ألمانيا : مكافحة التطرف داخل السجون .. عملية عسيرة

عدد المعتقلين على خلفية إسلاموية في ازدياد داخل السجون الألمانية، ومن خلال ذلك يلوح أيضاً خطر التطرف بين النزلاء الآخرين، وعليه توجد برامج إعادة تأهيل لمساعدة المعقلين على إيجاد مخرج يجنبهم هذه الخطر.

شريف شقاط رأى خلال الـ 29 عاماً من عمره الكثير من السجون من الداخل في فرنسا وكذلك في مدينتي كونستانس وفرايبورغ الألمانيتين، وصدرت أحكام بحقه بسبب أعمال سرقة.

تحول هذا المجرم خلف القضبان إلى متطرف أدرجته المخابرات الفرنسية منذ 2015 على قائمة أمنية، وفي 11 كانون الأول 2018 نفذ شقاط اعتداء على سوق عيد الميلاد في ستراسبورغ أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، وقد قتلته قوات الأمن يومين فيما بعد، ووصفته ميليشيا “داعش” بأنه أحد “جنودها”.

وأن يصبح العديد من نزلاء السجون معرضين لاعتناق أفكار راديكالية لم يكن معروفاً فقط منذ حالة شقاط، ولكي يتخلى هؤلاء الأشخاص عن فكرهم المتطرف، يوجد في الولايات الألمانية الـ 16 برامج للوقاية من التطرف ومكافحة الراديكالية وراء القضبان.

ويهتم نادي “شبكة الوقاية من العنف” في ثمان ولايات ألمانية بهذه المهمة، وفي ست ولايات يعرض موظفو النادي داخل السجون مساعدة مكونة من الوقاية والتكوين وتقليص الراديكالية.

ويقول مدير أعمال هذا النادي، توماس موكه: “من خلال عملية استشارية طويلة، نعمل على أن يبدأ الناس في التفكير مرة أخرى وأن لا يهرولوا وراء إيديولوجيات”.

قسم من الموظفين المؤطرين في هذا النادي هم مسلمون متدينون.

في عام 2017 أكدت دراسة للشرطة الجنائية الألمانية بأن الوقاية والحد من الراديكالية تكون ناجحة عندما يتم “عرض إجراءات مختلفة وإمكانيات متنوعة للتعرف على الذات”، وعليه يبعث النادي موظفيه المؤطرين مباشرة إلى السجون حيث يلتقون بمجموعات وفي الحالات الصعبة تكون لهم جلسات انفرادية مع الشخص المعني، أما الهدف من ذلك فهو تمكينه بالأساس من التعرف على النكسات في حياته وإدراكه لسبب تعرضّه في لحظة معينة لتقبل أفكار راديكالية.

وقال موكه:”عندما يخضع شخص لإيديولوجية يتم فيها رفض حق وجود الآخر، نلاحظ وجود شكوك، وغالباً ما تأتي على ضوء ذلك لحظة يقول فيها الشخص المعني بأنه يريد في الحقيقة عيش حياة عادية، ونحن نحاول العمل معه على هذه النقطة”.

ويطور السجناء في الغالب خلال التدريب قوة ذاتية لتغيير بعض الأمور حتى ولو أنهم بدأوا ذلك لأسباب أخرى، ولا يمكن لهم تقليص عقوبة السجن إلا إذا تمت البرهنة على أن المعني غيّر مواقفه.

وإذا ما قضى السجين عقوبة الاعتقال، فإن بإمكانه اختيار موظف يرعاه خلال ستة أو 12 شهراً أو أكثر إذا كان ذلك ضرورياً.

وقال توماس موكه بأن الاندماج الاجتماعي ليس سهلاً: “إذا كان مثلاً معروفاً أنهم أقاموا في منطقة قتال يكون من الصعب إيجاد موطن تكوين أو موطن عمل”.

وهذه المجموعة من الناس يجب رعايتها بشكل مكثف بعد إطلاق سراحهم حتى يجدوا منفذاً إلى المجتمع، ويقول موكه بأن الانتكاسات جزء من ذلك، وغالبية السجناء تقبل المضي في هذه العملية وحتى الاستفادة من الرعاية بعد فترة السجن، لكن موكه حذر من توقعات مفرطة إذ أوضح “أنه لا يمكن تحقيق نجاح في كل الحالات، لكن عندما لا نقوم بأي شيء فإنه ينتج حريق واسع لا يمكن التحكم فيه”.

عدد السجناء ذوي خلفية إسلاموية يزداد، وتحصي وزارة العدل في شتوتغارت عددهم الحالي بـ 41 شخصاً حُكم على اثنين منهم بسبب جناية ذات دوافع إسلاموية بالسجن.

ويقول متحدث باسم الوزارة إنه بفضل التقييم الإيجابي للعمل تمت زيادة ميزانية البرامج المعتمدة، ولا يمكن الجزم في فاعلية الجهود، لأن تحقيق الأهداف يبقى محدوداً.

وحتى في سجون هامبورغ يكون من الصعب التعرف على مستوى النجاح.

ويقبع في سجون هامبورغ حالياً تسعة أشخاص مصنفين كإسلامويين.

ويفيد مراقبون بأن ” نادي شبكة الوقاية من العنف” يقوم بعمله في الاتجاه الصحيح، ولم يُسجل في ولاية هسن منذ 2010 حالة انتكاسة واحدة بعد قضاء النزلاء فترة عقوبتهم.

(ديفيد إيل – دويتشه فيله)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها