ألمانيا : الشركات الصغيرة تستهدف استقطاب اللاجئين عن طريق التدريب المهني
هناك وظائف لباعة التجزئة وممثلي شركات التأمين والميكانيكيين الصناعيين وموظفي الفنادق. وهناك لاجئون يبدأون حياة جديدة في ألمانيا وغالبا ما يكون ذلك بمهنة جديدة.
وقد التحق حتى الآن أكثر من 28 ألف لاجئ شاب في برامج التدريب والتأهيل المهني في ألمانيا، حسب وكالة التوظيف الاتحادية الألمانية، أغلبهم يعملون لحساب شركات صغيرة ومتوسطة.
وتقول الشركات الألمانية إن هؤلاء الشباب لديهم الحماس والرغبة في التعلم والعمل بجد وولاء.
ويأتي أغلب هؤلاء اللاجئين من ثماني دول تمثل المصدر الأساسي للاجئين في ألمانيا، وهي إريتريا ونيجيريا والصومال وافغانستان والعراق وإيران وباكستان وسورية. وقد بلغ عدد الملتحقين ببرامج التدريب حوالي ستة أمثال عددهم عام 2014، ومازال العدد يتزايد.
ومن بين هؤلاء اللاجئين الشباب الملتحقين ببرامج التدريب، الإريتري تيدروس جيبرو الذي يعمل في شركة «لاب» المتخصصة في الكابلات في مدينة شتوتغارت منذ عام 2015.
فبعد فترة تدريب لمدة 8 أشهر، أصبح الشاب البالغ من العمر 27 عاما مؤهلا للعمل كمُشَغِّل لآلات ومعدات المصانع.
كما يوجد 15 لاجئا آخرا ضمن 65 شابا يشاركون في برنامج التدريب الوظيفي في شركة «لاب». وينصح جيبرو الآخرين قائلا «تعلموا اللغة هذا هو أهم شيء».
ومازال ضعف إجادة اللغة الألمانية أكبر عقبة تحول دون توظيف الشركات لعمال من اللاجئين، حسب المسح الذي أجرته مؤسسة «إرنست أند يونغ» للاستشارات الإدارية في فبراير/شباط الماضي، وشمل الشركات الصغيرة.
وقالت 83% من الشركات التي شملها المسح ان نقص المهارات اللغوية يمثل مشكلة، رغم أن الأغلبية تعتقد أن اللاجئين يمكن أن يساعدوا في سد النقص في العمالة في ألمانيا. وقالت 25% من الشركات ان لديها عمال من اللاجئين. وتقول شركة «لاب» العائلية ان توظيف اللاجئين ينطوي على مزايا إنسانية واقتصادية. فاللاجئون بشكل عام يحتاجون إلى دعم أكبر مما يحتاجه المتدرب الناشئ في أوروبا، حسب تيلو لايندنر، رئيس قطاع التدريب في «لاب»، الذي يضيف أن «كل ما يتم استثماره في اللاجئين سيكون له مردود. بالنسبة لنا هذه قصة نجاح رائعة».
ومن هذه القصص الشاب الإريتري جيبرو الذي كان يعمل كفني كهرباء قبل تسلله من إريتريا إلى أوروبا.
بالطبع مازالت الدراسة والعمل في دولة مختلفة يمكن أن يكون لها مشكلاتها كما يقول بيرنارد بوكمان الذي يعمل في «معهد الأبحاث الاقتصادية التطبيقية» في مدينة تويبنغن الألمانية. ويضيف «غالبا، كانوا يعملون في بلادهم الأصلية بطريقة مختلفة وبوسائل أقل تطورا من الناحية التكنولوجية».
ويقول أيضا «أي شخص كان يعمل في سورية أو العراق يفتقر إلى معرفة الكثير من الأمور المطلوبة لكي يعمل هنا (في ألمانيا)»، مشيرا إلى أن الكثيرين من اللاجئين يكافحون من أجل الحصول على برامج التدريب الوظيفي بسبب صعوبات اللغة وأن التدريب في بلادهم الأصلية يعتمد على الجوانب العملية أكثر من الجوانب النظرية. ويقول كونسنتين بريونغ، من شبكة «دمج اللاجئين في الشركات» وهي مبادرة لغرفة التجارة والصناعة الألمانية، أنه «يحدث كثيرا أن يكون اللاجئون جيدين جدا في التدريب (العملي) لكنهم يفشلون في تجاوز الفصل الدراسي النظري» في برامج التدريب.
وتحاول غرفة التجارة والصناعة الألمانية تقديم المساعدة، لكن الأمر لا يتعلق فقط بمجرد تبسيط المعايير القائمة للصناعة الألمانية. فالشركات تحاول أيضا حل هذه المشكلة حيث تقدم أغلبها دورات لتعليم اللغة الألمانية والمواد التعليمية وبرامج الإرشاد.
وقد انضم حوالي 1800 شركة إلى مبادرة غرفة التجارة والصناعة الألمانية، وينضم حوالي 50 شركة إلى المبادرة كل شهر. كما أن حوالي 75% منها عبارة عن شركات صغيرة ومتوسطة.
علاوة على ذلك، فإن الكثير من الشركات على مستوى ألمانيا انضمت إلى المبادرة الاقتصادية «نحن معا»، وتضم الشركات الكبرى مثل شركة «آليانز» للتأمين و»أوبل» و»فولكسفاغن» لصناعة السيارات، و»سيمنز» للصناعات الهندسية، و»أيرباص» للصناعات الجوية، و»دي.إتش.إل» للخدمات البريدية والنقل.
وتحتاج الشركات الأصغر أحيانا إلى المساعدة من هذه المبادرات لكي تتغلب على الجوانب البيروقراطية الخاصة بتدريب وتوظيف اللاجئين، منها مثلا متى يجب ترحيل أي لاجئ متدرب.
ويقول بريونغ ان مبادرته «تتلقى باستمرار استغاثات من الشركات من تلقي أوامر إبعاد لعاملين لاجئين لديها وتسأل الشركات عن كيفية التصرف في هذا الموقف».
يذكر أنه يمكن طلب الحصول على تصريح إقامة للاجئين المشاركين في برامج التدريب بسبب المشاركة في هذه البرامج، كما يمكن تمديد هذه الإقامة لمدة عامين إضافيين. ولكن السلطات المحلية تتعامل مع الأجانب بطريقة تختلف بشدة من جزء إلى آخر داخل ألمانيا.
وتقول مبادرة غرفة التجارة والصناعة الألمانية إنه يتم فحص كل حالة على حدة «وهذا يؤدي إلى حالة من الغموض وعدم اليقين في التخطيط الشخصي ونتيجة لذلك، فإن الشركات تعتبر هذه النقطة عقبة أمام توظيف الأجانب».
في المقابل يقول ليندنر ان هذه الشركات التي تقوم بتوظيف لاجئين رغم حالة الغموض لا تندم على هذه الخطوة، فشركة «لاب» سعيدة جدا بوجود عامل مثل اللاجئ الإريتري جيبر بين عمالها «فهو ماهر وطموح وعامل جيد وزميل رائع».
أما جيبرو فيقول إن أكثر شيء يحبه في «لاب» هو المناخ العائلي السائد فيها. فهو يشعر براحة كبيرة في الشركة أو في ألمانيا بشكل عام. ويضيف أنه «قد يحاول الحصول على الدراسات المؤهلة للماجستير في العام المقبل».
ويتذكر رحلته من إريتريا إلى أوروبا عندما تم شحنه في مركب للهجرة غير الشرعية مع 360 آخرين بدون طعام ولا ماء ولا لغة يمكن استخدامها لطلب المساعدة حيث مات أغلب ركاب المركب أثناء الرحلة. (DPA)[ads3]