فقر مدقع و حرمان و قوى عاملة مشلولة و مدن مدمرة .. صحيفة بريطانية : هل بالإمكان إعادة إعمار سوريا مع بقاء الأسد ؟

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن الدول الغربية الكبرى لن تمول أي جهود لإعادة إعمار سوريا طالما بقي بشار الأسد في السلطة.

وتضيف في تقرير مطول أن على الأسد إعادة تأهيل بلده الذي دمرته الحرب الطاحنة.

وتشير إلى أن ثماني سنوات من الحرب الضروس تركت مدن البلاد الصناعية بلقعا، وشلت قوتها العاملة.

وبحسب الصحيفة، فإن الفقر المدقع والعوز والحرمان كلها عوامل أفسدت الانتصار العسكري الذي يحققه النظام على الأرض.

ومع أن قلة من الناس هي التي تجرؤ على انتقاد النظام، الذي تصفه الصحيفة البريطانية بالاستبدادي، إلا أن الشح في الغاز هذا الشتاء أثار امتعاض المواطنين، وتساءل البعض منهم في الخفاء عن الأسباب التي تجعل أوضاعهم الاقتصادية تسوء يوما بعد يوم.

وينقل التقرير الصحفي عن مواطن يُدعى أيمن (52 عاما) يعمل بمحل لبيع الخردوات في دمشق، القول “ظننا أن كل شيء سيسير نحو الأفضل لأن الأزمة قد حُلَّت، لكن العكس هو الذي حصل”.

ولعل تضارب المصالح الدولية -بحسب التقرير- هو الذي يضفي مزيدا من التعقيد على الجهود الرامية لتنشيط الاقتصاد.

وعلى الرغم من أن روسيا وإيران –الدولتين الحليفتين للأسد- تمكنا من قلب موازين المعركة العسكرية بشكل حاسم لصالح الرئيس السوري، فإنهما مع ذلك لم تستخدما مواردهما لإنعاش البلد، وفقا للصحيفة.

وتستطرد فايننشال تايمز قائلة إن الدول الغربية عازمة على عدم تقديم أي دعم للنظام السوري، ولذلك تشدد عقوباتها عليه وتحرمه من التمويل اللازم لإعادة الإعمار.

واستطاع النظام عبر حملته العسكرية من استعادة معظم المناطق خلال العامين الماضيين. غير أن ثمن ذلك كان وفاة زهاء نصف مليون شخص، وإصابة ثلاثة ملايين آخرين بعاهات مستديمة، وأكبر أزمة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية، مع فرار أكثر من نصف سكان سوريا –حوالي 21 مليون نسمة في 2010- من ديارهم.

وعلى الرغم من انحسار القتال، فإن بعض المحافظات –مثل إدلب التي تعد آخر معاقل المعارضة- لا تزال ترزح تحت وطأة العنف.

وتقول الصحيفة إن رجال الأعمال المقربين من النظام متهمون بالتربح من الصراع الدائر في بلادهم.

ويخشى المنتقدون أن الأموال القادمة من الخارج لإعادة الإعمار -التي تقدر تكلفتها في حدود 250 مليار دولار بحسب الأمم المتحدة و400 مليار وفقا للنظام- ستزيد من ثراء رجال الأعمال هؤلاء.

وطبقا لدراسة تدعمها الأمم المتحدة، تضاعفت نسبة السوريين الذين يعيشون في فقر مدقع (أي بأقل من 1.9 دولار في اليوم) لتبلغ 69% منذ عام 2011.

وأفاد مسح أجراه البنك الدولي بأن ما تبلغ نسبته 56% من المؤسسات التجارية السورية إما أغلقت أبوابها وإما انتقلت إلى خارج البلاد منذ عام 2009.

وارتفعت معدلات البطالة –حسب دراسة أخيرة- إلى أكثر من 50% بحلول عام 2015 بعد أن كانت دون 10% في 2010. وأدى ارتفاع تكاليف المعيشة مع ركود الأجور وتراجع القوة الشرائية لدى الأشخاص إلى معاناة السوريين في الحصول على احتياجاتهم الأساسية.

وتنسب فايننشال تايمز إلى أحد رجال الصناعة السوريين الذي يُدعى أحمد، القول إن الحكومة “استنفدت كل خياراتها”، وإن الناس “يقولون إن 2019 سيكون عاما عصيبا على سوريا من الناحية الاقتصادية وسيعاني الشعب جراء ذلك”.

ومع اختفاء الطبقة الوسطى تقريبا في العديد من المناطق، تتجلى في العاصمة دمشق فوارق صارخة بين النخب “المعزولة” وبقية أفراد الشعب، على حد تعبير التقرير.

وفي ضوء شح البيانات الدقيقة عن المحافظات السورية التي تمزقها الحرب، يقدر البنك الدولي الخسائر المتراكمة في الناتج المحلي الإجمالي ما بين عامي 2011 و 2016 بحوالي 226 مليار دولار، وهو مبلغ يزيد بأربعة أضعاف عن قيمة الناتج المحلي في عام 2010.

وتورد الصحيفة البريطانية أنه في الوقت الذي انهارت فيه الشركات الشرعية، طفحت إلى السطح طبقة تجار الحرب الذين حصدوا أرباحا من الاتجار في السلاح أو البشر أو المخدرات، ومن التحكم بحركة التجارة بين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وتلك التي تحت قبضة المعارضة.

وتدل الشاحنات المحملة بالحديد الملتوي والبراميل الصدئة التي تعبر شوارع وأزقة منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، دلالة واضحة على نمط الاقتصاد السائد في الحرب الدائرة بسوريا.

اقتصاد النهب والسلب

يقول عمار يوسف، وهو خبير اقتصادي مؤيد للحكومة، إن “إعادة تدوير مخلفات الحرب هي إحدى الصناعات الأكثر شيوعا الآن. ويُعد تصنيع الحديد المنزوع من المباني المتهدمة أحد الأمثلة على ما نقول”.

وتشير الصحيفة إلى أن جماعات مسلحة من كافة الأطراف في سوريا تقوم بأعمال سلب ونهب، وأن معظم أسلاك النحاس انتُزعت من المباني وأُذيبت بحلول عام 2014 حتى باتت المنتجات النحاسية رابع أكبر الصادرات السورية، بحسب البنك الدولي.

ويقدر عمار يوسف قيمة الاقتصاد القائم على النهب بنحو 800 مليون دولار في العام.

وتعارض الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية تطبيع العلاقات أو تخفيف العقوبات المالية الشاملة المفروضة على دمشق بسبب انتهاكها حقوق الإنسان.

وتريد موسكو من الدول الغربية -طبقا لفايننشال تايمز- تغطية بعض تكاليف إعادة الإعمار، لكنها تقر بأن ذلك رهن بتسوية سياسية.

وتجأر الشركات بالشكوى من ارتفاع الضرائب، رغم أدائها الضعيف أو عدم قدرتها على الحصول على عوائد مالية، ومن إلزامها بالتبرع لمنظمات غير حكومية تعمل كأجهزة غير رسمية للدولة.

وفي الوقت ذاته، توجه أصابع الاتهام إلى شركات إيرانية وروسية لتدخلها في سوريا من أجل الاستحواذ على مواردها الطبيعية الرئيسية بإبرام عقود مجزية للحصول على الفوسفات والنفط والغاز وإنتاج الكهرباء. (aljazeera – Financial Times
)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫6 تعليقات

  1. الأسد او نحرق البلد .. وهي البلد انحرق .. تتهنو بالآسد .. طالما قائدكم بخير سوريا بخير .. صرعتو طي..ز..نا وانتو تتغنوا بالنصر .. حق خبز لاولدكم ما في
    وعلى قولة البعض احسن ما يجي المسلحين يركبوا اماهتكين وخواتكين ..

  2. أنتصر الأسد على سوريه و شعبها و اقتصادها و عمرانها , لكنه أتى بحذائين يدوسون رأسه يوميا و ركاب جدد لشرفه و عرضه هما الايراني و الروسي فمبروك أيها الديوث الخائن .

  3. لسع ماشفتوا شي .. هاللانظام منتوف ريشو وماحدا رح يعطي قرش واحد فسوف ينظر إلى جيوب الشعب و معروف بنصبه على شعبه لكي يغطي مصاريف مجرميه الضباط بجيش أبو شحاطة و لدفع رواتب الشبيحة و المخابرات و العملاء و المخبرين وقاذورات المرتزقة الأجانب .

  4. كانو عم يراهنو عالغرب والخليج يطوبزو بس قانون قيصر بعصهم وطلع من راسهم وهلأ خلينا نشوف نتيجة التعنت لوين لح توصل
    هدول مفكرين انو السوريين يلي راحو عاوروبا وامريكا لح يسكتو والله الكل عم يطالب بحقو ولح يضلو يضغطو ضد هالنظام الارهابي الى دماره

  5. أبو رقبة يفتكر إنو انتصر على شعبه بفضل الروس بعد تدمير البلد .
    ماحدا بالعالم رح يدفع للتعمير وروسيا الشحادة سوف تخلعه لتبييض صفحتها .

  6. شعب منافق على أساس بدون حرية. هناك أزمة حرية شديدة وكبيرة في عالمنا العربي، الحرية في أن نمارس حقنا السياسي، لكن هي أوسع من هذا. عندما يتعلق الأمر بالإسلاميين هناك دائماً مخاوف من أن الإسلاميين هم أشد الناس حرباً للحرية لاسيما عندما يحاصرونها بالأخلاق، ثمة ارتباط كبير بين أن تكون حراً وبين أن تلتزم بمنظومة أخلاقية تضع قيوداً عندها يجب أن تتوقف.