وكالة روسية : ” لا خطوط حمراء بعد اليوم .. فهل بدأت الحرب ضد الفساد في سوريا “

عملية الانتقال في أي مجتمع سواء كان في مرحلة السلم أو الحروب والأزمات لابد من أن تسبقها تبدلات في السياسة الإعلامية لهذا البلد، في وقت تستند فيه على مرتكزات وطنية مبدئية قد يراها بعض الشعب غير ملائمة من حيث طريقة التعاطي معها وانعكاسها عليه.

ولكن في حقيقة الأمر لم تكن هذه السياسة فقط الخيار الوحيد في وقت ما لأسباب عديدة، بل كانت إستراتيجية بحد ذاتها، باطنها السليم يصوب ظاهرها الملام في بعض الأحيان لخدمة المصلحة الوطنية العليا ولو كان موجعاً للشعب وخاصة في ظل حروب إعلامية مضللة ومحاولات تجيير الأحداث ونقلها بالصورة التي تخدم مصلحة هذه الدولة أو تلك من الدول المعتدية على دول ما ذات سيادة، وسوريا مثال حي على ذلك. صحيح هذا المثال ليس وحيداً في المنطقة والعالم وإنما حرب التضليل الإعلامية التي تعرضت لها سوريا منذ بداية الحرب عليها لم تكن لتتحملها أي دولة من الدول الكبرى وخاصة في ظل ضعف إمكانات الصمود والمواجهة بأشكال متعددة أمام الدعم الفضائي والإلكتروني واللوجستي والفني والمادي الهائل الذي كان وما يزال يقدم للنيل من الدولة السورية في ظل معمعة حرب شعواء على كل الجبهات.

اليوم وفي ظل الانتصارات التي يحققها الجيش السوري وحلفائه في الميدان العسكري نرى أن هناك حالة صحية من النهوض المحسوب والمدروس بشكل دقيق تتناسب مع الواقع، تجري لرفع مستوى المواجهة إلى مستوى الانتصارات الميدانية، وكما هو معلوم فجبهة الإعلام هي أخطر وأهم جبهة من جبهات المواجهات، فهي لا تحصرها حدود أياً كان نوعها ويمكن أن تدس أو تدخل في أي مكان وصولاً إلى عقول الناس دون أي حاجز يمنع تأثيرها سوى الوعي الإدراكي لدى المتلقي أو المتابع الذي يجب أن لايقبل بأن يكون رهينة لمحتواها منقاداً بلا وعي وراءها وهذا هو المواطن السوري بشكل عام الذي كان أحد أهم عوامل صمود الدولة السورية لابل الأساس ، فلا نصر كامل في أي معركة إن لم تكن الجهة الإعلامية تنال ثقة ودعم الشعب والمتابعين.

ومن هنا نرى أنه بعد أكثر من أسبوعين على حملة “ساعدونا لنصير أحسن” التي أطلقتها وسائل الإعلام السورية بجرعة غير معتادة من “نقد الذات” أتى حوار وزير الإعلام السوري عماد سارة أمس على شاشة التلفزيون السوري الرسمية “القناة السورية” ليجيب على الكثير من الإنتقادات والأسئلة التي عبّر عنها السوريون على وسائل إعلامهم الرسمية بجرأة وصراحة، وليكون حديثه أشبه بإشارة البدء بـ “مرحلة جديدة من استراتيجية العمل الإعلامي في سوريا”.

وفي حديث صريح لاقى تفاعلاً كبيراًً على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن تحول الإعلام السوري إلى حديث على وسائل الإعلام السورية الرسمية والرأي العام في سوريا في الأسابيع الماضية، قال الوزير سارة إنه “لا خطوط حمراء في الإعلام السوري بعد الآن”. وأضاف ” أعتقد أنه خلال فترة قريبة سيرى المواطن السوري ترجمة لتوجيهات السيد الرئيس بشار الأسد بعمل إعلامي حثيث لا يهداً ولا يتعب ولا يتأخر.. ليس فقط عن طرح هموم المواطن ومشاكله الخدمية، بل عن متابعتها والبحث عن الحلول بطريقة موضوعية وواقعية وهادئة يشترك فيها الجميع”. وأكد الوزير سارة على “ضرورة أن يتحول الإعلام من إعلام حكومي إلى إعلام وطن ومواطن.. ونحن جميعاً أمام تحدٍ الآن سنعمل كل ما بوسعنا كي نكسبه”.

ولم يتردد الوزير سارة بالإعتراف أن سياسة الصمت تجاه العديد من الملفات لم تعد مجدية، وقال: “كُبحنا و تم الطلب منا بالتزام الصمت حتى لا نزيد الطين بلة” في إشارة إلى بعض الإنتقادات التي طالت تعاطي الإعلام السوري مع أزمتي الغاز والبنزين التي تفاقمتا في الأشهر الماضية على خلفية تشديد العقوبات الأمريكية على سوريا، مضيفاً أن سياسة الصمت تلك أدت لتشكيل رأي عام أضر بثقة المواطن تجاه شاشته الوطنية و دفع به نحو تبني روايات مواقع التواصل الاجتماعي.

وتشير المصادر في دمشق إلى أن المستوى العالي من نقد الإعلام السوري على وسائل الإعلام السوري الرسمية، والحديث الشفاف والصريح لوزير الإعلام السوري سيُستتبعان بخطوة تالية على صعيد فتح العديد من ملفات مكافحة الفساد الحكومي والهدر والمحسوبيات في وزارات أخرى، وذلك من خلال حزمة من البرامج على وسائل الإعلام السورية المرئية والمسموعة والمكتوبة والتي جرى التحضير لها وباتت جاهزة للانطلاق. وتضيف المصادر أن وزارة الإعلام أرادت البدء بنقد نفسها عبر سلسلة من الفواصل والبرامج التي عرضت إنتقادات الناس دون فلترة قبل أن تمضي إلى خطوتها التالية مع باقي وزارة الحكومة السورية.

وبدأت قناتا “السورية” و”الإخبارية السورية” منذ أواخر أيار الماضي نشر استطلاعات رأي مصورة في الشوارع، ترصد آراء الناس، وأسباب إعراضهم عن الإعلام السوري وذلك في سياق حملة أطلقت عليها وزارة الإعلام اسم “ساعدونا لنصير أحسن”. ونشرت جريدة “تشرين” الحكومية استطلاعاً للرأي شمل شرائح متعددة من السوريين للإجابة على أسئلة تتعلق بأسباب انخفاض متابعة الجريدة و وسائل التواصل الإجتماعي التي أضحت مصدرا للخبر لدى شرائح كثيرة من السوريين، وأسئلة جريئة أخرى عن مساءلة “حيتان الإقتصاد” و”أسباب تدني مستوى الدخل” وغيرها.

الانتقال السوري المدروس لتوجيه بوصلة الإعلام إلى الداخل السوري قبل الخارج دليل واضح على أن سوريا بدأت تطمئن على نهايات الحرب عليها ولو طالت عملية التسوية السياسية لظروف وأسباب إقليمية ودولية معروفة لدى الجميع ، وما كانت أعلنت فتح جبهة المواجهة الداخلية لتصحيح مسار الإصلاحات التي بدأها الرئيس بشار الأسد من أجل التطوير والتحديث ومكافحة الفساد منذ تسلمه سدة الحكم وتأخرت بسبب ظروف عديدة قاسية كانت إحدى وسائلها أو بالأحرى حرابها الحرب الحالية.

كيف ستبدو صورة الإعلام الوطني السوري في المرحلة القادمة…؟

وماهي الأسس والمرتكزات الجديدة التي ستستند عليها الدولة السورية وفق الظروف المتولدة؟

وكيف سيتعاطى الشعب السوري معها ؟ بالعقل والحكمة والوعي والإدراك أم بالنقد البناء البعيد عن الإنتقام البيني رداًً على ما كان قبل هذه المرحلة مما حسبه جزء من الشعب أخطاءّ كان لازاما تخطيها.

هذا ما ستكشفه قادمات الأيام، لتظهر الباطن الذي قد يرمي بظله المعجون بالألم والأمل بشكل كامل على حياة الشعب السوري كما يستحق ويتمنى وعلى مستقبل سوريا كدولة أثبتت نفسها رقماً صعباً في المعادلات الإقليمية والدولية وهي على أعتاب نصرها على الإرهاب رغم التصعيد الحاصل.

نواف ابراهيم – سبوتنيك

*العنوان والنص كما وردا في الوكالة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫17 تعليقات

  1. طيب فيك تنتقد افرعة التعزيب و الاجرام كيف بيشحطو صاحب فكر او رأي و بيختفي يا ببموت تحت التعذيب

  2. هالمقال تعليك بعثي…نسيت يافهمان انه كل هالحرب والموت والدمار بسبب حرية الرأي وبعض المطالب بنهاية الفساد…هذا عدا عن ان المقال ينزه بشار الأسد الفاشل بقيادة (الأزمة) وجعله إله لايجوز توجيه أي انتقاد له أو إتهام…بالنهاية تدوير الزوايا وابر البنج لن تفيد ولن تحل او تحلحل أي من المشاكل…وطالما ان النظام يقتل الناس في السجون والشوارع ويعتقل لمجرد كلمة أو تعليق على الانترنت…كل هذه المقالات البعثية العبثية كلام في الهواء وليس لها أي تأثير لا عند نظام نشأ وتأسس على الإرهاب ولا عند الشعب المضطهد والذي فقد الثقة بهذا النظام بشكل تام .

  3. اللعنة عليكم وعلى بشار الإرهابي الكيماوي الحل الوحيد في سورية هو اقتلاع هذا النظام الإرهابي الكيماوي من جذوره وغير ذلك كله مثل ظراد على بلاط طالما المسالخ البشرية موجودة والأفرع الإجرامية المخابراتية موجودة فلن تكون هناك دولة بل مجرد عصابات اجرام تقتل الشعب السوري

    1. يلعن روحك يا حافظ عا ها كلب الخلفته اول شي تتفضل تنقلع روسيا وايران وحزب الشيطان وغيرهم وبعدين علكوا يا بعثيين عن الفساد يا مفسدين

  4. هذا الكاتب وصلت به الصفاقة والوقاحة حدا لا يوصف حيث يتحدث عن الفساد والتضليل علما ان مقاله قمة في الكذب والتضليل والتدليس والخداع
    ولن اعيد كتابة المقال السخيف الذي قرأته ولكن يكفيني ان اذكر وباستهجان شديد ان الرئيس هو الذي اصدر توجيهاته للاعلام لمحاربة الفساد وهو رأس الفساد واحقر الفاسدين ولن اصدق ان محاربة الفساد قد بدأت في سوريا الا بعد ان ارى هذا الوغد ذيل الكلب وراء القضبان تحيط به بطانته الفاسدة ومنها هذا الكاتب الكذاب

  5. شو هالعلاك المصدي خطوط حمراء و خضراء منذ متى كنتو تحاربو الفساد لك الفساد بدمكم بعد ان جلبتم كل مرتزقة العالم لتقتلو الشعب و دمرتم البلاد جاي اتحارب الفساد لو كنتو محاربين الفساد من قبل لم ولن نصل الى هذه المرحلة في عام 2008 لم تستطيعوا ادخال شركة اتصالات خلوية ثالثة منافسة لشركات مخلوف و جاي اتقلي اتحارب فساد

  6. هل يمكن اعتقال الفاسد بشار و لصوصه سامر فوز و رامي مخلوف و محمد حمشو و غيرهم ممن سرقوا اكثر من مليار دولار من ثروات الشعب؟؟ هل يمكننا ان نطبق العلمانية التي تساوي بين المواطنين

  7. من يناير الدكتاتوري غير الدكتاتوري نظام الجحش بشار والنظام الروسي هي انظمه قمعيه

  8. كمن يطلب من التواليت، إلقاء محاضرة عن العطور الفرنسية.
    بيئة نجسة لئيمة طائفية، ينتهي كل هذا الجعير الحضاري عند اي عنصر امن علوي.