأيها، وتنقل وكالة الأنباء الألمانية عن الصحفية قولها “السكان المحليون كانوا بالنسبة لي غرباء أكثر من اللاجئين”.
وتشير تساتشيك إلى أنها من خلال عملها معلمة لغة ألمانية استطاعت التعرف بشكل أفضل وعن قرب على اللاجئين ومشاعرهم ومواقفهم.
وتقول إن نسبة كبيرة منهم كانت لديهم تصورات مسبقة خاطئة عن ألمانيا لدى قدومهم، وتنقل عن لاجئ عراقي قوله “هذه هي ألمانيا الحقيقية”، حيث إنه لم يستطع استيعاب عدم موافقة صندوق التأمين الصحي على دفع تكاليف عملية في إصبعه!
كما تشير إلى استيائها من استغلال بعض الشركات الخاصة أزمة اللاجئين لكسب المزيد من المال دون تقديم مقابل مناسب، على الأقل في مركز الإيواء الذي عملت فيه معلمة، حيث لم يكن كل شيء على ما يرام، ويؤكد ذلك عامل في المركز يرد ذكره في الكتاب بعد تغيير اسمه، حيث يقول عن المركز الذي كان يؤوي 180 لاجئا “كان في المركز فقط موظفان وأنا بصفة ناظر للسكن مسؤول عن الأمور التقنية والصيانة”.
وتتطرق الكاتبة إلى مخاوف اللاجئين في تلك المنطقة بقولها إن “الكثير من السوريين يخافون من التجول في باوتسن” المدينة القريبة من مركز اللجوء، وتضيف أنها باعتبارها امرأة ألمانية شقراء أيضا كان يصعب عليها التواصل مع السكان المحليين.
وفي هذا السياق، تشير الصحفية الألمانية إلى اجتماع عقد في المدينة تمت فيه مناقشة الجانب القانوني لإمكانية إنشاء “مليشيا محلية”، وتنقل في كتابها عن محام حضر الاجتماع قوله للمجتمعين “سادتي، ما يمكنكم القيام به هو الإمساك بالزنجي حتى تأتي الشرطة، وفي حالة الضرورة ربطه أيضا”.
يشار إلى أن مركز إيواء اللاجئين الذي يتحدث عنه الكتاب قد تم إغلاقه في ما بعد “لنقص في شروط الأمان التي لم تف بها الجهة التي كانت تديره” حسب تصريح متحدثة باسم بلدية مدينة باوتسن لوكالة الأنباء الألمانية. (aljazeera)[ads3]