منزل رئيس سوريا الذي تحول لفندق في تركيا و ملتقى للسوريين الحالمين بسوريا بلا أسد .. ” لو أن جدران فندق الأشباح تستطيع أن تتحدث “
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالاً للصحافية اللبنانية هويدا سعد، تحدثت فيه عن فندق صغير في تركيا، كان للمفارقة منزل أول رئيس لسوريا، وتحول لاحقاً لملتقى يجتمع فيه السوريون بعد اندلاع الثورة، على اختلاف مواقفهم وتوجهاتهم، ليتحدثوا مع صحافيين عرب وأجانب عن ثورتهم وأحلامهم وعن سوريا الجديدة التي يرغبون بها بعد التخلص من نظام الأسد، لينتهي الأمر بهم إما راحلون أو مفقودون أو سجناء أو مهاجرون.
نص المقال بحسب ما ترجم عكس السير:
فندق الليوان، المكان الذي كان غالباً مستقراً لصحافيين أمثال أنتوني شديد، حفل ذات يوم -في سره- بأحاديث عن آمال سوريا ومخاوفها.
عندما وطئت قدمي ذلك المقهى الضيق الخافت، توقعت أن أراهم جالسين على الكراسي المغطاة المزركشة، توقعت أن أسمع نقاشاتهم وجدالهم يتردد صداه من الجدران المصفرة.. عند السوريين أتحدث.
مقهى فندق الليوان، والأخير هو ليس إلا قصراً تاريخياً في في أنطاكيا، اعتاد على احتواء أمال سوريا ومخاوفها خلال السنوات الأولى من الحرب، فالمعارضون السوريون التقوا فيه، وبنوا علاقاتهم وشبكاتهم.
أناس من حلب وحمص وإدلب ودمشق.. أطباء ومهندسون ومنشقون عن الجيش ونشطاء مدنيون، علمانيون ومتدينيون، ومتشددون ولعوبون.
إلى جانب هؤلاء، أنا ومذكرتي.. كانت لدي زاوية في الخلف، قام فيها سوري تلو الآخر بفتح نافذة على سوريا، لي ولزملائي.
أما الآن، فقد أصبح المكان صامتاً وفارغاً في غالب الأحيان.. وعاد الهدوء الطبيعي لأنطاكيا، بعد انتهاء العاصفة.
في سوريا، انتصر بشار الأسد على ما بدأ كثورة، ثم أصبح حروباً متعددة، وما لبثت أن تقلصت، ومن ثم أعلن ترامب النصر على أحد مفرزاتها.. تنظيم داعش.
ولكن ما الذي حل بسوريي الليوان؟ البعض منهم ماتوا وآخرون مفقودون أو مختفون في سجون مخابرات بشار الأسد أو داعش.. بعض منهم أصبحوا قتلة، وبعضهم ما زال متمسكاً بمبادئه وقيمه، ومعظمهم تناثروا في دول المنطقة والعالم.
كطقس نقوم به كل المرة، سألنا المدير السماح لنا برؤية الغرفة.. ابتسم لي ابتسامة حزينة وأعطاني مفاتيحها.. في الزيارة السابقة، كانت هناك ملابس شخص آخر على السرير، أما هذه المرة، فالمسؤولة عن التنظيف تقوم بعملها اليوم في الداخل.
لقد أحب أنتوني هذا الفندق لأجل أرضيته ذات الطراز المتوسطي المصنوعة من الشمينتو (الاسمنت).. الليوان بني عام 1920 وكان منزلاً لصبحي بركات رئيس الاتحاد السوري الذي مهد الطريق لتأسيس دولة سوريا وأصبح أول رئيس لها (في عهد الانتداب الفرنسي).. حينها كانت أنطاكيا جزءاً من سوريا التي تحكمها فرنسا.
لا أعلم إن كان ثوار سوريا المعاصرون مطلعون على ذلك التاريخ.. كنت مشغولة للغاية بالاطلاع على حاضرهم.
كان مقهى الليوان المكان الذي التقيت فيه سوريين عرفتهم عبر الإنترنت، بشكل شخصي لأول مرة، وعلى آخرين بقيت على تواصل إلكتروني معهم لاحقاً.
لقد كنا جميعاً، السوريون وأنا، الصحافية اللبنانية التي نشأت وسط حرب أهلية، مفتونين بالفرصة التي حصلنا عليها هنا.. فرصة التحدث، مع أناس لم نكن لنلتقيهم لولا الحرب، عن مواضيع كانت يوماً ما من المحرمات، كالسياسة والدين.
أنتوني لم يتمكن من القيام بذلك مرة أخرى، لكنني كررت ذلك مرات ومرات.. الغرف في الليوان صغيرة، وخدمة الانترنت ليست جيدة بالقدر الكافي، ولكن لهذا المكان سحر خاص، خصوصاً عند هطول المطر، حيث يمكنك سماع صوت القطرات وهي تدغدغ النوافذ.
خلال الفترة بين 2012 و2014، كان الفندق مكتظاً بشكل دائم، والحديث الدائر هو عن مستقبل سوريا.
بعض السوريين أراد نموذجاً علمانياً حراً كما في بيروت، وآخرون أرادوا دولة إسلامية، فيما كان حلم آخرين مقتصراً على التخلص من شعارات الأسد، وعلى رأسها ذلك الشعار الذي يظهر سوريا وكأنها ملك للعائلة الحاكمة فقط.. “سوريا الأسد”.
البعض رفض عسكرة الثورة، وآخرون قالوا إنه ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.. البعض قام بالتدخين وشرب النبيذ، وفي البداية حتى الإسلاميون لم يمانعوا الجلوس معي ومع هؤلاء.
شخص واحد، هو المقاتل الفلسطيني السوري عبد الرحمن، النحيف الذي يرتدي قبعة رمادية تغطي شيئاً من وجهه، أصر على الانتقال على مقهى آخر لا كحول فيه.. كان يتجنب النظر في عيني بشكل مباشر، إلا أنه كان يتكلم بهدوء، ولا يخفي كرهه للشيعة والعلويين.
عكس ذلك تماماً، كان صديقه عبد القادر، مبتهج ومتكلم ومتسامح مع الجميع، ومتحمس إزاء عمله الإنساني من أجل اللاجئين.
عبد الرحمن وعبد القادر مفقودان الآن، الأول انضم لداعش ثم أصبح ضدهم لاحقاً، فقاموا باحتجازه، كما حصل مع عبد القادر.
كان أبو حمزة الذي انشق عن الحرس الجمهوري يحاول بناء جماعة ثورية علمانية.. من خلف غيمة من الدخان الذي أدى لاصفرار أسنانه، رمقني بنظرة جريئة ساخرة لن أنساها، بعد أن طلبت منه الإقلاع عن التدخين.. قال لي: “بكل الأحوال سنموت.. بشار الأسد سيقتلنا سواء كنا مرضى أو أصحاء”.
قالي لي أبو حمزة شيئاً آخر لم آخذه على محمل الجد حينها.. “إن لم يساعدنا المجتمع الدولي وأمريكا، سيصبح جميع السوريين قاعدة (تنظيم القاعدة)”.
كان هذا في العام 2013، بعض الناس الطبيعيين (سباكون ونجارون) انتهى بهم الأمر بالانضمام إلى جماعات متشددة، وأصبحوا آمرين باسم الدين.. اعتقلت جبهة النصرة (القاعدة) أبو حمزة، ووضعته في السجن الانفرادي لعام، بتهمة نشر العلمانية.
أسئلتي للسوريين في الليوان، ما كانت لتنتهي أبداً، كنت أحظى بفترات استراحة في محلات الشاورما الشهيرة في المدينة، وفي المتاجر التي تبيع الأوشحة الحريرية.
كنت متأكدة أننا سنلتقي مجدداً في سوريا الجديدة، واليوم أشعر بالأسف لأنني لم أتعامل مع كل محادثة حينها على أنها اللقاء/ المحادثة الأخيرة.. الأثاث في الليوان ما زال كما كان، ولكن الصمت في المكان قاتل.
اليوم، بالكاد يستطيع السوريون عبور الحدود التركية، فالحراس يطلقون النار عليهم والمهربون يطلبون منهم مئات، بل آلاف الدولارات.
أحياناً ألوم السوريين لعدم إخبارهم لي بالأسرار التي يهمسها لهم المقاتلون قبل أن أنضم إلى جلستهم، وأحياناً ألوم جدران الفندق لعدم بوحها بهذه الأسرار الآن، وكأنها عاهدت السوريين على عدم فعل ذلك.
في الطابق العلوي، حيث غرفة الإفطار، وهي عبارة عن ساحة مغطاة كتلك التي في دمشق وحلب، ما زلت أسمع أغاني الثمانينيات نفسها التي كانت تسمع عندما كان الفندق مكتظاً.
مؤخراً، سمعت أغنيت اعتدت على سماعها في سيارتي القديمة (فيات) عام 1991، عندما كنت أقود وسط شوارع بيروت المدمرة التي تحاول التعافي من الحرب الأهلية، إنها أغنية لفرقة روكسيت (سويدية).. “لقد كان حباً، ولكنه انتهى الآن”.
*أنتوني شديد صحافي أمريكي من أصول لبنانية، عمل مع وكالة أسوشييتد برس وصحف واشنطن بوست ونيويورك تايمز (مراسل في الشرق الأوسط).. توفي (16/2/2012) جراء نوبة ربو شديدة عندما كان يحاول عبور الحدود من سوريا إلى تركيا.[ads3]
اولا الكلب عن اي سوريا تتكلم عن سوريا اير دوغان اما انتم يا صراصير اوردغان ابقوا في مزبلتكن تركيا لا مكان لكم في سوريا سوريا فقط للشرفاء وليست صراصير اوردغان مسيلمه الكذاب