ألمانيا تعرض سيناريوهات خروج بريطانيا غير المنظم من الاتحاد الأوروبي

راقبت الأوساط الحكومية الألمانية باهتمام كبير تصويتين مصيريين في البرلمان البريطاني، الأول جاءت نتيجته مقلقة لأنه رفض اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، الذي توصلت إليه رئيسة الحكومة البريطانية مع بروكسل بعد تعديله، والثاني كان مطمئنا لأنه رفض خروجا بدون اتفاق.

ورغم وصول صيغة الاتفاق الذي قدمته حكومة تيريزا ماي، الأربعاء، للبرلمان إلى طريق مسدود فإن حكومة برلين بقيت مصرة على رأيها الرافض لتقديم تنازلات بخصوص الملفات الخلافية، لا سيما الاتحاد الجمركي والحدود المستقبلية بين الأراضي البريطانية (شمال أيرلندا) وجمهورية أيرلندا.

راقبت الأوساط الحكومية الألمانية باهتمام كبير تصويتين مصيريين في البرلمان البريطاني، الأول جاءت نتيجته مقلقة لأنه رفض اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، الذي توصلت إليه رئيسة الحكومة البريطانية مع بروكسل بعد تعديله، والثاني كان مطمئنا لأنه رفض خروجا بدون اتفاق.

ورغم وصول صيغة الاتفاق الذي قدمته حكومة تيريزا ماي، الأربعاء، للبرلمان إلى طريق مسدود فإن حكومة برلين بقيت مصرة على رأيها الرافض لتقديم تنازلات بخصوص الملفات الخلافية، لا سيما الاتحاد الجمركي والحدود المستقبلية بين الأراضي البريطانية (شمال أيرلندا) وجمهورية أيرلندا.

ولكن هذه الأوساط تنظر قبل كل شيء بعين القلق إلى أسواق العمل، متوقعة أن يؤدي الخلل في العلاقات التجارية بين بريطانيا وألمانيا إلى خسارة أكثر من 100 ألف فرصة عمل، وفقا لدراسة مشتركة للمعهد الألماني الاقتصادي المرموق (لابنيتس للبحوث الاقتصادية) وجامعة (مارتين لوثر) الألمانية.

ووفق الدراسة فإن خروجا بريطانيا غير منظم من الاتحاد الأوروبي، لا سيما من الاتحاد الجمركي، سيكلف ألمانيا خسارة 100 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، خاصة في جنوب ألمانيا (ولايتا بافاريا وبادن فورتمبرغ)، حيث تتركز صناعة الآلات والسيارات مثل (سيمنز) و(اي بي ام) و(بي ام دبليو) و(فولكس فاجن) وشركات أخرى مختصة في صناعة قطع غيار السيارات.

وعلى صعيد خسائر الشركات، قدرت دراسة للمعهد المختص في دراسة الاقتصاد الألماني (اي دبليو) هذه الخسائر في حال خرجت بريطانيا بدون اتفاق من الاتحاد الجمركي بـ3 مليارات يورو في العام.

ووفق الدراسة، فإن أكثر الشركات التي ستتضرر هي شركات صناعة السيارات التي سيكلفها خروج بريطانيا من الاتحاد الجمركي، زيادة في التكاليف بنسبة 4.3%.

وتقول الدراسة إن الصادرات الألمانية قد تسجل في هذه الحال تراجعا حتى بنسبة 57%، الأمر الذي دعا ماركوس يونج مدير المعهد إلى تحذير الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي بشدة من عدم التوصل لاتفاق بالقول “خروج بدون اتفاق كارثة لعشرات آلاف الشركات الأوروبية ومئات الآلاف لفرص العمل في كلا الطرفين”.

إلى ذلك قدر اتحاد الصناعات الألماني (بي دي اي) الخسائر السنوية التي ستترتب على خروج بدون اتفاق بعشرات المليارات وبنحو 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي الألماني.

وقال يواخيم لانج، مدير الاتحاد الاقتصادي الأهم في ألمانيا، في بيان صادر عن اتحاده “إذا وقّع خروج بدون اتفاق فإننا نتوقع أن يخسر الناتج الإجمالي الألماني 0.5% من قوته، ما يعني تراجعا بقيمة 17 مليار يورو (19.2 مليار دولار) في العام الجاري فقط”.

وطالب الاتحاد الحكومة البريطانية بوقف عملية الخروج إذا بقيت عاجزة عن الحصول على موافقة البرلمان، قائلا إن “وقف عملية الخروج يبقى أفضل من خروج بدون اتفاق”.

وأقر المسؤول بأن الشركات الألمانية بدأت بالاستعداد لخروج غير منظم، قائلا إن هذه الشركات باشرت بإعداد خطط بديلة، لأن الوقت بدأ ينفد أمام خروج منظم في نهاية مارس/آذار الجاري.

وستشمل الأضرار كذلك قطاع صناعة الأدوية، إذ يتوقع اتحاد صناعة الأدوية الألمانية (في سي اي) أن يلحق خروج بريطاني غير منظم أضرارا كبيرة بهذا القطاع، قائلا إن 17 ألف شخص يعملون لصالح شركات أدوية ألمانية تصنع على الأراضي البريطانية، ما يعني ظهور مشاكل تتعلق باستيراد هذه الأدوية من بريطانيا، لغياب التصاريح اللازمة لذلك.

وبخصوص ملف خلافي آخر يتعلق بمصائر 3.6 مليون بريطاني يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي و1.2 أوروبي يعيشون على الأراضي البريطانية فإن مستقبلا مجهولا ينتظر ملايين منهم في كلا الطرفين.

ووفق رد إحاطة قدمته وزارة الداخلية الألمانية للحزب الليبرالي، أمس، فإن 105 آلاف مواطن بريطاني يعيشون في ألمانيا، لا سيما في ولايات (شمال الراين وستفاليا) في الغرب و(بافاريا) في الجنوب وفي العاصمة برلين.

وتقول الوزارة في هذا الرد إن الغالبية العظمى من هؤلاء البريطانيين سيكونون مجبرين على التوجه في حال خرجت بلادهم من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق إلى مكاتب تسجيل الأجانب، من أجل الحصول على إقامات تسمح لهم بالعمل والعيش في ألمانيا.

وقدم وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر في هذا الرد طمأنة محددة، قائلا إن الحكومة تخطط لمنح هؤلاء المواطنين فترة انتقالية لمدة 3 أشهر يستطيعون خلالها العبور إلى أسواق العمل وأنظمة المساعدات الاجتماعية والصحة والدراسة، ولكن قبل كل شيء حرية الحركة بدون تأشيرات.

وعلى صعيد حركة الطيران، فإنه من المتوقع أن تدخل المطارات الأوروبية والبريطانية في حال من فوضى الهبوط والإقلاع، بسبب عدم وضوح الإطار القانوني اللازم لتنظيم حقوق الطيران واستخدام المطارات في كلا الطرفين.

وطالب اتحاد الطيران (اي ايه تي ايه) حكومات الطرفين بالاعتراف المتبادل بتراخيص الهبوط والإقلاع وأنظمة المراقبة والتفتيش في المطارات، تفاديا لحال من الفوضى المبرمجة مسبقا في المطارات الأوروبية والبريطانية للمسافرين والبضائع.

أما بخصوص النقص الذي سيتركه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على ميزانية الاتحاد، فإن هذا النقص سيكون لافتا لأن بريطانيا تأتي في المرتبة الثانية بعد ألمانيا من ناحية الحكومات الدافعة في ميزانية الاتحاد.

ووفق المفوضية الأوروبية، فإن هذه الميزانية سينقصها من بداية أبريل المقبل وحتى نهاية العام الجاري 16.5 مليار يورو (18.2 مليار دولار)، ما يعني أن الدول الأوروبية الأخرى -لا سيما ألمانيا- ستكون مطالبة بسد هذا العجز.

وتأتي تحذيرات الأوساط الاقتصادية والسياسية الألمانية من سيناريو الخروج غير المنظم لتشعب وصلابة العلاقات التجارية والاقتصادية بين ألمانيا -التي تحتضن أكبر اقتصاد في أوروبا- وبريطانيا التي تحتضن ثاني أكبر اقتصاد أوروبي.

إضافة إلى ذلك تؤكد وزارة الاقتصاد الألمانية أن بريطانيا تأتي بالنسبة لألمانيا في المرتبة الخامسة من ناحية حجم التبادل التجاري، حيث تبلغ قيمة الميزان التجاري بين البلدين قرابة 122 مليار يورو (138 مليار دولار) في العام. (KUNA / Al-ain)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها