روسيا تستعجل حلاً سياسياً لسوريا : مناطق نفوذ موقتة و توافقات و خطوط حمر

بعد نجاحها في فرض تغيرات ميدانية كبيرة بقوة السلاح على الأرض في سورية خلال الأشهر الأخيرة، تسعى روسيا عبر حراك ديبلوماسي مكثف مع الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، إلى رسم ملامح للحل السياسي في مهمة صعبة، تبدأ مع الجانب الإسرائيلي غداً في موسكو وتنهيها مع الأطراف الضامنة لعملية «آستانة» نهاية الشهر الجاري، وبينهما ستكون قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب حاسمة في وضع «خريطة طريق» لحل طال انتظاره. لكنه سيبقى رهناً لخريطة مناطق النفوذ الحالية، وبلوغ تفاهمات دونها خطوط حمر ومصالح متضاربة بين اللاعبين الإقليميين والدوليين.

وتعد زيارة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، الثالثة هذا العام إلى موسكو، مهمة لإنهاء ترتيب الأوضاع في محافظتي درعا والقنيطرة. وفي حين حدد نتانياهو الأحد الماضي مبادئ الحل المقبولة إسرائيلياً والتي سيعرضها في الكرملين، وهي رفض الوجود العسكري الإيراني على الأراضي السورية، ومطالبة قوات النظام الالتزام باتفاق «فك الاشتباك» الموقع عام 1974، بحذافيره، أقرن قوله بالفعل واستهدف مطار التيفور شرق حمص حيث تتواجد قوات لإيران وميليشياتها الطائفية.

وكانت إسرائيل استهدفت في السنة الأخيرة المواقع الإيرانية في ثلاث مرات سابقة كان آخرها ليلة 10 أيار (مايو) الماضي، بعد ساعات من عودة نتانياهو من موسكو، وحينها أكدت الدولة العبرية أنها شنت أكبر ضربة على عشرات الأهداف الإيرانية في سورية.

وأكدت مصادر روسية أن «موضوع إيران والجنوب مرتبطان عضوياً»، وأوضحت لـ «الحياة» أن «موسكو سوف تسعى لحل وسط يجمع بين عودة النظام كاملاً إلى الحدود مع الجولان المحتل ومراعاة الاتفاقات الدولية السابقة بخصوص فض الاشتباك فور انتهاء العملية في الجنوب، وإبعاد إيران إلى مسافة عن الحدود تتراوح بين 80 و100 كلم وضمان عدم نقل أي صواريخ وأسلحة إلى حزب الله في لبنان مع حق إسرائيل بالرد كما درجت العادة في السنوات الأخيرة في حال خرق الإيرانيون الاتفاق». كما ينتظر أن يبحث الجانبان في أفضل طريقة لإنهاء وجود «داعش» الإرهابي في الجيب الذي يسيطر عليه في حوض اليرموك والمقدر بنحو 7 في المئة من مساحة محافظة درعا. ومن المؤكد أن التفاهمات الروسية- الإسرائيلية في شأن الجنوب، والوجود الإيراني ستكون قاعدة مهمة لقرارات قمة ترامب- بوتين المقبلة في ما يخص الوضع السوري.

وفي محطة هلسنكي في 16 الشهر الجاري، ومع تأكيد الجانبين أن قمة بوتين- ترامب ستبحث في تفاصيل الأزمة السورية، تدخل موسكو المفاوضات متسلحة بتفاهمات مع نتانياهو حول الجنوب والوجود المستقبلي لإيران في سورية. ومع إعلانها مواصلة انسحاب قواتها في الأشهر الأخيرة من سورية، تسعى موسكو إلى إقناع الولايات المتحدة بالانسحاب من «قاعدة التنف» في جنوب شرقي سورية مع التوصل لآليات مشتركة مع العراق والأردن تضمن استقرار المنطقة الحدودية، وضمان عدم حدوث عمليات تهريب للسلاح من طهران إلى دمشق، والعمل على عدم إعادة استخدام «داعش» أو المعارضة المسلحة المنطقة لشن هجمات إلى الداخل السوري أو الأردن.

ومع اتهامها واشنطن بالسعي إلى تقسيم سورية عبر دعم «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) في شرق الفرات، وبناء قواعد عسكرية في شمال وشرق البلاد، تسعى موسكو إلى التفاهم مع واشنطن حول مصير نحو 30 في المئة من مساحة سورية الأغنى بالمياه والخامات والمحاصيل الضرورية من أجل ضمان تحسين أوضاع النظام اقتصادياً، ومؤكد أن مصير شرق الفرات وشمال سورية ومحافظة إدلب ستبحث في القمة بالاستفادة من اتصال الجانبين مع تركيا. ويرجح مراقبون أن تكون قمة ترامب- بوتين حاسمة في تحديد مستقبل الحل السياسي وفق الرؤية الروسية، وتؤثر في قضايا البحث في اجتماع ضامني عملية آستانة في 29 و30 الشهر الجاري، والذي تعول عليه روسيا في إعطاء دفع جديد لعملية سياسية تبدأ من صوغ دستور جديد.

علماً أن اجتماع «آستانة» يأتي بعد انتهاء مناطق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية وشمال حمص وجنوب غربي سورية، وانتهاء الهدن والمصالحات في جنوب دمشق وشرق القلمون، وتغيرات ميدانية كبيرة.

ومع تداخل «الخطوط الحمر»، و «تشابك المصالح» سابق الروس والنظام الزمن في الأشهر الأخيرة لخلق وقائع على الأرض قبل إشارة البدء الحقيقية لإطلاق عملية سياسية صعبة قد تحتاج إلى فترة أطول من نحو ثلاث سنوات احتاجتها روسيا لتقلب التوازنات الميدانية على الأرض، وربما تفضي إلى فرض مناطق نفوذ موقتة بانتظار حلول وسط بين القوى الإقليمية والدولية حول حل سياسي يحدد مستقبل سورية، وشكل نظام الحكم فيها، وعلاقاته الإقليمية ومصير العلاقة بين المكونات الإثنية والطائفية، إضافة إلى ضمان عدم عودة «داعش» ولو بمسميات مختلفة، والبدء في إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين.

سامر الياس – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. أن بقي بشار في الحكم فلن تفلح روسيا في حل الازمة كما يحلو لروسيا بتسميتها فهي ثورة على نظام حكم فاسد وليس حكم بوتن بأقل فسادا من بشار لذا لاأرى حلا قادما من موسكوا وإن احتلت الأرض وإن كتبت دستورا فالدستور من ورق لاقيمة له وأمريكا لاترى الشعب السوري إلا من منظار إسرائيل وإسرائيل أذكى من أن تبقي رئيسا لايرغب به شعبه فسيكون التغيير وأي حكومة ستأتي ليس لديها مانع من توقيع صلح مع إسرائيل حتى لو بقي الجولان بيدهافلا أهل الجولان أثبتواانتماء للثورة(الدروز) والقضية الفلسطينية في مهب الريح خاصة للسوريين الذين لاقوا من مليشياتهم وضفادعهم وتعاونهم مع إيران العدو اللدود للشعب السوري ما لا يجعلهم يتمسكون بقضيتهم .وبوتن ليس إلا خادما لترامب وإسرائيل

  2. كلو حكي جرايد وكذب المهم خلو النظام المجرم يرجع يسيطر بعد ما تم تجريده من السلاح الكيماوي والباليستي خلو الحيوان بشار ينبسط