ألمانيا : مبادرات و أموال لإغراء طالبي اللجوء على العودة الطوعية

أعلن وزير التنمية الألماني غيرد مولر أمس الأربعاء (28 آذار/مارس 2018)زيادة الدعم المالي للبرامج التي تهدف لدعم اللاجئين من العراق وتونس ونيجيريا وأفغانستان ودول أخرى على العودة الطوعية لبلدانهم. ويعتزم الوزير زيادة تمويل البرامج لتصل إلى 500 مليون يورو سنوياً. ومن شأن البرنامج الجديد حث حوالي 30 ألف طالب لجوء سنوياً على العودة طواعية على حد تعبير مولر.

وشدد وزير التنمية على أن المبالغ المالية، لن تكون على شكل “شيكات مالية”، بل ستكون تمويلاً لمشاريع محلية وللتدريب والتأهيل المهنيين. على سبيل المثال، من المنتظر أن تقوم شركة سيمنز وبدعم من فرعها في العراق بتدريب حوالي 5000 شاب من العائدين والمقيمين في العراق، كحرفيين في مجالي الكهرباء والطاقة، والكلام دائماً للوزير.

وفيما يتعلق بدول المغرب، كان الوزير الألماني قد ذكر في حديث صحفي بداية الشهر الجاري أنه لا بد من توسيع نطاق العلاقات السياسية والاقتصادية مع دول المغرب من أجل تحقيق تلك الغاية.

إعلان الوزير الأخير لم يكن الأول من نوعه، بل سبقه كلام كثير ومشاريع ومبادرات عديدة في هذا المضمار. فقد أطلق “المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين” BAMF بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة على شبكة الإنترنت بوابة بتسع لغات، من بينها العربية، خاصة بـ”برامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج”.

وتفصّل البوابة الإلكترونية أنواع البرامج والجنسيات التي يمكن أن تستفيد منها. ومن أهم تلك البرامج REAG/GARP. ويقدم البرنامج المذكور الدعم عن طريق “تنظيم رحلة عودتك، وتغطية تكاليف سفرك بدفع ثمن تذكرة الحافلة أو الطائرة، وتقديم مساعدة سفر لك، والحصول على مساعدة مالية للبدء من جديد”.

ومن البرامج الأخرى اللافتة للنظر برنامج الاستشارة (ZIRF)الذي يوفر معلومات حول التطورات والتغيرات في سوق العمل والسكن والتعليم والرعاية الاجتماعية والطبية في البلد الذي ينحدر منه طالب اللجوء.

كما تقدم البوابة معلومات عن برنامج “وطنك. مستقبلك. الآن!” الذي يستهدف طالبي لجوء من أربعين دولة. ويحصل بموجبه طالب اللجوء البالغ بين 800 و1200 يورو والأطفال تحت سن الثانية عشر على نصف المبلغ. والبرنامج هذا هو توسيع للبرنامج الاتحادي “Starthilfe Plus”، الذي أطلق في بداية شباط/فبراير 2017.

في شباط/ فبراير الماضي قال وزير التنمية مولر في مؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق إن بلاده تعتزم تسهيل عودة اللاجئين العراقيين إلى بلادهم، حيث قررت فتح مركزين استشاريين للهجرة في بغداد وفي أربيل. ويتوقع أن يساهم مشروع “آفاق في الوطن” في عودة 10 آلاف لاجئ عراقي من ألمانيا إلى بلادهم. وبحسب الوزير، يعيش في ألمانيا حالياً نحو 100 ألف لاجئ عراقي.

ودخلت مراكز مماثلة الخدمة في ألبانيا وغانا وكوسوفو والمغرب والسنغال وصربيا وتونس، وفقاً لرد من وزارة التنمية على استفسار موجه من قبل كتلة اليسار في البرلمان. وتخطط الوزارة لفتح مراكز أخرى في نيجيريا وأفغانستان ومصر. وستعمل هذه المراكز على تسهيل اندماج اللاجئين العائدين في بلدانهم الأصلية. بالإضافة إلى التعريف بالطرق القانونية للهجرة إلى ألمانيا.

وفي الخريف الماضي افتتح، ضمن مشروع ألماني مغربي مشترك، مكتب متخصص في الدار البيضاء يستهدف اللاجئين المغاربة العائدين من ألمانيا المركز بهدف تقديم النصح والإرشاد من أجل التمكن من الانخراط مجدداً في المجتمع المغربي. كما يستهدف أيضاً من يريد الهجرة من المغرب إلى ألمانيا، وذلك من أجل توضيح مخاطر الهجرة غير الشرعية والتعريف بفرص الهجرة الشرعية إلى ألمانيا.

ووفقاً لموقع “تسايت أونلاين” فإن هذا المركز سوف يسير على خطى “المركز التونسي-الألماني للأعمال والهجرة والإدماج” الذي تم افتتاحه في مارس/ آذار الماضي في العاصمة التونسية، والذي يعمل كذلك على تأهيل تونسيين للتقديم على فرص عمل في السوق الألماني.

قال وزير التنمية الألماني أمس إن برنامجاً ألمانياً لإعادة الإعمار في الموصل وتكريت قد أفلح في دفع 300 ألف لاجئ عراقي في دول الجوار على العودة إلى المدينتين. ويبدو أن الوزير يرمي من وراء كلامه ذلك حشد الدعم لبرنامجه الجديد.

غير أن تجارب الماضي تقول شيئاً آخر؛ فقد ذكرت صحيفة “نيوه أوزنابروكر تسايتونغ “، أول أمس الثلاثاء عن تقارير وزارة الداخلية الألمانية، أن برنامج “وطنك. مستقبلك. الآن!” لم ينجح في تحفيز الكثير من اللاجئين على العودة. فمن كانون الأول/ ديسمبر 2017 حتى نهاية شباط/ فبراير 2018 لم يتقدم سوى 4552 شخصاً للحصول على المنحة، وهو عدد أقل مقارنة بنفس الفترة في العام الذي سبقه، إذ بلغ الرقم 8185 شخصاً.

ورغم انخفاض أعداد طالبي اللجوء المتقدمين للحصول على هذه المنحة، إلا أن ماتياس ميدلبيرغ، المتحدث باسم التحالف المسيحي في البرلمان الألماني، فسر في حديث له لصحيفة “باساوير نويه برس” أمس الأربعاء الانخفاض الكبير في أعداد العائدين طوعياً، إلى عودة الكثير من طالبي اللجوء إلى دول البلقان في عام 2016، وهو ما يجعل النتائج الحالية تظهر بشكل أسوأ مما عليه في الواقع.

أما السياسي المحافظ شتيفان ماير، السكرتير البرلماني لدى وزارة الداخلية الألمانية، فيرى أن العودة طوعية أفضل من الترحيل القسري، ولكن في الوقت ذاته فإن “عدم وجود سيناريو واقعي لترحيل وشيك، يقلل حافز العودة الطوعية، والمنح المرتفعة لن تساعد في ذلك”.

في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي انتقد حزب الخضر الألماني زيادة المساعدات المالية المخصصة للعودة الطوعية للاجئين. وقالت لويزه أمتسبرغ، خبيرة شؤون اللاجئين بالكتلة البرلمانية لحزب الخضر الألماني: “لا يتعلق بإحداث تحسين جوهري في العودة الطوعية، وإنما بإحداث تأثير عددي”.

ومن جانبها، اعتبرت أوله يلبكه، خبيرة شؤون السياسة الداخلية بالكتلة البرلمانية لحزب اليسار الألماني المعارض، دفع الأموال لطالبي اللجوء مقابل إيقاف إجراءات اللجوء والعودة، هو ببساطة أمراً “رخيصاً”.

خالد سلامة – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها