اخبــا ا ر ألمــانيــا ا .. AksAlser.com
وزير الداخلية ووزير العدل في ألمانيا قد يجدا نفسيهما متهمين في الدعوى التي قدمها ضدهما مجلس النساء اليزيديات بسبب المس بالإجراءات القانونية. المجلس يقول إن حكومة ألمانيا وبصورة محدثة لم تفعل أي شيء من أجل تقديم نشطاء داعش من مواطني ألمانيا والمعتقلين في معسكرات اعتقال على أيدي المليشيات الكردية في سوريا، وبهذا فقد مسوا بأحقية النساء للعدالة.
التقدير هو أنه في أيدي المليشيات الكردية هناك 74 معتقلاً من نشطاء داعش الذين يحوزون الجنسية الألمانية، وضد 21 منهم قدم طلب تسليم لألمانيا. ولكن يبدو أن ألمانيا مثل الدول الأوروبية الأخرى، تفضل أن تقوم الدول التي نفذت فيها الجرائم مثل سوريا والعراق بتقديم المتهمين للمحاكمة. المكانة القانونية لنشطاء داعش وأبناء عائلاتهم الذين اعتُقلوا بعد انتهاء المعارك تشغل أجهزة القضاء في أوروبا والشرق الأوسط، بالأساس بسبب التخبط بكيفية التعامل مع النساء والأطفال الذين لم يشاركوا في القتال.
بخصوص الشباب ذوي الجنسية الأجنبية، فإن إعادتهم إلى بلاد المنشأ وتقديمهم للمحاكمة تثير الخوف من تزايد نشاطات الإرهاب في دول أوروبا بهدف الضغط على السلطات لإطلاق سراحهم. وهكذا، من أجل الامتناع عن تقديمهم للمحاكمة تفحص أيضاً إمكانية سحب الجنسية منهم، وبذلك يتم التخلي عنهم بصورة مطلقة. إلا أن هذا الحل غير سهل أيضاً لأنه، حسب القانون الدولي، لا يمكن سحب جنسية شخص إلا إذا كانت لديه جنسية أخرى. وفي دساتير الدول الأوروبية هناك شروط أخرى تصعّب سحب الجنسية.
في الوقت نفسه، قضية منح الجنسية أو على الأقل حق الإقامة، تثقل على كاهل مليون لاجئ سوري وآخرين الذين يعيشون في ألمانيا ولم يحصلوا بعد على ملجأ سياسي. طالبو اللجوء هؤلاء غير مطلوبة منهم العودة إلى سوريا لكنهم يجدون صعوبة في التكيف مع هذا الوضع المؤقت الدائم، الذي لا يعرفون متى يمكنهم العودة إلى وطنهم، هذا إذا عادوا أصلاً، ومن جهة أخرى لا يمكنهم البدء في الاستقرار في ألمانيا كمواطنين أو مقيمين ذوي حقوق.
من أجل حل جزء من المشكلة تقترح حكومة ألمانيا على اللاجئين دورات اندماج، تمكنهم من تعلم مهنة والاندماج في المجتمع الألماني حتى لو كانت إقامتهم محدودة زمنياً. الشباب يمكنهم البدء في مسار تأهيل مهني يشمل دراسة إلى جانب عمل فعلي خلال ثلاث سنوات يعملون في أثنائها كمتدربين إلى حين تسلم الشهادة المهنية. كما هو مطلوب أيضاً لدى الشباب الألمان الذين يتوجهون إلى المسار المهني.
ألمانيا تعتبر اللاجئين ذخراً مهنياً مهماً على ضوء شيخوخة السكان والانخفاض الدراماتيكي في عدد الشباب الذين يتوجهون لدراسة مهنة. حسب المعطيات الرسمية يتوقع أن تنخفض قوة العمل من 49 مليون عامل في 2015 إلى 43 مليون عامل في 2035، ومنذ الآن تحتاج ألمانيا إلى 250 ألف عامل سنوياً من أجل التغلب على النقص في العمال. ولكن الدورات المهنية التي يطلب من الدارسين في ألمانيا دراسة 600 ساعة فيها، والمدنيات التي تشمل التعرف على جهاز القضاء والقيم في ألمانيا بحجم 60 ساعة دراسة تعتبر عائقاً؛ لأن كثيراً من اللاجئين يفضلون إيجاد أعمال عرضية تكسبهم مالاً أكثر، من إنهاء المسار الطويل والصعب الذي يحصلون خلاله على أجر مخفض لا يكفي للعيش.
هذه الدورات أيضاً تكلف 1300 يورو، ومن يجتازها بنجاح ويدخل إلى المسار المهني يسترد نصف التكاليف. من أجل تشجيع اللاجئين على الانضمام إلى مسارات التأهيل تضمن الحكومة أن كل متدرب يمكنه استكمال دراسته وتأهيله خلال ثلاث سنوات، وأن يعمل سنتين دون الخوف من أن يطرد حتى لو لم يحظ بمكانة مقيم دائم. الطلاب اللاجئين الذين يدرسون في الجامعات في ألمانيا هم أيضاً يحظون بمكانة خاصة تمكنهم من إنهاء الدراسة دون الخوف من الطرد، حيث تعتبر شهادة تخرجهم أفضلية مهمة عندما تتم دراسة طلبهم للحصول على اللجوء في ألمانيا.
ولكن عملية الاندماج يهددها اليمين المتطرف الذي يعارض استمرار استيعاب اللاجئين. هو يتهم المستشارة انغيلا ميركل بأن سياسة الأبواب المفتوحة التي اتخذتها تسببت في استثمار عشرات مليارات الدولارات في استيعاب اللاجئين ـ بدلاً من استثمارها في المواطنين الألمان. وهو يريد تطهير ألمانيا من اللاجئين.
هذه ليست ظاهرة جديدة، وهي لا تميز ألمانيا. زحف أوروبا السريع نحو القومية المتطرفة والعنصرية تظهر تقريباً في جميع دول الاتحاد، وبصورة أشد في دول شرق أوروبا مثل هنغاريا وبولندا التي يصل عدد اللاجئين فيها إلى صفر. ولكن العدد الأكبر للاجئين السوريين في ألمانيا، وفيها قدم العدد الأكبر لطلبات اللجوء مقارنة مع دول أوروبا الأخرى، التي هناك فجوة كبيرة تفصلها عن ألمانيا. لذلك يجب علينا ضم عدد مجمل المواطنين المسلمين في ألمانيا، 5 ملايين شخص (في فرنسا يوجد العدد الأكبر، 6 ملايين شخص) يشكلون 6 في المئة من السكان. هكذا في الوقت الذي يسود أوروبا ذعر من الأسلمة، فإن للاجئين السوريين ما يقلقهم بالتأكيد.
تسفي برئيل – هآرتس (ترجمة: القدس العربي)[ads3]