” فلينتستون ” .. أول ” كلب آثار ” ألماني ينقب عن عظام البشر
كان الكلب الألماني “فلينتستون” يساعد، سابقاً، في إنقاذ المطمورين تحت الأنقاض والانهيارات الجليدية، ولكن خروجه اليوم وممارسة عمله ككلب يمتلك حاسة شم نادرة تعني أنه قد فات الأوان من زمن طويل لإنقاذ المعرضين للخطر، وذلك لأن هذا الكلب الذي يتبع فصيلة كلاب الرعي الألمانية القديمة، والذي يبلغ من العمر سبع سنوات، أصبح محترفاً في البحث عن الهياكل العظمية، وأصبح يعرف باسم كلب الآثار، حيث دربه صاحبه ديتمار كروبل، على اكتشاف العظام القديمة في باطن الأرض.
غيّر فلينتستون نشاطه بعد أن أصبح مالكه كروبل قبل بضع سنوات، غير قادر لأسباب شخصية على الخروج ثلاث مرات أسبوعياً مع كلبه للمشاركة في عمليات إنقاذ.
ولكن الكلب لم يستطع البقاء بلا عمل “فهذه كلاب اعتادت على العمل”، بحسب قول صاحبه، مما يعني أن فلينتستون يبحث بشكل ملح عن عمل جديد “وإلا لبحث له عن أشياء، وهذا ما لا تريدونه”.
لذلك اصطحب عالم الآثار الألماني كروبل كلبه معه في أماكن التنقيب التي يعمل بها في إيطاليا، حيث ولدت فكرة إعادة تدريب الكلب فلينتستون. وليس هناك مدربون دوليون في هذا التخصص حتى الآن.
كتبت مجلة “ناشيونال جيوجرافيك” على سبيل المثال عام 2012، عن مدرب الكلاب جاري جاكسون، الذي يقال إنه درب الكلب الأسود لابرادور ميكس ميجالو، ليصبح أول كلب آثار في العالم.
واستطاع الكلب العثور خلال اختبار خاص عن مقبرة عمرها 600 سنة في أستراليا، والتي كانت قد اكتشفت قبل ذلك بعام، حسبما ذكر جاكسون للمجلة.
ولكن الكلب فلينتستون هو الكلب الوحيد الحاصل على تصريح كـ “كلب آثار” في ألمانيا، حسبما يؤكد كروبل.
يدعم هذا الكلب عمليات الحفر والتنقيب في إطار مهام رعاية الآثار القديمة، واكتشف على سبيل المثال عام 2016 مقبرة رومانية في منطقة ايبرسبرغ، شمال ولاية بافاريا الألمانية.
ولكن الأكثر إثارة من ذلك، وفقا لصاحبه كروبل هو أن الكلب يساعد الشرطة في الكشف عما يعرف بالحالات الباردة، وهي الجرائم التي يعتقد أنها ارتكبت قبل فترة طويلة ولم يتم الكشف عن الجثة ولم تصل الشرطة لمرتكبها في حينها.
شارك الكلب وصاحبه عامي 2017 و 2018، وفقاً لصاحب الكلب، في الكشف عن 13 من مثل هذه الحالات في النمسا و ألمانيا وسويسرا.
وتحقق الشرطة حالياً في اختفاء شاب في منطقة هوف الألمانية بولاية بافاريا، جنوبي ألمانيا قبل أكثر من 30 عاما، وكان يبلغ من العمر آنذاك 18 عاماً، “واستطعنا آواخر عام 2017 في إطار التحقيقات حصر البحث عن الجثة في قطعة من الطريق بامتداد 200 متر، رجحنا أن تكون الجثة مدفونة فيها “حسبما أوضحت آنّا هوفر، المتحدثة باسم الشرطة.
وقالت المتحدثة إن الكلب فلينتستون استخدم في البحث عن الجثة في هذه المنطقة، ثم عثر على عظام بشرية في إحدى القنوات المائية.
ثم حفرت قوات الدفاع المدني في أيلول من العام المنقضي في هذا المكان من الطريق، وفي البداية لم تظهر عظام بشرية، وللتأكد من أنه ليس هناك شيء مدفون في هذا المكان، كان لابد من إجراء المزيد من التحريات، حسبما أوضحت هوفر.
ولكنها أكدت فيما يتعلق بعمل الكلب فلينتستون أن “المحققين ما يزالون على قناعة بأن استخدام هذه الطريقة مجدية في البحث عن العظام تحت الأرض “.
وقالت المتحدثة إنه من الممكن استخدام الكلب مستقبلاً لنفس الغرض، بالتعاون مع أساليب أخرى، من بينها القياسات الفيزيائية تحت الأرض، وهي طريقة ما تزال في مهدها نسبياً، تساعد الكلاب مبدئياً المرة بعد الأخرى في حل قضايا القتل المستعصية، حيث كان زوجان قد قتلا عام 1989 في منطقة غابات شرق مدينة لونيبرج بولاية سكسونيا السفلى.
عرفت هذه القضية في ألمانيا بـ “اغتيالات غورده”، ويُتهم فيها عامل حدائق كان يعمل في المدافن، والذي انتحر عام 1993 في السجن.
ولكي يعرف المحققون ما إذا كان المتهم قد ارتكب جرائم أخرى مشابهة، استخدموا كلاباً متخصصة من كرواتيا، كان ذلك في نيسان من العام الماضي.
كانت هذه الكلاب قادرة على التعرف على الأرض، التي حوت في بطنها قبل فترة طويلة بقايا بشرية.
كما استخدمت كلاب محترفة في البحث عن جثة سيدة تدعى كاترين كونيرت، التي اختفت عام 2001 في منطقة “دومِّه” الجبلية بولاية سكسونيا السفلى، ولم تظهر بعد ذلك.
وقال متحدث باسم إدارة شرطة مدينة لونيبرغ، إن الكلاب دعمت عمل المحققين في التحقيق “ولكن أن يكون هناك كلب حفريات، فهذا أمر جديد بالنسبة لي”.
ما يميز الكلب فلينتستون عن بقية كلاب الشرطة هو أن الكلاب المتخصصة في تقفي الجثث تشم على سبيل المثال الأنسجة البشرية المتحللة، كما أن هذه الكلاب مدربة على ما يعرف بـ”تعقب آثار البشر”، والعثور على الأحياء.
كان هذا في الأصل تخصص الكلب فلينتستون، وهو التخصص الذي اضطر صاحبه كروبل أن يجعله ينساه أولاً، قبل أن يعلمه التخصص الجديد، العثور على عظام البشر.
كما تعلم فلينتستون ألا يسارع بالحفر مكان العظام، بل يبلغ عنها، وذلك من خلال جلوسه والنباح في موضع العظام. ولتدريب المزيد من الكلاب على هذا التخصص، أسس كروبل جمعية كلاب الآثار في بافاريا والاتحاد الألماني لكلاب الآثار.
وضع كروبل في هذا الاتحاد القواعد، التي يجب اختبار الكلاب على أساسها لتجتاز اختبار الكشف عن الحفريات البشرية.
يقوم بهذه الاختبارات حالياً الخبراء المتخصصون في امتحان كلاب الإنقاذ، وهناك في الوقت الحالي ثمانية كلاب يتلقون تدريبهم، ومن المنتظر أن تتأسس جمعيات جديدة متخصصة في هذا التدريب في ولايتي شمال الراين فيستفاليا و بادن فورتمبيرغ.
إلى جانب ذلك يتبقى لدى كروبل وكلبه فلينتستون الوقت الكافي في عطلات نهاية الأسبوع وفي نهاية اليوم للعمل لصالح الشرطة والمشاركة في عمليات التنقيب بحثاً عن العظام البشرية، “وهذه هي ميزة البحث عن العظام مقارنة بالمشاركة في عمليات الإنقاذ، فليس لدينا مهام ملحة واجبة التنفيذ فوراً، نستطيع التنسيق بشأن وقت تنفيذ المهمة، فالذين نبحث عنهم يستطيعون الانتظار وقتاً طويلاً، لذلك فإن التأخر يوماً أو بعض يوم لن يؤثر”. (DPA)[ads3]