هل يمكن القول إن الاندماج تحقق في ألمانيا .. هل يمكنني القول بأنني فعلتها و اندمجت في المجتمع ؟

نشرت مجلة “يتست” مقالاً للاجئة السورية، طرحت فيه تساؤلات عن معنى الاندماج.

وبدأت سيران اسماعيل مقالها، بحسب ما ترجم عكس السير، بالقول: “عندما كنت في المدرسة في سوريا، تعرفت على مصطلح (الاندماج) كمصطلح في الاقتصاد، و هو يعني اندماج شركتين لكي ينميا معاً”.

وأضافت: “عندما أبحث عن كلمة (الاندماج) في قاموس اللغة العربية الحديثة، أجد معان مختلفة، منها على سبيل المثال (جمع الأشياء مع بعضها البعض)”.

وتابعت الكاتبة: “لقد أخذت الكلمة معنى جديد تمامًا منذ اندلاع الحرب في وطني، سوريا، حيث اضطررت إلى مغادرة سوريا والتوجه إلى ألمانيا، أنا الآن لاجئة ويجب أن أندمج هنا، الاندماج هو واجبي الآن، لم أختر ذلك ،ولم يكن هذا من ضمن أحلامي.. أنا أقوم بوظيفتي بشكل جيد، لكن مهما فعلت، فليس بالدرجة المطلوبة”.

“في المحادثات الأولى التي أجريتها عندما وصلت إلى هنا، كان الأمر يتعلق بالاندماج.. يبدو أن الأمر مهمًا جداً للجميع هنا، فعندما أسمع أشخاصًا آخرين يتكلمون في الشارع فإن الأمر يتعلق بالاندماج، في الصحف، وعبر الراديو والتلفزيون، وفي وسائل التواصل الاجتماعي.. الاندماج، الاندماج، ثم الاندماج”، وأضافت متسائلة: “و لكن لأن هذه الكلمة تسقط باستمرار، يتم تعريفها بطريقة غير دقيقة بشكل مدهش.. فهل يقصد الجميع نفس الشيء؟ ما هو الاندماج بالضبط؟ هل يوجد مدة زمنية محددة لإنجازه؟ هل يمكنني القول أنني اندمجت في المجتمع؟ وما الذي يحدث أثناء عملية الأندماج؟”.

ومضت الكاتبة بطرح المزيد من التساؤلات: “في البداية سألت نفسي: هل الاندماج هو التفاهم؟ هل يجب علي إتقان اللغة فقط حتى أتمكن من التواصل هنا؟ أو ربما يجب أن أحصل على عمل لكي أصبح جزءًا من المجتمع؟ هل يجب علي معرفة التاريخ الألماني؟ السياسة؟ الثقافة؟ وهي ما يسميها البعض “الثقافة المسيطرة”؟”.

“لقد تعلمت الفرق بين الفعلين (يجب) و(ينبغي) في بداية دورة اللغة الألمانية، وهذا يتناسب تماماً مع موقفي هنا.. أعتقد أننا نحن اللاجئين (ينبغي) أن نندمج في المجتمع، ويقول الألمان أننا (يجب) أن نندمج، ولا يقولون ماذا يعني ذلك بالضبط”.

وتتذكر سيران بدايتها في ألمانيا، حين كتبت: “بعد ستة أشهر أتقنت التحدث الجيد باللغة الألمانية، لقد ساعدني في ذلك أنني أتحدث باللغة الإنجليزية بشكل جيد، كنت فخورة وشعرت بأني تعودت بسرعة على الحياة اليومية، تعرفت على الأصدقاء وعلى الكثير من الأماكن في مدينة ميونيخ.. لكن تلك كانت البداية فقط، فمع كل خطوة اتبعتها شعرت بأن المسافة أطول”.

“كنت أغضب كثيرًا عندما يسألني الناس عما إذا كنت أعرف أي شيء عن ألمانيا.. آسفة، لكنني لم آت من كوكب آخر.. أعتقد في بعض الأحيان أنني يجب أن أعكس السؤال، فهل يعرف الألمان شيئاً عن سوريا؟ هل يمكنك الحكم على مدى اندماجي دون معرفة حياة و ثقافة سوريا؟”.

وأضافت سيران: “عندما أتحدث مع أصدقائي الذين ما زالوا يعيشون في حلب، يقولون إنني قد تغيرت، على سبيل المثال، عندما أقول (ليس لدي وقت)، وعندما أقول أنني أعيش وحدي بدون عائلتي، وعندما يتعلق الأمر بشرب الكحول، أنا نفسي لم ألاحظ بعض هذه التغييرات – ولكن أصدقائي لاحضوها بالفعل، يقولون أنني ابتعدت عنهم، ويقولون أنني أصبحت أوروبية، وهذا يجعلني سعيدة ، لأنه يعني أنني تعلمت شيئًا هنا، لكن هذا يحززني ايضاً”.

وتابعت الكاتبة: “في مقالتي الأخيرة، كتبت عن الجنس قبل الزواج وعن طريقة التفكير في هذا الموضوع في سوريا وفي ألمانيا، و كان الألمان غير راضين عن المقال لأنني لست متحررة بما يكفي في عيونهم، و كان السوريون غير راضين لأنني كتبت بصراحة زائدة عن الجنس في رأيهم وتسائلوا كيف يمكنني أن أكتب عن هذا الموضوع أصلاً!”.

“أين أنا الآن؟ هل أنا مندمجة، أم لم أعد أنتمي لأي مكان؟ هل هذا هو الاندماج؟”

وختمت الكاتبة بالقول: “ما الذي يجب علي أن أستغني عنه من قيمي الداخلية وما الذي يجب علي أن آخذه منها؟ ما هي جوانب ثقافتي التي يجب أن أتخلى عنها لأحصل على التقدير و الاعتراف هنا؟ هذا صراع مستمر… أريد التحدث باللغة الألمانية، ومراعاة القوانين والعادات، ولا أريد أن أزعج أحداً، ومع ذلك أريد أن أبقى سورية. أعتقد أنه يمكنني هنا تحقيق حلمي الشخصي، على سبيل المثال، الحصول على مهنة في ألمانيا.. ربما سيبقى الاندماج عملية مستمرة ولن تنتهي أبدًا، وربما لن يتحقق الاندماج أبداً، حتى لو حصلت على جواز سفر ألماني، فإن روحي ستبقى دائماً سورية”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. هذه الاسئلة طرحها العديد من الكتاب الالمان وخاصة ذو الاصول المهاجرة عن فكرة الاندماج في المانيا وهناك ألالف الكتب والمقالات عنها لعل لو قراتيها قبل الكتابة لكان بامكانك طرح اسئلة اكثر عمقا.
    خبرتي في المانيا هي عندما يتكلم الالمان عن الاندماج فهم يعنون بشكل الخاص الفئة المسلمة التي تعيش في المانيا مثل الاتراك والعرب والافغان وعرب شمال افريقيا. اما عن المهاجرين من اوروبا حتى الشرقية منها او جنوب اميركا اللاتينية فهم ايضا غير معنيون بفكرة الاندماج الثقافي بل حصرا اللغوي. الثقافة المستمدة من تعاليم دين الاسلام مختلفة جذريا عن الثقافة الغربية وبخاصة , النظرة الى المرءة والتعامل معها على انها قاصر وقنبلة موقوته يجب تغليفها وابعادها عن الانظار, عدم السماح للتلميذات في المرحلة الابتدائية بالمشاركة في دورس تعلم السباحة, تعدد الزوجات , فكرة العين بالعين والسن بالسن وعدم توكيل الجهات المختصة في حال وجود نزاع او خلالف, العنف كاسلوب تربوي, تربية الطفل الذكر على انه ملك الكون وتدلعيه وعدم تحضيره بشكل كاف على الحياة خارج حضن الوالدين, والعكس بالنسبة للطفلة . تحويل البيوت المستاجرة الى مضافات ونوادي نرجيلة, عدم مراعاة عادات الالمان بخفض اصوات التلفزيون او الموسيقا ليلا لكي يستطيع الجار ان ينام الخ. لا احد يطلب منك التخلي عن هويتك الثقافية ولكن تعديل بعض الايدولوجيات التي تتصادم مع الثقافة المسيطرة. كما يقولون في العربية يا غريب كن اديب.
    البعض سوف سوف يظن بان جوابي فيه تهكم وغير عادل, ولكن خبرة المانيا التراكمية مع الفئات المهاجرة من الدول الاسلامية كونت افكار صعب تغييرها في الوقت الحالي لكثرة مشاكل المهاجرين , لربما يقول البعض بان الاسلام بريئ من تصرفات هؤلاء ولكن المانيا كمجتمع ينظر الى الاسلام من خلال معتنقيه وليس بالعين المجردة. لهذا من المهم ان تتابعي الكتابة وخاصة في الامور التي لم يتم البحث فيها الى الان وهي على سبيل المثال, ماهي الثقافة السورية التي لا تريدي التخلي عنها ؟ هل هناك فروق ثقافية داخل سوريا؟ هل هناك فرق في الثقافة بين الدول العربية المسلمة, ماذا يفرق السوري عن غيره. هنا يوجد حاجة ماسة لدراسات اجتماعية تتناول هذه المواضيع.