عرض ” بيضة طائر الفيل ” للبيع بـ 100 ألف جنيه استرليني !

تهافت محبو الاقتناء في صالة مزادات كريستيز حول قطع قيمة جديدة، لكنها ليست من قطع المجوهرات أو الأعمال الفنية أو الأثرية المعتادة، وإنما حفريات ترجع لملايين السنين.

وتشمل القطع المعروضة أسنان ومناقير وذيول وعظام لديناصورات ترجع إلى 66 مليون سنة، إذ أصبح اقتناء الحفريات هو التوجه الجديد لمحبي جمع القطع النادرة. لكن هذه الهواية الجديدة تثير مخاوف في الأوساط العلمية.

وينضم المزايدون من جميع أنحاء العالم، فيقول جيمس هايسلوب، مدير العلوم والتاريخ الطبيعي في كريستيز إن “مشترين من 50 دولة يقبلون على شراء القطع”، وينضمون للمزاد بأنفسهم أو عبر الانترنت. وأشار إلى أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة اهتمام العملاء بالحفريات.

وبحسب “هيئة الإذاعة البريطانية”، ساهم اهتمام المشاهير بهذا النوع من المقتنيات في رواج هذه التجارة. فنجوم هوليوود، أمثال ليوناردو ديكابريو وراسل كرو ونيكولاس كيدج، يُعرف عنهم اقتنائهم لقطع حفريات ترجع لعصور ما قبل التاريخ.

وهذا الرواج تبعه زيادة كبيرة في الأسعار. فعلى سبيل المثال، بيعت بيضة طائر الفيل، وهو نوع من الطيور المنقرضة، بمبلغ يتراوح بين 20-30 ألف جنيه استرليني منذ عشر سنوات، وتباع نفس القطعة الآن بمئة ألف جنيه استرليني.

ويشير هايسلوب إلى قطعة هي الأكثر ندرة، وهي حفرية لأنثى من فصيلة الأكثيوسور، يبلغ طولها ثلاثة أمتار ونصف، وهي الأكبر حجما في تاريخ المزادات.

وهذا النوع هجين من الأسماك والسحالي، وكان يعيش في المحيطات في العصر الجوراسي قبل 184 مليون عاما. والقطعة المباعة كانت تحمل في قفصها الصدري بقايا لاثنين من الأجنة. واشتراها مقتنٍ لم يكشف عن هويته مقابل 240 ألف جنيه استرليني.

ويعزو هايسلوب الاهتمام مؤخرا باقتناء الحفريات لظهور جيل جديد ممن شهدوا ظهور سلسلة أفلام حديقة الديناصورات، بين عامي 1993 و2001، “فالناس يحبون هذا النوع من الموضوعات وما يرمز إليه”. وتمزج هذه الأفلام ما بين الروايات الشعبية للتاريخ والعلوم، كما تنظوي على إحساس بالإثارة لاكتشاف مجالات جديدة.

وبحسب ناشونال جيوغرافيك، يُكتشف 50 نوعا جديدا من الديناصورات سنويا.

وتنتشر على موقع التجارة الإلكترونية “إيباي” حفريات من نوع موساصور، وهو نوع من الزواحف البحرية، ويتم تداولها بمعدل مئة قطعة شهريا في المملكة المتحدة وحدها، وهي زيادة بنسبة 42 في المئة عن العام الماضي.

كذلك يمكن رصد قطع أخرى من جماجم وهياكل عظمية صغيرة، تتراوح أسعارها بين بضعة آلاف ومئات الآلاف. وذكر إيباي أن العام الماضي شهد زيادة في مبيعات الحفريات بنسبة 22 في المئة.

لكن هذه الزيادة في مبيعات الحفريات تثير قلق العلماء، الذين يخشون رواج عمليات التهريب والاتجار غير القانوني.

وتسمح الولايات المتحدة لمن يعثر على حفرية أو قطعة منها ببيعها، لكن دول أخرى مثل الصين ومنغوليا والبرازيل تمنع تصدير كل الأنواع. كما تعمل هذه الدول على استعادة القطع المهربة.

فمثلا، اشترى الممثل نيكولاس كيدج جمجمة من حفرية آسيوية للديناصور تيرانوصوراس باتار، عمرها 70 مليون عام، من مزاد في الولايات المتحدة عام 2012. لكن الحكومة المنغولية نجحت لاحقا في استعادة القطعة.

لكن عالمة الديناصورات التي كسبت النزاع القضائي أمام كيدج، بولورتسيتسيغ مينجين، تقول: “إن عزم الحكومة المنغولية على وقف تدفق الحفريات خارج البلاد تواجه العديد من حالات التنقيب غير القانوني، والذي قد يسبب ضررا للحفرية لا يمكن إصلاحه. فالمنقبون ليست لديهم المهارات اللازمة لاستخراج الحفريات، ويهتمون فقط بالقطع التي تجلب لهم المال. فقد يدمرون هيكلا كاملا لمجرد الحصول على الأسنان. يتعاملون مع الحفريات على أنها سلعة، لكنهم لا يدركون أنها لا تقدر بثمن.”

وأضافت: “أن المشترين قد لا يدركون الأمر. وما داموا لا يعلمون مصدر الحفريات، يكون شراؤها بمثابة دعم غير مباشر للسوق السوداء”.

لكن الآثار السلبية لتجارة الحفريات لا تقتصر على التجارة غير الشرعية، إذ تقول الدكتورة سوزانا مايدمينت، من قسم علوم الأرض بمتحف التاريخ الطبيعي في لندن إن “حركة البيع تزيد من أسعار الحفريات، بشكل يفوق قدرة المتاحف على الشراء”.

وتابعت: “ميزانية شراء الحفريات في المتحف بأكمله، وليس فقط قسم الديناصورات، لا تزيد على عشرات الآلاف من الجنيهات سنويا. لكن بعض هذه القطع تجلب ملايين الدولارات (حال بيعها لمحبي الاقتناء)”.

وأضافت أن الاقتناء الشخصي لهذه القطع يمنع إجراء البحوث العلمية عليها. والمتحف، كأي جهة بحثية، يرفض العمل على قطع يمتلكها أفراد لأن المنهج العلمي قائم على مقارنة الأبحاث. وقد يسمح المالك لباحث بالعمل على القطعة، ويمنع باحث آخر.

ومن جهة أخرى، عملية التنقيب والاستخراج مكلفة وتحتاج لعمالة كثيرة وماهرة.

وهنا يكمن الصراع، على حد وصف مايدمينت، “لأننا لا نمتلك الموارد الكافية للتنقيب عن القطع بأنفسنا، ولن نصل إليها إذا لم يستخرجها التجار”.

وتظل الأزمة أنه عندما يكون الربح الخاص هو الهدف من التنقيب، يقع خطر تجاهل المعلومات الأساسية المرتبطة بالحفريات.

لكن هايسلوب يقول إن الكثير من أصحاب القطع على استعداد لعرض ممتلكاتهم وإتاحتها للدراسة، “ولا يجب تصوير محبي الاقتناء على أنهم الأشرار في ملحمة بطولية”.

وقد تكون المشكلة في عدم تسجيل الاكتشافات الجديدة من الأساس، حسبما أشار الدكتور ماثيو كارانو، أمين قسم الديناصورات في مجموعة متاحف “ذا سميثسونيان” في واشنطن بالولايات المتحدة.

ويقول كارانو إنه مع تزايد معدلات التنقيب والاكتشافات، قد تمر الاكتشافات الجديدة بدون تسجيل “فلا يوجد سجل أو إحصاء للقطع المكتشفة، إلا من خلال محبي الاقتناء من المشاهير الذين ترد مقتنياتهم في الأخبار.”

وأضاف: “أما باقي القطع، تُباع وتُشترى في سرية، وتختفي لدى محبي الاقتناء، بدون أن يعرف العلماء بوجودها من الأساس.”[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها