” إخفاق جديد ” .. ألمانيا : متشدد يشرف اجتماعياً على صبي متهم بالإرهاب !
بعد نكسة تهاون الشرطة في مراقبة الإرهابي التونسي أنيس العامري، الذي نفذ عملية الدهس الإرهابية ببرلين، وإخفاق شرطة لايبزغ في مراقبة الانتحاري السوري جابر البكر، الذي انتحر في سجنه، تحدث التلفزيون الجنوبي الغربي (إس دبليو آر) في ألمانيا عن إخفاق جديد «لا يغتفر» للسلطات في مدينة لودفيغسهافن. وذكر برنامج «ريبورت ماينتز»، الذي يبثه التلفزيون الجنوبي الغربي، مساء أول من أمس، أن أحد المشرفين الاجتماعيين على قاصر عراقي، حاول تفجير سوق لأعياد الميلاد في مدينة لودفيغسهافن، ينتمي إلى صفوف الإسلاميين المتشددين المعروفين في ألمانيا.
وكانت الشرطة الألمانية في نهاية سنة 2016 اعتقلت الصبي العراقي (12 سنة آنذاك) بتهمة التحضير لعمل إرهابي ضد سوق لأعياد الميلاد، وضد دار بلدية المدينة القريبة من السوق. ولم تكشف الشرطة اسم الصبي، لكنها أشارت إلى أنه ألماني من أصل عراقي، وأنه حصل على تعليمات لتركيب قنبلة من على صفحات الإنترنت. وأكدت الشرطة، أن الصبي قطع شوطاً في التحضيرات لتفجير سوق أعياد الميلاد، لكنه لم يكن على صلة بجهات إرهابية.
ونقلت الشرطة الصبي بعد اعتقاله إلى جهة مجهولة، ثم تم الكشف لاحقاً عن نقله إلى دار للرعاية الاجتماعية، وتكليف دائرة الشباب في مدينة لودفيغسهافن برعايته. وذكر تقرير «ريبور ماينتز»، أن المدينة كلفت مؤسسة خاصة بالإشراف على برنامج إعادة تأهيل الصبي في إطار برامج «إعادة تربية الشباب» المتهمين بالإرهاب. وكان المشرف الاجتماعي المذكور أحد المكلفين برعاية الصبي على مدار الساعة.
وعرض التلفزيون الألماني مقاطع فيديو تكشف مشاركة المشرف الاجتماعي (30 سنة) في تجمع تظاهري للإسلاميين المتشددين من أنصار الداعية المتشدد بيير فوغل. كان المشرف الاجتماعي، المتخصص في علم النفس، أحد المحافظين على النظام في التجمع الاحتجاجي المذكور في مارس (آذار) 2015 في مدينة مانهايم في ولاية بادن فورتمبيرغ. وأكد البرنامج، أن المشرف الاجتماعي كان من المساهمين النشطين، في مدن عدة، في حملة «اقرأ»، التي قادتها منظمة «الدين الحق» المحظورة في ألمانيا لتوزيع الملايين من نسخ المصحف الكريم. فضلاً عن ذلك، كان المشرف الاجتماعي المتشدد يستخدم أسماء مزورة مثل «أبو دجانة» و«أبو عبد الله» على الإنترنت لتوزيع الأخبار والصور التي تحرض على الكراهية.
الأدهى من ذلك، أن الرجل كان من المترددين على مسجد في مانهايم يخضع لمراقبة دائرة حماية الدستور (الأمن العامة) في ولاية بادن فورتمبيرغ. ويعتبر المسجد من الأماكن التي يرتادها الكثير من المتشددين في الولاية.
وفي برنامج «ريبور ماينتز»، وصفت البروفسورة زوزانة شروتر، من المعهد الدولي للدراسات الإسلامية في فرانكفورت، إخفاق سلطات لودفيغسهافن مع المشرف الاجتماعي المذكور بأنه «لا يغتفر». ووافقها في الرأي البروفسور ميشائيل كيفر، من جامعة أوسنابروك، الذي نشر دراسة حول التشدد في الإنترنت توصلت إلى أن المتشددين يجهلون أصول الدين. وقال كيفر لبرنامج «ريبور ماينتز» إن إخفاق السلطات في لودفيغسهافن «لا يغتفر». ورجح الباحث، أن يكون المشرف الاجتماعي المتشدد قد عزز في الصبي مشاعر الحقد والتطرف، واقترح أن يعاد النظر في كافة برنامج إعادة تأهيل الشباب في الولاية.
واعترفت وزارة الشباب في ولاية راين لاند بفالز، حيث مدينة لودفيغسهافن، بأن فحص ملفات المشرف الاجتماعي من قبل شرطة الجنايات في الولاية، كشف بأن هذا المشرف من الذين «يمكن» احتسابهم على المشهد الأصولي المتشدد. وأضافت الوزارة في ردهان أنها أوعزت في الحال بإقالة المشرف الاجتماعي المذكور من العمل. كما قررت الوزارة إخضاع ملفات جميع المشرفين الاجتماعيين، الذين تشغلهم مدينة لودفيغسهافن، إلى الاختبار الأمني.
إلى ذلك، ألقت صحيفة «دي فيلت» المزيد من الضوء على قضية إخفاق الشرطة في اعتقال الإرهابي التونسي أنيس العامري وترحيله قبل تنفيذه عملية الدهس الإرهابية ببرلين. وذكرت الصحيفة في تقرير لها يوم أمس الثلاثاء أن الإرهابي (26 سنة) كان يحتفظ بجوازه التونسي طوال فترة إقامته في ألمانيا تقريباً. وجاء في التقرير، أن شرطة الجنايات توصلت إلى هذه الحقيقة من خلال ترجمة مكالمة سابقة بين العامري وصديق له جرت في أبريل (نيسان) 2016، ويقول الصديق في المكالمة للعامري إنه عثر على جوازه في المسجد، ويرد التونسي عليه بطلب أن يزيل الصورة من الجواز وأن يتخلص منه؛ لأنه ما عاد في حاجة إليه. جدير بالذكر، أن سلطات ولايتي برلين ونوردراين فيستفالن، حيث أقام العامري، تعللتا بالعجز عن تسفير العامري إلى بلده تونس بسبب انعدام الأوراق الثبوتية، وبسبب تأخر السلطات التونسية في توفير الوثائق اللازمة. وعرفت الشرطة الألمانية، بعد تنفيذ العملية الإرهابية، أن العامري كان يحتفظ بـ14 شخصية ملفقة، وأنه قدم طلب اللجوء بها في مدن ألمانية عدة، وأنه كان يتلقى المساعدات الاجتماعية من كل المدن. وأسفرت عملية الدهس التي نفذها العامري بواسطة شاحنة، في سوق لأعياد الميلاد ببرلين يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016، عن مقتل 12، وإصابة أكثر من خمسين. ولقي العامري مصرعه في ميلانو الإيطالية برصاص شرطيين إيطاليين بعد أن نجح في الهرب من ألمانيا عبر هولندا وبلجيكا وفرنسا وصولاً إلى إيطاليا. (الشرق الأوسط)[ads3]