كاتب بريطاني يتحدث عن معاناة الأطفال السوريين قبل و خلال رحلة اللجوء و يوصل رسوماتهم البسيطة للعالم ( فيديو )

نشرت صحيفة “غارديان” البريطانية، مقالاً مؤثراً للكاتب “بن كويلتي”، عن لقائه وصديقه بمجموعة من اللاجئين السوريين أثناء رحلة لجوئهم إلى أوروبا.

وقال كويلتي، في مقاله بحسب ما ترجم عكس السير: “في عام 2016، مع صديقي ريتشارد فلاناغان، توقفت في محطة عبور في منتصف الطريق عبر صربيا، كان يوماً صافياً وكانت السماء زرقاء، وهناك توقفت ثلاث حافلات سوداء متسخة في محطة الاستراحة المؤقتة، ونزل 200 شخص من الحافة لأنهم كانوا بحاجة إلى الطعام وقضاء الحاجة”.

وأضاف: “قمت أنا وريتشارد باللحاق بهذه المجموعة، وجميعهم كانوا في رحلة هروب، حيث هربوا من رعب لا يمكن تخيله، وكانوا رجالا يرتدون ملابس سوداء، وكانوا قد هربوا من ويلات حرب قاتلة وكانت وجهتهم على بعد آلاف الكيلومترات شمالا في اتجاه لم يتخيله أحد قط، متجهين إلى مستقبل مجهول تماما، وكان من بين المجموعة أطباء ورجال إطفاء ومدرسين وميكانيكيين وطلاب جامعات”.

وتابع: “لقد لاحظت في ذلك اليوم أن الشبان الذين احتشدوا مع أسرهم الصغيرة متعبون، وكانت عيونهم مليئة بصدمة الخسارة العميقة، لقد هربوا من الوطن الذي سكنه مئات الأجيال منذ آلاف السنين، وحاول ريتشارد طمأنة هؤلاء الرجال ونساؤهم وقدم لهم القهوة الدافئة وتبادل أطراف الحديث”.

وأشار: “حاولت تهدئة الأطفال، كانوا جائعين فأكلوا، ومع عدم مقدرتي على التحدث باللغة العربية، وبدون ترجمة، طلبت من الأطفال أن يقوموا بالرسم فقام بعضهم برسم قوس قزح وأشجار البرتقال، أما الفتيات فقمن برسم الأميرات والشمس الصفراء في حين فقد بعض الاهتمام بسرعة، لذلك استخدمنا الورق لتصنيع طائرات ورقية وضحك الأطفال وشاهدوا الطائرات الورقية وقد أدى هذا إلى نسيانهم الصدمات لفترة وجيزة والتي بالتأكيد سافرت معهم في تلك الحافلات على طول الطريق من سوريا”.

واستطرد قائلا: “أثناء لعب الأطفال لم تتوقف فتاة صغيرة تدعى هبة عن الرسم وتابعت الرسم وخمنت أنها تبلغ من العمر ستة أعوام، وقامت الفتاة برسم بستان وحديقة وأشجار الفاكهة والشمس ومدرستها والزهور والطيور، طلبت منها أن ترسم بيتها من أجلي، نظرت هبة إلى عيني لثانية عابرة ورأيت في عينيها جدية لا ينبغي أن تكون لدى أي طفل في السادسة من عمره، ثم رسمت بسرعة، وفي النهاية اجتازت رسم نهاية منزلها وعادت إلى رسم آخر لشجرة محملة بالفاكهة على العشب الأخضر الحي”.

وأوضح: “في ذلك اليوم، جعلتني هبة أدرك مدى الحتمية بالنسبة للعالم لرؤية رسمها، لكي يرى العالم رسومات كل طفل نجا من الكارثة السورية، الناس الكبار لديهم أصوات كبيرة ويتجاهل معظمهم الأصوات الصغيرة، وكانت هبة واحدة من أكثر البشر ضعفاً من بين الذين قابلتهم، ولكن صوتها كبير وقصتها مصورة بقدر ما هي مأساوية”.

وقال: “الأطفال الذين قدموا فنهم وصوتهم يعيشون في مخيمات غير رسمية للاجئين في سهل البقاع في لبنان، هناك أكثر من مليون لاجئ سوري في تلك المنطقة وحدها، أعطاني البعض رسوماتهم بعد ساعات من عبور البحر الأبيض المتوسط المرعب والمميت من تركيا إلى جزيرتي ليسبوس وكيوس، لقد اجتازوا المخيمات والسكن في الأردن والعراق، وبعضهم كان قد هرب رسوماته بعناية من سوريا”.

وذكر: “لقد نُقلت الرسومات غير المعنونة والمجهولة الهوية من مناطق حرب خطرة حيث يخشى الآباء من أن يؤدي اسم الطفل البسيط إلى جلب الشر إلى أعتابهم، البعض فقدوا أشقاءهم، وبعضهم فقدوا أمهاتهم، وبعضهم فقدوا أباءهم، كل واحد منهم فقد منزله، لكن كل طفل عرف أن الناس سترى رسوماته في نهاية المطاف، وهكذا تسمع صوته، وتشعر بقصته .. هناك رسوم للأطفال في ضواحي سيدني، في محاولة للعثور على معنى حياتهم الجديدة، وهناك آخرون رسموا من ألمانيا”.

وختم الكاتب مقاله بالقول: “لم أجد هبة بعد، لكني أثق أنها تبدأ حياة جديدة بأمان في ألمانيا”.

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها