قرية سويدية تتطلع إلى جذب زوار عرب
تدفّق إلى السويد خلال الأعوام الماضية مئات آلاف المهاجرين من بلدان الشرق الأوسط. ولعل اللجوء هو ما طبع أكثر من أي شيء آخر العلاقة بين العرب والسويديين في الفترة الماضية. لكن قرية سويدية تكاد تكون غير معروفة في الشرق الأوسط تطمح إلى أن تصبح وجهة سياحية للعرب ليزوروها بتلك الصفة. ويقع منتجع أوريه، Åre باللغة السويدية، في مقاطعة يامتلاند على بعد نحو 600 كيلومتر شمال العاصمة استوكهولم، ولا يقطنه أكثر من 1500 شخص. ويامتلاند ذاتها تعدّ من المقاطعات قليلة السكان في هذا البلد، حيث لا يتجاوز عددهم 115 ألف نسمة على امتداد أكثر من 34 ألف كيلومتر مربع. وطبقاً للإحصاءات الرسمية، فإن المقاطعة استقبلت العدد الأقل من اللاجئين في السويد نسبة إلى عدد السكان بما لا يفوق 0,2 في مقابل كل ألف قاطن.
وتُوصف أوريه بأنها «عاصمة المرتفعات في إسكندينافيا» كونها تضم أحد أشهر مسارات التزلج وأفضلها على المنحدرات الثلجية الجبلية ليس في السويد فحسب بل بين بلدان الجوار كذلك، حيث صنفت قبل أعوام كواحدة من أفضل عشرة منتجعات للتزلّج في العالم. وعلى عكس مناطق السويد الأخرى، يكاد لا يوجد مهاجر واحد في البلدة القريبة من الحدود النروجية والتي يصل ارتفاع جبالها المسمّاة «أوريهسكوتان» إلى نحو 1500 متر ويمكن الوصول إليها بالتلفريك أو على الأقدام لمحبي التريّض. ولعل صغر مساحتها التي لا تتجاوز 1.67 كيلومتر مربّع وطبيعتها الوعرة واعتماد نسبة وافرة من اقتصادها على النشاطات السياحية وقطاع الضيافة، خصوصاً في فصل الشتاء التي تصل الحرارة خلاله إلى ما دون 20 درجة مئوية، جعلها شبه مجهولة من قبل الوافدين الجدد الذين يميلون إلى الاستقرار في ضواحي المدن الكبيرة في الجنوب والساحل الغربي الأكثر دفئاً. ويتطلّع المسؤولون عن سياحة أوريه إلى اجتذاب الضيوف العرب، ولا سيما من منطقة الخليج، حيث يؤكّدون توافر عدد من المقوّمات والمرافق الحديثة التي تؤهلها لكي تكون قبلة الزوار من تلك المنطقة. وتغطي الثلوج القرية تماماً في فصل الشتاء، بينما تتزيّن بالأشجار والغابات الخضراء صيفاً، ما ينوّع النشاطات باختلاف الفصول. ففي الشتاء، يمكن مزاولة التزلّج والقيام برحلات عبر مزلاج تجرّه كلاب. أما صيفاً، فيستطيع المرء مزاولة رياضات الطيران المظلي، تسلّق الجبال، ركوب الدراجات الهوائية وصيد الأسماك.
ويوجد في القرية متاجر ومطاعم من الطراز العالمي تناسب مختلف الأذواق، منها 13 مرفقاً على لائحة «الدليل الأبيض» للمطاعم في السويد. وتتميز أوريه بمائها النقي وينابيعها المفيدة للصحة. وتوفّر فنادقها ونُزلها 35 ألف سرير، عدد منها من فئة النجوم الخمس مثل «كوبر هيل ماونتن لودج» الذي يحتوي على 112 غرفة وجناحاً منها غرف عائلية وأخرى مناسبة لذوي الحاجات الخاصة، إضافة إلى مطعمين يقدّمان أطباقاً سويدية تقليدية ونادٍ صحي بعلاجات فريدة ومسبح وغرف ألعاب للأطفال، ويقع في أعلى تلة تشرف على الجبال وبحيرة «أوريه خون» في منظٍ يسحر الألباب.
ويُمكن استئجار معدات التزلّج من الفندق الذي يوفّر أيضاً دروساً تعليمية للرياضة وحتى خدمة طائات هليكوبتر من مطار أوسترسوند الذي يبعد نحو 90 كيلومتراً. وقد يكون هناك سبب إضافي للإقامة في «كوبر هيل ماونتن لودج»، إذ أن فيلا يمتلكها لاعب كرة القدم السويدي المعروف زلاتان إبراهيموفيتش تقع أمام الفندق تماماً، وكثيراً ما يمكن رؤيته يتجوّل في الشارع أو واقفاً على شرفة منزله أو حتى يتناول الطعام في الفندق.
ويؤكد المسؤولون في أوريه أن معظم من يأتي إليها هم من بقية أنحاء السويد وبلدان الجوار وألمانيا، لكنهم يبدون رغبتهم في تسويقها كوجهة عالمية تستقطب الزوار العرب، نظراً إلى قربها النسبي من استوكهولم ووجود محطة قطار كبيرة فيها، بعيداً من الصورة النمطية لمدن السويد وبلداتها التي ترتبط دائماً باللاجئين وقضاياهم ومشكلاتهم.
وقد يكون لكل ذلك فوائد على الطرفين من قبيل أن قدوم السياح العرب وضخهم الأموال ولربما الاستثمارات قد يؤدّي إلى الاستعانة بخدمات المهاجرين المقيمين في المملكة الإسكندنافية من أجل الاهتمام بهؤلاء الزوار ومساعدتهم في أية ترتيبات، ما قد يعني في نهاية المطاف ايجاد فرص عمل للاجئين وتنشيط الدورة المالية في منطقة لا تزال مجهولة إلى حد ما في الخليج، وإمكاناتها قابلة للاستكشاف في شكل واضح.
رؤوف بكر – الحياة[ads3]
بلالكم هالقصة اسمعوا مني. اينما و حيثما حل هؤلاء جلبوا معهم التصحر و الجفاف