رسام و نحات سوري .. رحلة النفي من سجن صيدنايا إلى أرقى صروح الفن ( فيديو )
عندما قدم علاّم لاجئاً إلى سويسرا، لم يخطر على باله أن يتم الاحتفاء به وتكريم أعماله في واحدة من أعرق المعارض الفنية في العالم “آرت بازل” ضمن فعالية استضافت فنانين في المهجر بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
لكن هل تغيّرت حياة علام فخور بعد وصول أعماله الفنية إلى معرض آرت بازل للفنونرابط خارجي؟ يجيب علام “هذه المشاركة فرصة أتاحتها لي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئينرابط خارجي وكان لها تأثيرها المعنوي الكبير وآمل أن تكون خطوة مهمة في حياتي المهنية، مع العلم أن الأعمال المشاركة معروضة في مزاد خاص بالحدث”.
ويضيف علام “قبل هذا المشروع المتميز، كانت لي مشاركات سابقة في العديد من الأعمال الفنية داخل سويسرا وخارجها. لكن حتى الآن لم أجد أي عمل يتقاطع مع تجربتي الأكاديمية والمهنية”.
“لست فناناً حالماً، عملت في السابق كمدرس فن. أنا لا أبحث عن عمل كرسام فقط. لديّ خبرة في مجالات عملية موجودة في سويسرا كنحات ونحات مسرح وأعمال الديكور وهي وظائف موجودة ومطلوبة هنا أيضاً، لكن السلطات المختصة لم تعرض عليّ غير وظائف في مجال التنظيف أو البناء”، كما يوضح علاّم.
الفنان السوري يؤكد على قيمة العمل مهما كانت طبيعته البسيطة، لكنه لا يمكنه ممارسة هذه الأعمال لفترة طويلة بسبب ظروفه الصحية وأيضا لابتعادها كل البعد عن تجربته المهنية: “هذه الأعمال تفتقر إلى غاية وهدف يتلاقى مع مسيرتي الذاتية وتجربتي المهنية والإنسانية. إبعادي عن مجالي ونشاطي الفني هو حكم عليّ بالإعدام”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن طبيعة الحياة القروية (حيث يُقيم في منطقة ريفية) ومتطلباتها وقلة الفرص المتاحة للقادمين من المجال الفني “تحول دون نجاح الهيئات المختصة في توظيف خبرته ومؤهلاته في المجال الصحيح”، كما يوضح علاّم.
معاناة علاّم فخور لا تقتصر على بعده عن مجاله المهني، لكن أيضا إلى الجانب الشخصي، حيث تسعى زوجته منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف إلى جلب ولديها إلى سويسرا منذ قدومهما في عام 2016 ومع تجاوز الأبناء الآن عمر الثامنة عشر يبدو أن فرص لم شمل العائلة تضاءلت.
حالة عدم الاستقرار وكابوس النفي تخيّم على حياة علاّم فخور منذ أكثر من أربعة عشر عاماً، حين تم اعتقاله من قبل النظام السوري في عام 2005 لأسباب سياسية، ليتم تغييبه بعدها في سجن صيدنايا سيء السمعة. تم تخفيف الحكم من 10 إلى 5 سنوات وصدر حكم بإطلاق سراحه في عام 2011: “تم تحويلنا إلى معتقل القوات الجوية مرة أخرى ليتم إخراجنا أولاً في ساحة الإفراج.. وهو فناء داخل أسوار السجن، يتم إطلاق المعتقلين فيه لمدة يوم ليتعودوا على أشعة الشمس قبل إخلاء سبيلهم في اليوم التالي”.
تزامن موعد الإفراج عن علاّم مع خروج المظاهرات في سوريا وتم تأجيل الخروج حتى فقد الأمل: “لكن بعد أيام جاء اليوم الموعود وعندما وطئت قدمي الأرض خارج أسوار السجن سألني الضابط “هل تستطيع عبور الطريق؟ فأجبته “والله لو كانت الصحراء الكبرى أمامي فسأعبرها.. أطلق سراحي ولا يهمك”.
رغم تراجيدية الموقف، يجد الفنان السوري هامشاً إيجابيا يطلق من خلاله نكتة أخرى، لتملأ وجهه ولو للحظات ابتسامة تغمر في مدها وجزرها نظراته المليئة باليقظة والترقب.
مرت ثمانية أعوام على هذه اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت والفارقة بين الحرية والنفي لعلاّم فخور، أعود به للحاضر وأسأله: والآن هل تشعر بأنك وصلت إلى بر، يمكنك أن تأخذ فيه استراحة من هذه المأساة لتعيش الحياة؟ يجيب علاّم: “رحلتي لم تنته بعدُ، حتى الآن لم أصل إلى بر الراحة والاستقرار.. ينقصني تحقيق ذاتي على المستوى المهني. أعيش في قرية جبلية، تحيط بي الجبال من كل ناحية، لا أرى أفقاً أمامي، عندما أنظر من نافذتي. الحياة في مدينة كبيرة قد تتيح فرصاً أفضل للعمل”. (Unhcr – swissinfo)[ads3]