فرانس برس : أميركي يبث نشرات أخبار سورية من إدلب مباشرة
يستعين الأميركي بلال عبد الكريم بخريطة لمحافظة إدلب ليشرح باللغة الإنكليزية لمشاهديه في مقطع فيديو قصير الاتفاق التركي الروسي الأخير حول آخر معاقل الفصائل المقاتلة في سوريا حيث يعيش منذ سنوات.
خلال السنوات الست الأخيرة، عكف عبد الكريم واسمه داريل لامونت فيلييس قبل اعتناقه الإسلام، على نقل أخبار المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا من حلب سابقاً إلى إدلب حالياً.
ويبث الأميركي الأسود (47 عاماً) أخباره من مناطق استهدفتها الغارات او من خطوط الجبهات الأمامية، أو يجري مقابلات مع مقاتلين من الفصائل ومن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
وتمكن عبد الكريم من إنشاء شبكة علاقات مع الفصائل وهيئة تحرير الشام أتاحت له التنقل بسهولة في منطقة يتجنبها المراسلون الأجانب خشية عمليات الخطف، وأثار الأمر اتهامات له بأنه “مروج للجهاديين” أو “متعاطف” معهم وخصوصاً مع هيئة تحرير الشام التي تصنفها واشنطن تنظيماً “إرهابياً”.
وينفي عبد الكريم في حديث مع وكالة فرانس برس عبر تطبيقات “سكايب” و”واتساب” و”فيسبوك” ذلك، متهما في المقابل الحكومة الأميركية بمحاولة اغتياله في سوريا، ما دفعه إلى رفع دعوى ضدها.
ويصنف عبد الكريم نفسه بأنه “الرجل الأسود والأصلع في وسط سوريا”، ويبث الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي من “تويتر” إلى “يوتيوب” و”فيبسوك” حيث لديه 80 ألف متابع.
وفي فيديو بثه قبل أيام على صفحته “أخبار من الأرض”، يخرج عبد الكريم لتحليل الاتفاق الروسي التركي الذي ينص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب تجنبها عملية عسكرية لقوات النظام.
وينظر عبد الكريم مرتدياً بزة رسمية إلى الكاميرا، ويتوجه إلى المشاهدين بالقول “في هذا الاتفاق، هذا الاتفاق تحديداً، لا يستطيع أحد القول إن الفصائل ليسوا فائزين”.
ونشأ عبد الكريم قرب منطقة برونكس في مدينة نيويورك، وكان أكثر ما يحب القيام به هو مشاهدة فيلم “روكي” للممثل الأميركي سيلفستر ستالون وتناول الوجبات في المطاعم الإيطالية.
قبل نحو 15 عاماً، اعتنق عبد الكريم الإسلام لينتقل في العام 2002 إلى الشرق الأوسط قبل أن يتزوج في مصر وينجب أطفالاً يرفض الكشف عن مكانهم لأسباب أمنية.
في العام 2012، ومع تحول حركة الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى نزاع مسلح، انتقل إلى سوريا قادماً من ليبيا.
عمل عبد الكريم في بادئ الأمر مع محطات تلفزيونية مهمة بينها “سي إن إن”، قبل أن يؤسس في 2015 شبكة “أخبار من الأرض” مع تزايد “الشكوك” حول مواقفه السياسية، على حد قوله.
ويوضح “لدي علاقات عمل جيدة مع كل الفصائل، وهذا لا يعني أنني أتفق مع كل شيء يقومون به أو أنهم يتفقون مع كل ما أقوم به”.
ويبدأ عبد الكريم يومه عند الساعة الرابعة والنصف صباحاً مع صلاة الفجر، قبل أن يخرج للتحقق من أن أحداً لم يزرع في سيارته عبوة ناسفة، ثم ينطلق إلى عمله الذي تحدده مجريات الأحداث.
قد يجد نفسه أحياناً يتنقل على متن دراجة نارية إلى خطوط الجبهة الأمامية واضعاً في قميصه مذياعاً صغيراً من دون أن يرتدي سترة حماية، أو قد يقتصر يومه على شرب كأس من الشاي مع مقاتلين متشددين.
ويقول عبد الكريم “أذكر أنني خضت نقاشات عميقة جداً مع عناصر في تنظيم القاعدة حول أميركا والأميركيين والنظام الديموقراطي”.
وعرض عبد الكريم أن يلعب دور الوسيط بين القوى الغربية والمقاتلين في إدلب، مشددا على أن “ليست لديهم أنياب ترشح دماً ولا يريدون أن يأكلوا أطفال أميركا”.
وعبد الكريم ليس الأميركي الوحيد في إدلب، بل يقول “يوجد بعض الأميركيين هنا وجميعهم من المقاتلين”.
ويصر عبد الكريم على البقاء في إدلب حتى اللحظة الأخيرة، ويتذكر تجربته في مدينة حلب حيث كان برفقة آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين الذي خرجوا من أحياء المدينة الشرقية في نهاية العام 2016 إثر عملية عسكرية ثم اتفاق مع القوات الحكومية.
وفي حال تكرر السيناريو ذاته في إدلب، يقول عبد الكريم “سأكون بين آخر المغادرين”.
بعد 16 عاماً على مغادرته الولايات المتحدة، يشتاق عبد الكريم لأمور بسيطة جداً بينها التحدث باللغة الإنكليزية وحبوب الإفطار المليئة بالسكر، لكنه يخشى اليوم أنه لم يعد يعرف بلده أساساً بعد وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في 2016.
ويقول “يبدو أن أميركا اليوم ليست أميركا التي نشأت فيها”.
وأكثر ما يربط عبد الكريم اليوم ببلاده هو شقيقته والدعوى التي رفعها في العام 2017 ضد ترامب وعدد من المسؤولين الأميركيين متهماً إياهم بمحاولة اغتياله خمس مرات.
ويروي أنه في إحدى المرات “جرى استهداف سيارتي بغارة من طائرة مسيرة”، مضيفاً “طارت السيارة من مكانها وسقطت على جانبها”.
ويطالب عبد الكريم الحكومة الأميركية بالكفّ عن استهدافه، ويتهم واشنطن بـ”تشويه” الحقائق في سوريا، مشيرا الى أن “على الأميركيين أن يعلموا ماذا تفعل حكومتهم”.
ويقول الرجل الملتحي “أنا لست في أميركا لأن ما أقوم به في سوريا (…) هو باعتقادي الأمر الصحيح”.
ويضيف “إذا كان باستطاعتي القيام بشيء يساعد الناس على رؤية الحقيقة، فلم أعود إلى أميركا اليوم؟”. (AFP)[ads3]