صحيفة : ” محمد الزين .. لاجئ سوري يتحدى إعاقته بالإصرار و الكد “
وجهٌ مألوف للكثيرين، يجلس على مقعده وأمامه بضاعته في أحد المراكز التُجارية بمدينة العبور (شمال شرق العاصمة المصرية)، يقاوم عذابات اللجوء وتحديات الإعاقة بكل إصرارٍ وكد، فيُشيع روح الأمل ويبث الصفاء بالمكان.
له من اسمه نصيب، لقبه الزّين، ويناديه الناس بـ«أبو عمر»، واسمه الحقيقي محمد الزين، ينحدر من غوطة دمشق الغربية في سوريا، وجاء إلى مصر في العام 2013 رفقة أسرته المكونة من والدته إخوته البنين والبنات. جاء حاملاً تحديه الخاص، بألا يكون عالة على أحد، وأن يواصل كدّه واجتهاده من أجل تأمين «لقمة العيش» لأسرته.
نموذج
نموذج من السوريين الذين لم يستسلموا للتحديات والعقبات التي واجهتهم في بلدان اللجوء، فضربوا أروع الأمثال في الكد والكفاح، وصاروا مضرب مثل في أوساط تلك الدول.. شاب عشريني بدأ رحلة كفاحه مبكراً منذ أن كان في سوريا.
«تركتُ المدرسة مبكراً في سوريا، وعملت بعدها في بيع الحلوى (الراحة والبسكويت والسكاكر).. حتى بدأت الأحداث في سوريا وتغيّرت الأمور، جئت إلى مصر في يونيو 2013 رفقة أهلي».
«سكنا بمدينة العبور بداية جيتنا على مصر، ضليت جالس بالبيت ما يقارب سنة ونصف تقريباً، وبعدها صار عندي كرسي كهربائي، ضل عندي مدة، وبعدها قمت ببيعه واشتريت سكوتر، وبدأت أرجع أشتغل مثل ما كنت أعمل بسوريا ببيع الحلوى والسكاكر والراحة».
بدأ الزين عمله أمام أحد «المولات» الشهيرة بالمدينة المذكورة لمدة ثمانية أشهر، قبل أن يُضيّق عليه الخناق من قبل أصحاب المحال هناك، في أول عقبة واجهته عندما بدأ يشق طريق عمله من جديد بعد توقف دام طويلاً في الفترات الأولى من مجيئه إلى مصر، فحاول أن يفتح مجال رزق جديد لنفسه، بداخل أحد المراكز التجارية الأخرى، لكن تلك المرّة في مجال بيع الجوارب. ويقول: «الحمدلله، شغلي تمام، وما حدا تكلم معي شيء» (أي لم يضايقه أحد أو يطلب منه عدم دخول المركز أو البيع فيه).
صفحة خاصة
لم يكتفِ الزين بذلك، بل ذهب إلى استغلال حبه للغناء والطرب، فراح يُدشن صفحة خاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» يستقطب من خلالها الراغبين في تنظيم حفلات سوريّة، وعمل ـ إلى جانب عمله في بيع الجوارب – في تنظيم الحفلات، لاسيما حفلات افتتاح المطاعم والمحال السورية المختلفة أو الحفلات الخاصة، التي يستقطب فيها فرق سورية للغناء، ويُشارك عادة أجزاءً من تلك الحفلات ومقاطع غنائية له عبر صفحته.
ويقول عن ذلك النشاط: «لا أسميه مشروعاً، هو نشاط خدمي للأحباب والأصدقاء والمعارف.. بعرف كل فرق الإنشاد السورية يا للي بمصر وفرق الزفة المعروفة بالعراضة الشامية في ناس بيكون عندها عرس أو افتتاح محل أو أية مناسبة فبيطلبوا مني أنا شفلهم الفرق وترتيب الحفل».
لم يترك الزين باباً للرزق يستطيع العمل فيه إلا وطرقه، فأشد ما يؤلمه أن يبقى دون عمل، لكنّه في الوقت ذاته يعاني من ضعف دخله مقارنة بالتزاماته المالية من إيجارات ومصروفات يومية وفواتير وخلافه، ويقول: «أكتر ياللي بشتغله بحطه أجرة مواصلات لما روح على شيء مكان أو مناسبة».
*العنوان والنص لصحيفة البيان الإماراتية[ads3]