” دونية لبنانية اتجاه الأسد .. أو الخوف من ظلال ديكتاتور راحل “

مليون سوري قتلهم بشار الأسد بالحرب التي أعلنها على شعبه. بعضهم قتلته الكيليشيات التي رعاها لتكون بعبعاً يخيف به الغرب. وملايين هجّرهم ومدن دمّرها والمأساة مستمرة، فيما يتنطح بعض اللبنانيين من شاشة هنا أو مذياع هناك بالتبريكات والتهليل معتقدين أنّهم انتصروا فوق شلال الدماء السوري.

“إنتصر مشروع المقاومة والممانعة في سوريا”، لقد تمت هزيمة “المشروع الأميركي الصهيوني في سوريا” وتمّ الانتصار على “الجماعات الإرهابية”، يقول الممانغون من حلفاء الأسد. وللمفارقة أنّ هذا الإرهاب تضافرت قوى المقاومة واسرائيل وأميركا وروسيا وايران لإنهائه في جنوب غرب سوريا، مع انصياع قوى المقاومة لمطلب إسرائيل بعدم تعكير مزاجها، بالموافقة على عدم وجود قوات إيرانية قريبة من الجولان المحتل.

الدونية اللبنانية تجاه النظام السوري تجري محاولة تعميمها على الخطاب السياسي في لبنان، من خلال الإيحاء بانتصار موهوم حققه قتل مئات الآلاف من السوريين. خطاب دوني يريد أن يقدم بشار الأسد باعتباره منتصراً وقوياً ولو من خلال قتل شعبه، وعبر رذل اللاجئين السوريين الذين خرج معظمهم الى لبنان هربا من قتل كان بعض اللبنانيين يهللون له، بل يشاركون في ارتكابه.

المفارقة أنّ هذه الدونية تتأتى من منابر سياسية وشخصيات ذاقت طعم سياط الذل والمهانة، ومنهم من عبّر ببلاغة عالية عن دور النظام السوري في تدمير لبنان وتخريب حياته السياسية، والحكايا تبدأ ولا تنتهي عن فصول القمع والمهانة التي عاشها من كانوا في مصاف المسؤولية داخل مؤسسات الدولة. لكأن بعض المسؤولين في لبنان أقرب ما يكونون، في الدونية التي تتحكم بهم تجاه نظام الأسد، إلى مازوشية أو مرض نفسي يجعلهم يعشقون معذبيهم، ولا يستطيعون الاستمرار في الحياة من دون التلذذ بطعم الأذية والإهانة والاستمتاع بالاذعان. هم أنفسهم ينظرون إلى اللاجىء السوري نظرة استعلاء وتذمر بل ينظرون كما لو إلى وباء يجب التخلص منه كيفما كان ولو على حساب كرامتهم الإنسانية.

ليس ما تقدم تبريراً أو دعوة إلى بقاء اللاجئين السوريين في لبنان، بل المطلوب السعي الدائم من أجل توفير عودتهم إلى بلادهم. بل أكثر فهو واجب تجاه أشقائنا الذين يعانون مما ذقنا وعلمنا في الحروب التي مرت على لبنان خلال 43 عاماً. والذي يجب مراعاته من الناحية السياسية بعد الجانب الإنساني والأخلاقي، أنّ اللبنانيين يجب أن ينطلقوا من أنّ الثابت في سوريا هو الشعب أمّا الأسد فهو زائل، بل انتهى، إلاّ في عقول بعض الموهومين وضعفاء البصر والبصيرة. رصيد العلاقة اللبنانية-السورية الذي لايزول هو رصيد العلاقات بين الشعبين.

خطر الدونية اللبنانية تجاه النظام والاستعلاء على النازحين، يتمثل في أنّه يراكم الأحقاد مع فئات واسعة من السوريين، لاسيما أولئك الذين تمّ تهجيرهم من مناطقهم على امتداد الأراضي السورية، خصوصا تلك التي تحاذي الأراضي اللبنانية، وتمّ قتل أبنائهم وتدمير منازلهم باسم شعارات بدا زيفها اليوم، وتمّت الاستهانة بحقوقهم الدنيا كرمى لنظام الأسد، وتمّت شيطنة حقوقهم بأن يقاوموا الظلم والاستبداد، واليوم يتم التعامل معهم كوباء، فيما يتم تبرئة نظام الأسد من كل ما سببه سواء بقتل السوريين وتهجيرهم وتدمير بيوتهم وقراهم ومدنهم من جهة أو بما سببه للبنان من أزمات وكوارث سياسية وأمنية. وإذا كان من سبب لهذه الكارثة الإنسانية لا يمكن الجدال فيه، فهو احتقار نظام الأسد لإرادة التغيير لدى الشعب السوري، وان كان من أسباب أخرى فهي تأتي في مراتب هامشية لا يمكن أن تقارب نزعة الاستبداد المتأصلة في طبيعة النظام وسلوكه.

إذا كان المسؤولون اللبنانيون يشعرون بمسؤولية تجاه لبنان حاضراً ومستقبلاً، فهم مطالبون اليوم قبل الغد بإعادة ترميم ما سببه النظام السوري من شروخ عميقة في جسد العلاقة اللبنانية السورية. ترميم لا يمكن أن يكون مدخله إعادة تبييض صفحة النظام السوداء، بل العكس تماماً عبر تضميد كل الجروح التي طالت السوريين بسبب تورط بعض اللبنانيين في الحرب عليهم، والأهم عدم التسامح اللبناني مع نظام الأسد، وعدم الإيحاء بأنّ لا حياة للبنان ولا خروج من أزمات وطننا من دون فتح علاقة سياسية مع النظام السوري. العكس هو الصحيح تماماً. النظام السوري حرفته القتل والتخريب ولا يتقن سواهما، وهو عاجز عن فعل شيء حسن، فضلا عن أنّ الواقعية السياسية لا تتناقض مع البعد الأخلاقي، لا سيما في علاقات الدول أو الشعوب. والدولة اللبنانية يجب ألا تتدخل في الشأن السوري، وهذا صحيح، لكن ليس من حق الدولة اللبنانية أن تقوم بأي خطوة سياسية لدعم نظام سبب للشعب السوري وللبنان الكثير من الكوارث من دون أن يبادر إلى أي خطوة تراجع أو حتى اعتذار لفظي.

الدونية لدى بعض المسؤولين اللبنانيين تجاه النظام السوري كفيلة بتدمير ما تبقى من علاقة لبنانية سوية وندية مع سوريا… الأسد زائل وسوريا باقية فلا تنحازوا لما هو زائل وتفرطوا بمن هو باقٍ. ولا تخفضوا جناح الذلّ للأسد كوالده. هو ديكتاتور سينتهي قريبا. هذه هي الحقيقة. الأسد في 2018 هو ما تبقّى من أسد 2011. هو ظلّ الرجل الذي كان يحكم لبنان وسوريا وله نفوذ في بعض فلسطين. فلا تخافوا من ظلال راحلة.

علي الأمين – جنوبية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

  1. مقالة رائعة وحقيقة ساطعة زمن عائلة الكيماوي الى الزوال شاء من شاء وابى من ابى واللي مو عاجبو المقال ينطح راْسه بالحيط ترفع لك القبعة الصحفي الحر الشجاع على الأمين والله يحميك من كلاب حسن الشيطان الشاردة

  2. هي ليست دونية وانما تنفيذ أوامر الصليبيين والصهاينة بحذافيرها فهم لا يشغلون أمخاخهم لآنه لا يوجد مخ أصلا فلة كان لديهم أمخاخ لما قبلوا بهذه المناصب ولا أن يكون دمى طبل وزمر!.

  3. صدقت .. معظم المسؤولين و السياسيين اللبنانيين مثلهم الاعلى … أنا و من بعدي الطوفان . ليسوا عابئين بلبنان بل بمكاسبهم الشخصيه . سحقا لهم و للديوث بشار الأسد .