ألمانيا : مدرسة تتحدث عن مشاكلها و التحديات التي تواجها مع طلابها الذين يشكل الأجانب غالبيتهم
تعتبر مدرسة “ديسترفيغ غيمناسيوم” في برلين فريدة من نوعها، فنسبة الطلاب المسلمين فيها 96%، إضافة إلى أن 93% من الطلاب مهاجرون، و75% منهم يتلقون معونات من الدولة.
مجلة “فوكوس” الألمانية، رافقت مدير المدرسة “فولكر ليهمان” في المدرسة، للتحدث عن الوضع فيها، وشرح المدير التحديات والمعوقات والمشاكل التي تواجههم.
المدير تحدث عن بعض المشاكل مع الحجاب، وقال، بحسب ما ترجم عكس السير، إن طالبة محجبة كان لديها صديق، مما جعلها محطاً للسخط والمشاكل من قبل الآخرين، الأمر الذي اضطرها لتغيير المدرسة.
في الوقت نفسه تحدث عن نموذج إيجابي، حيث أن طالبة محجبة في البكالوريا، مثلت دور “الشيطان” في رواية “فاوست” الشهيرة، في مسرح المدرسة.
المدير يحاول مع زملائه المرسين تأمين أفضل جو للطلاب، يسوده الاحترام والتقبل والتسامح، حيث يريد أن يكون وقت المدرسة وقت حرية.
إحدى مدرسات الرياضة قامت بعزل صالة رياضية كاملة للفتيات، ليستطعن لعب الرياضة من دون حجاب.
مشكلة أخرى تحدث عنها، وهي أن مستوى نصف الطلاب في المدرسة ليس مستوى طلاب مدرسة ثانوية عليا (غيمناسيوم)، والأهالي الأتراك والعرب لا يتقبلون فكرة إرسال أولادهم إلى مدارس ذات مستوى أقل، لأسباب تتعلق بالثقافة العامة، ورؤية الأهل بأن الثانوية العليا هي المستقبل الأفضل لأطفالهم.
في زيارة إلى حصة مادة العلوم الطبيعية للصف السابع تبين بشكل واضح تدني مستوى الطلاب، حيث أنهم لا يشاركون في الحصة، بالرغم من محاولات المدرس الحثيثة لتحميسهم.
لحل وظيفة تم إعطاء الطلاب 20 دقيقة، والمصطلحات التي يحتاجونها، وبعد انتهاء الوقت، لم يكن لدى معظم الطلاب الرغبة في إظهار حلهم، مما دعا المدرس لاختيار بعضهم لا على التعيين للحل، هنا برزت مشكلة واضحة في الشرخ اللغوي لدى الطلاب، ففجأة تحول الدرس من مادة علوم إلى مادة لغة ألمانية، إلى أن انتهى الدرس من دون تحقيق الهدف.
المدرسة لا يوجد فيها مشاكل عنف أو تنمر أو مخدرات، وهو أمر إيجابي مقارنة بمدارس برلينية أخرى.
المحيط الاجتماعي الذي يحيط بالطلاب يزيد الطين بلة، فالمنطقة التي توجد بها المدرسة هي منطقة مشتعلة اجتماعيا ومنطقة أجانب بامتياز، مما يعني أن الطلاب لا يخرجون من محيط عائلاتهم ولغة الأهل الأم، حتى أنهم يتناولون مواد إعلامية من البلدان الأم.
المدرسة نصحت الأهل بإرسال أولادهم إلى نشاطات غير مدرسية خارج تلك المنطقة، لكنهم يرفضون ذلك، بحجة أنهم لا يريدون فقدان السيطرة على أبنائهم.
نسبة النجاح في البكالوريا في المدرسة بلغت 96%، لكن بمتوسط علامات ما بين 2,58 و2,89، وهي علامات ليست بالجيدة، لكن بالظروف التي تحيط بالمدرسة تكون النتيجة متقبلة، وتستحق الاحترام.
وقال المدير: “نحن نستطيع أن نحسن من تلك النتائج بشكل كبير عندما لا يكون مستوى الطلاب بالمستوى المطلوب، ويفشلون سنة بعد أخرى”.
هناك عدة طلاب يرسبون 3 مرات في الصف الثامن، والأهالي يرفضون نقلهم إلى مدرسة ثانوية بالرغم من أن هناك فرصة متاحة لإجراء الثانوية العليا بعد ذلك، وهذا ما وصفه المدير “بقرارات كارثية على الأطفال من قبل الأهل، الذين لم يزوروا المدرسة الثانوية العليا، ولا يعرفون مدى صعوبتها والإجراءات التي فيها، ويحملون دائماً المدرسة المسؤولية الكاملة”.
وقال المدير: “الأهالي لا يهتمون بالمستوى التعليمي للأطفال، وحتى أنهم في بعض الأحيان لا يعرفون أسماء أساتذة أبنائهم، لو كان هناك تعاون ما بيننا وبينهم، لكان الحال بالنسبة لأولادهم أفضل بكثير، فمتابعة الأهل لها تأثير فائق على التحصيل الدراسي”.
وفي حال الوصول للأهل وإخبارهم عن مستوى أطفالهم السيء، وبسبب جهلهم للحلول وعجزهم، يلجؤون لوسائل عقابية، من سحب الأجهزة الذكية، وحتى العنف.
المدير وبجهود جبارة مع زملاءه المدرسين، يحاولون حل المشاكل تلك بطرق منهجية ورائعة، حيث بدأ بتطبيق سلسة إجراءات جديدة لتحسين التواصل مع الأهل، وبدأ العمل بمحادثات لتغطية الأهداف ومراجعة ما تم تحقيقه مع الأهل، بالإضافة لاجتماع أولياء الأمور بحلة جديدة، حيث تتم دعوة الطالب والأهل والمدرسين، والكل يحضر ما لديه، وتستمر طول المحادثة حسب حالة الطالب.
تلك الإجراءات تهدف لإعطاء الأهل وسائل علمية لمراقبة تحسن أبنائهم ومتابعتهم دراسياً، بالإضافة لإزالة الجهل وسوء التفاهم، وبالدرجة الأولى إراحة الأهل.
المدير أيضاً أعطى قدر من الاهتمام لتسهيل تواصل الأهل مع المدرسين أو المرشدين، بالإضافة لوضع جدول طلابي يستطيع من خلاله الأهل معرفة علامات أبنائهم، ودروسهم ومواعيدهم.
المدرسة تستعين منذ أحد عشر عاماً بخدمات الموظف الاجتماعي السوري الأصل السيد “غريب”، الذي قدم إلى ألمانيا في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وهو يشكل الجسر الذي لا يستغنى عنه بين الثقافتين.
غريب يعرف عقليات العائلات العربية والتركية ويتحدث من الطلاب بلغتهم وبانفتاح مما يجعله محط ثقتهم والرجل الأول بالنسبة لهم للتحدث عن مشاكلهم، الذي يحاول هو بدوره بحلها وشرح الأمور لهم وتبسيطها والأهم من ذلك توضيح لماذا بعض الأمور في ألمانيا مختلفة عما هي في البلدان الأم.
الحصة الرابعة درس في العلوم السياسية لطلاب البكالوريا، درس نموذجي جداً الطلاب في مجموعات يتناقشون بشكل رائع وبلغة سليمة عن العولمة، فارق كبير جداً عما هو الأمر عليه في الصف السابع، يوضح الجهد المبذول الذي يستحق الاحترام من الكادر التدريسي.[ads3]