” صانع الملوك ” .. زعيم سياسي من أصل عربي في ألمانيا

ربما يصبح زعيم حزب الخضر في ولاية هسن، طارق الوزير، أول سياسي من أصول أجنبية، صانع ملوك في ولايته بعد الانتخابات المحلية، يوم الأحد، وقوته تكمن في بلاغته في الخطابات وفي موضوعيته وابتعاده عن الغرور، فمن هو طارق الوزير؟

يمتلك قوة بلاغة مدعومة بالحجج والبراهين، وغالباً ما يصاحبها أيضاً مزحات لغوية، وعندما يلقي طارق الوزير خطاباً في برلمان ولاية هسن فإنه لا يضمن بالتأكيد استحسان جميع النواب، ولكنه يكون على يقين بأن كلمته ستسترعي انتباههم، فهو من بين أفضل المتحدثين في برلمان الولاية، وبفارق كبير عن آخرين، وروح المواجهة المفتوحة مع خصومه السياسيين تجعله في حالة هجوم شبه دائم، ولكن بموضوعية تامة لا تخرج عن إطار الملفات المطروحة على بساط البحث.

يعلم طارق الوزير، الوجه المعروف لحزب الخضر وكبير مرشحي الحزب في انتخابات ولاية هسن التي تجرى الأحد المقبل، الكثير والكثير من التفاصيل والجزئيات عن الأجندات السياسية ويتحدث عنها بشكل احتفالي في تصريحاته الرسمية أو عند الحديث مع المواطنين في حملته الانتخابية، ما يثير حماس أصدقائه وتصفيقهم، ويعتبرها خصومه دليلاً على أنه يزعم العصمة أو دليلاً على الغطرسة.

ولا يخفي طارق الوزير، البالغ من العمر 47 عاماً، والذي ظهرت عليه علامات الشيب في شعر رأسه وصدره، شغفه وحبه لمنصبه على رأس وزارة الاقتصاد والمواصلات في ولاية هسن، لذلك فإن هذا الرجل الواقعي لا يستطيع أن يسكت عن الاستفزازات المتعمدة من جانب الحزب الديمقراطي الحر، الذي ربما يصبح حليفاً مع حزب الخضر في ائتلاف حكومي ثلاثي محتمل، عقب الانتخابات المقررة الأحد (28 تشرين أول 2018)، حيث لا يتوقف أعضاء الحزب الليبرالي عن التأكيد بأن وزارة الاقتصاد التي يتولاها الوزير حالياً هي “عملياً” من نصيب الليبراليين.

وطارق الوزير هو نجل دبلوماسي يمني سابق وأمه معلمة ألمانية يحركها حب السلام، وكانت تصطحب معها ابنها في صباه عندما كانت تشارك في احتجاجات ضد إنشاء المدرج الغربي لإقلاع الطائرات وهبوطها بمطار فرانكفورت الدولي، وعندما بلغ طارق سن 14 عاماً رحل ليعيش في كنف والده في العاصمة اليمنية صنعاء وقضى معه عامين هناك وتعلم في مدرسة دولية في صنعاء وتعرف هناك أيضاً على المرأة، التي أصبحت زوجته فيما بعد، وأصبح لدى الزوجين ابنان.

ويعتز الوزير، الذي يتولى منصب نائب رئيس الوزراء في هسن، بأنه ألماني قح من مواطني مدينة أوفنباخ وابن ولاية هيسن، ورغم أن الكثيرين يثقون في قدرته على الصعود لمسرح السياسة على المستوى الاتحادي، إلا أنه لا يصارح علناً برغبته في الانتقال لبرلين، حيث القرار السياسي الاتحادي.

ولطارق الوزير صداقة شخصية مع رئيس وزراء الولاية، فولكر بوفيير، العضو بالحزب المسيحي الديمقراطي، الذي ترأسه المستشارة أنغيلا ميركل على المستوى الاتحادي، ورغم التعارض في طبيعتهما و طريقة تقديم كل منهما نفسه إلا أن كلاً من هذين السياسيين البارزين يفهم الآخر جيداً ويحرص على تماسك التحالف الحكومي، المؤلف من حزب الخضر، الذي ينتمي إليه الوزير والحزب المسيحي الديمقراطي.

وبدأ مشوار صعود الوزير سياسياً مبكراً، حيث انتخب عضواً في برلمان ولاية هسن بعمر 24 عاماً، وكان ما يزال يدرس علوم السياسة. وبعد خمس سنوات تولى قيادة الكتلة البرلمانية لحزب الخضر بالولاية، لكن إنجازه الكبير يكمن في تطويره برنامج حزب الخضر بشكل واسع والسعي سياسياً لتنفيذ ذلك البرنامج بحزم، وهو ما رفع من مصداقيته داخل وخارج الحزب، وربما يكون هذا هو السبب في الشعبية الكبيرة، التي يتمتع بها في الولاية، التي تحتضن العاصمة المالية لألمانيا، مدينة فرانكفورت.

وتضع استطلاعات الرأي حزب الخضر بزعامة الوزير في صف الفائزين الكبار المرتقبين في انتخابات الولاية، فحزب الخضر قد يحصل على نسبة 20% من أصوات الناخبين، وهو أمر يفتح الباب أمام طارق الوزير لكل الاحتمالات لتشكيل حكومة محلية.

وفي أحد الاحتمالات الممكنة يمكن لطارق الوزير أن يتولى منصب رئيس الوزراء في هسن في حال تمكن من تشكيل ائتلاف بين الخضر و الاشتراكيين وحزب اليسار، كما يمكن أيضا أن يتولى الوزير منصب رئيس الوزراء في حكومة ائتلافية بين الخضر والاشتراكيين والليبراليين، وهناك أيضا احتمال أن يبقى الائتلاف الحالي لدورة تشريعية مقبلة في حال حصل المحافظون بزعامة رئيس الوزراء الحالي فولكر بوفيير على نسبة كافية من الأصوات تتجاوز 30%، لكن استطلاعات الرأي تعطي المحافظين نسبة 28% فقط، وهناك أيضا احتمال آخر يتمثل في دخول طارق الوزير وحزبه، الخضر، في ائتلاف مع المحافظين والليبراليين، وهو ما يعرف سياسياً في ألمانيا بائتلاف جامايكا، نسبةً إلى ألوان علم جامايكا (الأسود للمحافظين والأخضر للخضر والأصفر لليبراليين).

وفي كل هذه الاحتمالات يلعب الوزير من أصل يمني دور صانع الملوك فيها، وهناك بين الخبراء من يعتقد أنه إذا فاز حزب الخضر بنسبة عالية في الانتخابات وخسر بالمقابل الاشتراكيون، فإن ذلك سيؤدي ربما إلى انهيار الائتلاف الحاكم في برلين برئاسة المستشارة ميركل، فهل سيطيح طارق الوزير بالمستشارة أنغيلا ميركل حقاً؟ الإجابة على هذا السؤال تحددها انتخابات الأحد. (DPA – DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها