فاينينشال تايمز : ألمانيا تبدأ العد التنازلي لخلافة ميركل

الجدل حول من الذي يجب أن يخلف أنجيلا ميركل في رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني يتشكل بطرق غير متوقعة. هناك الآن إمكانية حقيقية لأن يذهب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في اتجاه مختلف عن ذلك الذي اختارته المستشارة على مدى الـ 18 عاما التي أمضتها في قيادة الحزب.

من المقرر أن يختار حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي خليفتها في مؤتمر يستمر يومين ابتداء من السابع من كانون الأول (ديسمبر) المقبل. هناك ثلاثة مرشحين جديين يمثلون ثلاثة أقطاب متباعدة في الآراء داخل الحزب.

القرار الذي سيطلب من المندوبين الـ 1001 أن يتخذوه يمكن أن يبطئ أو يعجل من تشتت السياسة الألمانية.

ويمكن أن يدفع الناخبين إلى “البديل من أجل ألمانيا”، وهو حزب يميني متطرف. أو يمكن أن يجذب الناخبين.

كذلك يمكن أن يعطي دفعة لمزيد من التكامل الأوروبي، أو مزيد من الانقسام. سيكون أحد أهم القرارات السياسية التي اتخذت في ألمانيا خلال جيل.

إنجريت كرامب – كارينباور، الأمينة العامة لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، هي الأقرب سياسيا إلى ميركل.

عندما كانت رئيسة للوزراء في سارلاند، أيدت سياسات الهجرة التي وضعتها المستشارة وتولت تنظيم حملة ميركل الانتخابية في العام الماضي. تصرفت المستشارة بحكمة ولم تعلن دعمها وتأييدها رسميا، لكن يقال إنها تفضلها.

على يمين الطيف السياسي يوجد جينس سبان، وزير الصحة. وهو أشد منتقدي ميركل من بين كبار السياسيين في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. ويعد الترياق المضاد للنزعة الليبرالية الاجتماعية الحضرية لدى ميركل. وباعتباره وزير دولة سابق في وزارة المالية، اشتهر بكونه معارضا قويا لإصلاحات منطقة اليورو.

لو كانت المنافسة بين هذين الاثنين، فلربما فازت كرامب – كارينباور. لكن ظهور فريدريش ميرتز مرشحا ثالثا غير ما كان يمكن أن تكون منافسة يسهل توقع نتيجتها. ميرتز تذكرة مفاجئة من الماضي. كان قائدا للكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، الحزب البافاري الشقيق، خلال الفترة من عام 2000 حتى عام 2002، ثم تم استبعاده بعد الدخول في صراع على السلطة مع ميركل فازت فيه الأخيرة. وفي عام 2005 أصبح واحدا من نواب الصفوف الخلفية في البرلمان، وفي عام 2009 تقاعد من البوندستاج.

ومنذ ذلك الحين، عمل محاميا تجاريا وشغل منصب رئيس مجلس المشرفين في الفرع الألماني لشركة بلاك روك لإدارة الأصول. لكنه بقي عضوا نشطا في الحزب. وأفادت وسائل إعلام ألمانية أن فولفجانج شويبل، رئيس البوندستاج ووزير المالية السابق، كان وراء ميرتز وترشيحه الذي يعد أمرا بالغ التأثير في السباق على خلافة ميركل.

أثناء ابتعاده عن المحيط السياسي، حافظ ميرتز على صلاته الوثيقة بالاتحاد الديمقراطي المسيحي الإقليمي في شمال الراين وستفاليا، أكبر ولاية في ألمانيا. وهو أيضا قريب من رئيس وزراء الولاية، أرمين لاشيت، على الرغم من أنهما يمثلان جناحين مختلفين داخل الحزب.

في الآونة الأخيرة كان ميرتز ممثل الحزب الإقليمي فيما يخص مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو يدعو إلى علاقة بناءة مع المملكة المتحدة بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي. خلال الفترة التي قضاها في خطوط السياسة الأمامية، تمركز ميرتز بحزم في نهاية الطيف المحافظ اجتماعيا والمتحرر اقتصاديا، لكن موقفه السياسي اليوم ليس واضحا.

ما يجعل ترشيح ميرتز منافيا للحدس إلى حد بعيد هو تأييده للإصلاحات الأوروبية التي اقترحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. داخل الاتحاد الديمقراطي المسيحي غالبا ما تسير النزعة المحافظة يدا بيد مع النزعة المتشككة في أوروبا. لكن ميرتز لا يتلاءم مع هذا الأمر. في الفترة الأخيرة وقع على رسالة مشتركة مع يورجن هابرماس، الفيلسوف الألماني الراديكالي المؤيد للاتحاد الأوروبي، أعلنا فيها دعمهما لتكوين جيش أوروبي وتعزيز منطقة اليورو.

وجهات نظرهما (مشابهة جدا لوجهة نظري) قوية على نحو غير عادي بالنسبة للحزب الديمقراطي المسيحي. لكن هذا المزيج الذي يجمع بين المحافظة الاجتماعية وتأييد أوروبا يمكن أن يصبح مركزيا في السياسة الألمانية.
هل سينتخبه الحزب؟ كرامب – كارينباور مرشحة قوية. سيكون من الخطأ التقليل من شأنها. فهي تجلس في قمة جهاز الحزب وعلى صلة وثيقة بميركل. لكن الأجواء في الحزب بدأت تتغير.

تقييمات استطلاعات الرأي ظلت باستمرار دون 30 في المائة بدرجة كبيرة وخيارات الحزب السياسية تتقلص بشكل كبير. كرامب – كارينباور ترمز إلى الاستمرارية، لكن من غير الواضح إن كان هذا ما يريده الاتحاد الديمقراطي المسيحي. جاذبية ميرتز تكمن في وعد بالتغيير، لكن دون التطرف اليميني الذي يميز سبان.
من بين المرشحين الثلاثة، يبدو أن ميرتز هو الأفضل استعدادا.

بذل كل جهده في وقت مبكر وكان مستعدا لإطلاق حملته خلال دقائق من إعلان ميركل أنها لن تتقدم لإعادة انتخابها على رأس الحزب. سيحتاج إلى الحفاظ على هذا النشاط. لكن كون سياسي متقاعد مرشح مهم ولديه فرصة الفوز برئاسة أكبر الأحزاب السياسية في ألمانيا أمر مثير للدهشة. هذا يخبرنا أن البلاد في مأزق.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها