في ألمانيا .. ” كفيف ” يعيد الحياة للسيارات القديمة

في مرآب صغير بمدينة “لايبزغ” يجثو “برند روتيغ” الميكانيكي الألماني على ركبتيه وهو يحاول إصلاح المحور الخلفي لسيارة بيضاء قديمة من طراز “ترابانت” وهي السيارة الأشهر في ألمانيا الشرقية سابقا. وخارج المرآب كانت هناك عاصفة رعدية قوية تضرب المدينة. لكن قلة الضوء في المكان ليس مشكلة بالنسبة للميكانيكي المخضرم البالغ من العمر( 52 عاما) وذلك لأنه كفيف بالفعل بسبب إِصابته بانفصال في الشبكية عندما كان عمره( 12 عاما).

وقد يكون “رويتغ” الميكانيكي الكفيف الوحيد في ألمانيا، حيث قرر ألا تكون إعاقته البصرية حائلا بينه وبين هوايته المفضلة وهي ممارسة الميكانيكا. وقد اشترى حاليا سيارتين قديمتين طراز “ترابانت” أو “ترابيس” كما كان الألمان الشرقيون يلفظون اسمها، ونجح في إعادتها للعمل مرة أخرى. قال “رويتغ”: “لقد حركت بالفعل كل مسمار في هاتين السيارتين”. وتعد السيارة البيضاء موديل 1965 التي يقوم بإصلاحها حاليا السيارة الثالثة التي يعيدها للحياة “فهي سيارة طفولتي”. كان “رويتغ” قد التحق بمدرسة للمكفوفين في مدينة “كيمنتس” شرق ألمانيا، حيث كان والده يقله يوميا من “لايبزغ” إلى “كيمنتس” باستخدام سيارة طراز “ترابانت”. لهذا مازال الكهل الألماني يحمل هذه المشاعر القوية تجاه السيارة الوطنية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) سابقا.

على الصعيد المهني فإن “رويتغ” أخصائي علاج طبيعي، لكنه يعود كل يوم خميس في المساء إلى مرآبه الصغير ليعمل في إصلاح هذه السيارات. ويستطيع الميكانيكي الكفيف تركيب محرك وتغيير المحاور وتغيير السيور دون مشاكل، مشيرا إلى أن “ترابانت سيارة مصنوعة من مواد بسيطة نسبيا”. ويترك “رويتغ” الأعمال الكهربائية فقط ليقوم بها أحد أصدقائه. وقد أتاح له العمل في إصلاح السيارات تحقيق أحد أحلامه وهو “في ظروف أخرى بالتأكيد لم أكن لأعمل أخصائي علاج طبيعي فلو كنت أستطيع الرؤية، فلربما كنت سأصبح ميكانيكيا”. ومع ذلك فإن الإعاقة لا تمثل مشكلة بالنسبة للرجل “إنها مجرد حياة أخرى، ليست أفضل ولا أسوأ” وهو لا يعتبر نفسه شخصا مختلفا . ويقول على المرء أن يكون حذرا للغاية من تصويره كرجل كفيف نموذجي.

من ناحيته يقول “بيتر براس” عضو مجلس إدارة رابطة المكفوفين والمعاقين بصريا الألمانية إنه مازال من الصعب رؤية الكثير من المكفوفين يعملون كميكانيكيين في هذه الأيام “وأنا شخصيا لا أعرف أحدا منهم لكن لماذا لا يكون ذلك ممكنا؟”. ويأمل “رويتغ” في الانتهاء من تجديد السيارة “ترابانت” وتسييرها على الطرق بنهاية العام الحالي حيث تصل قيمتها في ذلك الوقت إلى حوالي 11 ألف دولار، لكنه لا يريد بيعها ولا بيع أي واحدة من السيارتين الأخريين لأنه يعتبرهما “كنزا”. (DPA-DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها