كيف يمكن لعملية ” زراعة البراز ” أن تنقذ حياة مريض ؟

عملية “زراعة البراز”، قد يكون اسم هذه العملية الجراحية الأكثر إثارة للاشمئزاز ولكنها في ذات الوقت قد تنقذ حياة إنسان، وتهدف العملية إلى زراعة ميكروبات نافعة جديدة في الجهاز الهضمي للمريض.

وتسلط العملية الضوء على الدور الذي يمكن أن تلعبه ميكروبات مهمة، تستعمر كل جزء في أجسامنا، وتصبح نافعة لصحتنا، وتحتوي أمعاء الإنسان، على الكثير من الأنواع المختلفة للكائنات الدقيقة التي تتفاعل مع بعضها ومع أنسجتنا البشرية.

وتعد أحشاء الجسم وعالمها المظلم، الذي يفتقد وجود الأكسجين، نظاما بيئيا غنيا أشبه بالغابات المطيرة أو الشعاب المرجانية، ويمكن لنوع من البكتريا تعرف باسم ” كلوستريديوم ديفيسيل (أو مطثية عسيرة)” أن تسيطر على الأمعاء، بحسب ما اوردت “هيئة الإذاعة البريطانية”، وهذا النوع الانتهازي من البكتريا يظل كامنا حتى بعد علاج المرضى بالمضادات الحيوية.

وعلى الرغم من أن أدوية المضادات الحيوية تعد معجزة العصر الحديث، إلا أنها تقتل البكتريا الضارة والنافعة على حد سواء.

وتكمن مشكلة بكتريا كلوستريديوم ديفيسيل في أن المرضى يعانون من نوبات إسهال دموي ومائي كثيرة كل يوم، فضلا عن حدوث تشنجات في البطن، وارتفاع درجات الحرارة والإصابة بعدوى قاتلة في أسوأ الحالات. وأفضل علاج يمكن وصفه هو المضادات الحيوية.

وتهدف عملية زراعة البراز، أو بمعنى أدق وكامل “زراعة جراثيم في البراز”، إلى إعادة توطين ميكروبات من إنسان سليم في أمعاء إنسان مريض، ويمكن الاستعانة بالأقارب نظرا لتشابه بكتريا الأمعاء بينهما في الغالب، وبعد أخذ العينة، يجري مزجها بالماء، وتوجد طريقتان لأخذ العينة، عن طريق الفم أو عن طريق المستقيم.

وشاركت جانيت جانسون، عالمة في بيئة الميكروبات من مختبر “باسفيك نورث ويست” الوطني في ولاية واشنطن الأمريكية، فريقا إجراء عملية زراعة براز مريض، وكان المريض سيدة تبلغ من العمر 61 عاما تعاني من إسهال مزمن طوال نحو ثماني أشهر وفقدت 27 كيلوغراما من وزنها.

وقالت جانسون : “كانت ثمة مناشدة مستمينة من أجل التوصل إلى حل، كانت على وشك الموت بسبب هذه العدوى ببكتريا كلوستريديوم ديفيسيل، ولم تفلح جميع المضادات الحيوية”، وأخذ الأطباء عينة براز من زوجها السليم.

وقالت جانسون لبي بي سي إنها اندهشت من نجاح العملية، وأضافت :”استطاعت المريضة التبرز بطريقة طبيعية بعد يومين من إجراء العملية، كما أصبحت حركة الأمعاء طبيعية، وتعافت تماما”.

وتقول :”بوصفي عالمة في بيئة الميكروبات، فذلك غير طبيعي. رأينا أنها تحولت من حالة مرضية مزمنة، عندما فحصنا العينات الميكروبية، إلى حالة تتمتع ببيئة ميكروبات صحية قريبة الشبه جدا لزوجها”.

وأشارت التحاليل إلى أن نسبة نجاح العملية قد تصل إلى نحو 90 في المئة، ويفحص الأطباء التفاعل بين الميكروبات والجسم البشري في كل مرض يمكن أن يخطر على البال، ويشير تقرير عام 2015 إلى زيادة وزن سيدة بواقع 16 كيلوغراما، وصنفت بدينة بعد إجراء عملية زراعة بالاستعانة بابنتها.

ومن الممكن تراجع وزن فئران تجارب أو زيادة وزنها نتيجة عملية زراعة بيئة ميكروبات بها عن طريق الاستعانة بإنسان نحيف أو بدين، على الرغم من أن الحكم النهائي مازال غير محدد فيما إذا كانت نفس النتيجة تنطبق على البشر.

كما توجد مخاطر تنطوي على نقل ميكروبات خطيرة تسبب أمراض، وهذا ما يدفع العلماء إلى التحول من التبرع بالبراز إلى التبرع بمزيج من البكتريا.

وقال تريفور لاولي، من معهد ويلكوم سانغر، إن العلاجات المستقبلية يجب أن تكون أكثر دقة ومحددة الهدف.

وأضاف :”البراز مجتمع غير محدد، وعندما تطور دواء يتعين عليك قبل أي شئ الاهتمام بسلامة المريض”.

ويعد هذا مستقبل العلاج الميكروبي، إذ يجب أولا تحديد المشكلة في بيئة ميكروبات مريض وثم القدرة على التصدي للمشكلة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها