ألمانيا : كفالة اللاجئين .. اعتقادات خاطئة و مسؤولية تستمر لسنوات عديدة !

زوجته حذرته. لكن ما الذي سيحصل؟ كريستيان أوسترهاوس كان متيقنا من فعل ما هو صحيح. فإدارة الأجانب أكدت له وزملاءه من هيئة مساعدة اللاجئين في بون الخاصة بسوريا أن الكفالات تبقى سارية المفعول حتى الاعتراف الرسمي باللاجئين. ووقع أوسترهاوس على التزامين لصالح طفل سوري وشابة أخرى. “قمنا بدفع تكاليف الرحلات الجوية وبحثنا عن سكن وعملنا على أن يحصل الناس هنا على الغذاء”، يقول أوسترهاوس.

ففي مدينة بون وحدها قدم 450 شخصا كفالات، وعلى المستوى الاتحادي وصل عددها إلى أكثر من 7000 كفالة حصل أصحابها في الشهور الماضية على بريد غير مرضي من مكاتب العمل وإدارة المدينة أو كما يقول أوسترهاوس البالغ من العمر 61 عاما:” جاء الحمام البارد، أمر مخالف للمنطق تماما”.

أوسترهاوس الذي كان يلتزم في حياته اجتماعيا وعمل أيضا في التعاون الإنمائي أخرج ملفا جمع فيه كافة الوثائق المرتبطة بالخلاف حول الكفالات. والوثيقة الأخيرة تعود لتاريخ الـ 20 يونيو 2018 وهي رسالة من مكتب العمل يطلب فيها تحويل 7.238 يورو مع الإشارة إلى إمكانية طلب مزيد من المال.

وأساس هذا الإشعار الصادر عن مكتب العمل في بون هو تعديل قانوني من عام 2016: في تلك الفترة شدد الائتلاف الحكومي قوانين الهجرة إلى ألمانيا، إذ يُذكر في الفقرة 68 من قانون الإقامة أن “إعلان التزام لا يفقد صلاحيته مع حصول تغيير في وضع الإقامة”.

والالتزامات التي وصلت قبل الـ 6 أغسطس 2016 تنتهي صلاحيتها بعد ثلاث سنوات والأخرى بعد خمس سنوات. وفي يناير 2017 تم تأكيد هذا القانون من طرف المحكمة الإدارية الاتحادية في لايبزيغ. وفي أبريل 2018 أعلنت وزارة العمل أن كفالات اللاجئين حتى صدور قرار نهائي للمحكمة الإدارية غير مطالبة بدفع أموال للمؤسسات الحكومية. ومكاتب العمل ستواصل في الحقيقة إرسال إشعارات دفع، إلا أنها لن تطلب الأموال.

فهل سيلجأ أوسترهاوس بالمعرفة التي يتوفر عليها اليوم إلى عدم التوقيع على التزامات؟ ” لكنني فخور بما عملناه في إطار مساعدة اللاجئين السوريين. لقد ساهمنا بقسط في الاندماج”. لكن الثقة في العدالة الألمانية فقدها أوسترهاوس جزئيا:” لقد تعلمت أن القوانين والقواعد تتغير لاحقا. وهذا يرتبط بالأمن القانوني في هذه البلاد”.

قرارات المحكمة تصدر مختلفة حسب الولاية

وبالنسبة إلى كثير من الأشخاص المعنيين مثل أوسترهاوس، يكون لوتار مالبيرغ الأمل الأخير. هذا المحامي من بون يمثل 20 كفالة للاجئين وأحرز مؤخرا أمام المحكمة الإدارية في كولونيا في أربع حالات نجاحات. فكولونيا قررت كأول محكمة في ألمانيا لصالح الكفالات وضد مدينة بون.

ويقول مالبيرغ إن هذا ” نورا أوليا في النفق، ولكن هل الكابوس انتهى حقيقة، فهذا لا يُعرف بعد”. وعكس المحاكم في هانوفر وميندن أشارت المحكمة إلى أن إدارة الأجانب كمؤسسة مسؤولة تحققت بما لا يكفي من قدرة الدفع لدى الكفالات. ومالبيرغ متفائل من أن قرار كولونيا يمثل إشارة لولايات اتحادية أخرى، ويبطل إلزامية الدفع لآلاف الكفالات. ونصيحة المحامي مالبيرغ تتمثل في “تسمية شهود كانوا حاضرين عند تقديم إعلانات الالتزام، ويجب على هؤلاء الشهود بوجه خاص تأكيد أن الإدارة أعلنت عن شيء مغاير لما هو وارد الآن في الإشعارات أو أن المتكفل أعلن عند التوقيع أن كفالته تنتهي عند الاعتراف بحق اللجوء”.

ولوتار ماربيرغ لا يتفهم أن تتم معاقبة أشخاص أرادوا الالتزام والمساعدة، وخلاصة المحامي:” هنا التزم أشخاص طواعية وتحملوا أعباء دخول لاجئين إلى ألمانيا بطريقة قانونية وليس عبر طريق المتوسط الخطير. وأن يتحملوا الآن طوال سنوات العبء المادي، فهذا يتسبب في كثير من المرارة وخيبة الأمل”.

السوري فريد حسن يعيش منذ أكثر من 20 عاما في ألمانيا وقدم كفالة لصالح أبويه وإخوانه الاثنين الذين قدموا إلى ألمانيا. “تعبت، لم أعد أقدر على تحمل هذه المتاعب”، يقول الرجل البالغ من العمر 53 عاما ويُخرج إشعارات المدينة المطالبة بدفع 85.000 يورو من جيبه. “لا أقدر على دفع هذا المبلغ، من أين سآتي بالمال؟”، يسأل حسن في حيرة.

في سوريا درس حسن الأدب الانجليزي والموسيقى، وهنا في ألمانيا هو يعمل في متجر لمستلزمات المنزل ويحصل على راتب بألفين يورو يدفع منها 800 يورو للإيجار، ويبقى له 1.200 يورو للعائلة المكونة من أربعة أفراد زائد الأقارب. “أشعر بالمرارة عندما أكون مجبرا عند شراء أشياء صغيرة للقول لأطفالي بأنني لا أقدر على اقتناء ذلك أو لأن العم يحتاج إلى بعض المال. كيف يمكن لأطفالي أن يفهموا هذا الشيء؟”

ويقول حسن بأن الكثير من العائلات التي قدمت كفالات انهارت بسبب هذا الوضع. وهو يكافح لتجاوز هذه المحنة، وقابل عدة جهات، بل سبق وأن التقى شخصيا بوزير الداخلية في ولاية رينانيا الشمالية ووستفاليا رالف ييغر الذي وعده بأنه سيحاول بذل كل الجهود لمساعدته. وحسن غاضب ويقول:” لو أني تركت عائلتي تأتي إلي بمساعدة مهربين لما حصل هذا الشيء. لكن بما أنني غبي واتبعت الطريق الرسمي، فيجب علي الآن الدفع”.

أوليفر بيبر – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها