هل تقضي ألمانيا على سرطان الأمعاء ؟
يختبر أطباء في مدينة فرانكفورت الألمانية لقاحاً للوقاية ضد أنواع معينة من السرطان المعوي، بل ويطمح هؤلاء الباحثون إلى أن يصبح هذا اللقاح، الذي يعطى بالحقن، بديلاً عن العلاج الكيماوي المرهق للجسم.
ورغم صعوبة إيجاد لقاح ضد الخلايا السرطانية، نظراً لأنها قادرة على التبدل والتغير وبالتالي التهرب من الجهاز المناعي، إلا أن باحثين ألمان تمكنوا من اكتشاف تركيبات جزيئية يمكن استخدامها لتطوير لقاح مضاد لبعض أشكال السرطانات المعوية (أورام القولون الخبيثة)، الوراثية منها وغير الوراثية.
وبحسب ما أوردت صحيفة “دي فيلت” الألمانية على موقعها الإلكتروني، تطلب الأمر من الباحثين في مستشفى جامعة هايدلبيرغ الألمانية والمركز الألماني لبحوث السرطان سنوات عديدة من أجل تطوير هذا اللقاح، الذي يعمل على تقوية جهاز المناعة كي يتمكن الجسم من الكشف المبكر عن الخلايا السرطانية المعوية وتدميرها.
وتم حقن هذا اللقاح لأول مرة وتجربته على 22 مريضاً في مستشفى نوردويست بمدينة فرانكفورت. ونال الباحثون جائزة فيليكس بوردا للطب والعلوم لعام 2015 على هذا الاكتشاف. وتعود فكرة تطوير لقاح ضد السرطان المعوي إلى تسعينيات القرن الماضي، بعد فترة قصيرة من اكتشاف باحثين أمريكيين التغيرات الجينية الوراثية المتسببة بأكثر أشكال سرطان الأمعاء الغليظة شيوعاً.
وبالإمكان أن يستفيد من هذا اللقاح إجمالا 15 في المائة من جميع المصابين بسرطان الأمعاء الغليظة (سرطان القولون)، الذي يبلغ عددهم مئات الآلاف في ألمانيا وحدها، كما يقول الباحثون، بمن فيهم أولئك الذين يعانون من نوع سرطان الأمعاء الغليظة الوراثي، بالإضافة إلى أشخاص مصابين بالسرطان المعوي غير الوراثي.
هذا ويعاني حوالي خمسة في المائة من مرضى سرطان الأمعاء الغليظة من متلازمة “إتش إن بي سي سي” HNPCC، والتي يحدث من خلالها تراكم هائل من الأخطاء في مصفوفات الجينات المكوِّنة للحمض النووي (دي إن إيه) في خلايا الجسم ، بحسب ما افادت إذاعة صوت ألمانيا.
وتعود أسباب الإصابة بهذه المتلازمة إلى افتقار المصابين إلى نظام بروتيني يعمل على إصلاح الأخطاء في الحمض النووي، وذلك بسبب نقص الجين الوراثي المسؤول عن هذا النظام الإصلاحي. ويقول الباحثون إن من الممكن تصور نظام الإصلاح هذا ببروتينات تسير على طول الحمض النووي، باحثةً عن أخطاء جينية، وحين تجد خطأ في إحدى المصفوفات الجينية، تقوم البروتينات حينئذ بإصلاح الخطأ، وإذا لم يتم إصلاح الأخطاء فإن الخلايا تصبح سرطانية وتنقسم وتتكاثر، فيتوسع بذلك الورم الخبيث ويتمدد.
وتقوم فكرة اللقاح على تقوية جهاز المناعة كي يتعرف على الخلايا المصابة بالأخطاء الجينية ويميزها كأجسام غريبة عن جسم الإنسان، وبالتالي تدميرها وهي في أطوارها الأولى قبل أن يتطور منها سرطان الأمعاء. ويهدف الباحثون إلى عدم اقتصار مهمة هذا اللقاح على الوقاية فحسب، بل ويطمحون أيضاً إلى أن يصبح هذا اللقاح علاجاً ودواءً بديلاً عن العلاج الكيماوي المرهق لأجسام المرضى.[ads3]