بمسدس مزود بكاتم للصوت في متنزه ببرلين .. اغتيال قيادي شيشاني في ألمانيا !
وسط متنزه يقع في مركز العاصمة الألمانية برلين، اقترب مسلح من القائد العسكري الشيشاني السابق سليم خان خانغوشفيلي (40 عاما) وأطلق الرصاص على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت، فأرداه قتيلا في وضح النهار.
تمكنت السلطات من اعتقال القاتل سريعا، وتكشفت على إثر ذلك بعض التفاصيل والمعلومات عن الجريمة التي وقعت الجمعة 23 أغسطس/آب الماضي، لكن الأسئلة الكبرى بشأنها ما زالت دون إجابة واضحة.
أشارت تقارير صحفية إلى أن السلطات تشك في أن الجريمة ربما تكون عملية اغتيال بإيعاز من أجهزة الدولة الروسية على غرار محاولة تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا العام الماضي.
لكن كل ما أعلنته برلين رسميا أن المشتبه به مواطن روسي، وأنها لا تستبعد وجود دافع سياسي وراء الجريمة.
من جهتها، نفت الحكومة الروسية مسؤوليتها عن قتل خانغوشفيلي في برلين، وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس فلاديمير بوتين إنه لا صلة للحكومة بمقتله.
غير أن استقصاء مشتركا أجرته مجلة دير شبيغل الألمانية وموقع إنسايدر الاستقصائي الروسي وموقع بيلينغكات الاستقصائي البريطاني كشف النقاب عن بعض ملابسات الجريمة ومنفذها.
القاتل الروسي
أظهر الاستقصاء أن الشخص المحتجز لدى السلطات الألمانية بتهمة القتل يدعى فاديم سوكولوف (49 عاما) وقد وصل من روسيا في ظروف غامضة، إذ كان قد حصل على جواز سفر روسي في 19 يوليو/تموز الماضي، ثم تقدم بعد ذلك بعشرة أيام بطلب للحصول على تأشيرة لدخول فرنسا وحصل عليها خلال يوم واحد فقط، ثم سافر إلى فرنسا في 31 يوليو/تموز.
وكشف التحقيق الصحفي أن بيانات جواز السفر باسم فاديم سوكولوف ليست موجودة بأي قاعدة بيانات روسية، وهو ما يعني في الأحوال الطبيعية أن هذا الشخص لا يستطيع مغادرة البلاد. ولم يتضح أيضا كيف حصل على تأشيرة فرنسا بتلك السرعة، خاصة وأنه قدم عنوان سكن غير حقيقي بمدينة سانت بطرسبرغ.
وتوصل التحقيق الصحفي إلى أن رقم جواز السفر قد يحيل إلى وحدة بوزارة الداخلية الروسية أصدرت في الماضي وثائق هوية لصالح جهاز الأمن العسكري.
وسافر سوكولوف من موسكو إلى باريس ومنها إلى برلين. وهناك يقال إنه ركب دراجة كهربائية للوصول إلى خانغوشفيلي الذي كان بمتنزه عام، وأطلق عليه ثلاث رصاصات، اثنتان منها في الرأس، ثم تخلص من مسدسه من طراز “غلوك” ومن شعره المستعار ودراجته في نهر إشبري. وبينما كان يفعل ذلك رآه فتيان وأبلغا الشرطة فجاءت واعتقلته خلال دقائق.
أما الضحية فهو شيشاني من جورجيا، كان أحد القادة الميدانيين المحاربين ضد الجيش الروسي بحرب الشيشان الثانية التي اندلعت قبل عشرين سنة. وعام 2008 حاول خانغوشفيلي تجميع قوة لقتال الروس مرة أخرى حين غزوا جورجيا.
وتلقى الرجل عدة تهديدات بالقتل ونجا من محاولتي اغتيال في جورجيا قبل أن يلتمس الأمان في ألمانيا التي وصل إليها عام 2016 وطلب اللجوء السياسي، لكن طلبه رفض، فتقدم باستئناف.
سلسلة اغتيالات
ويقول الكاتب ليونيد برشيدسكي في مقال بموقع بلومبرغ “إعدام خانغوشفيلي لم يأت من فراغ” إذ إن الشبهات تشير إلى وقوف روسيا وراء عمليات تصفية مقاتلين شيشانيين سابقين في تركيا والنمسا والإمارات وبريطانيا.
ويمضي الكاتب ليقول “في حكم المؤكد أن روسيا تدير برنامجا سريا لتصفية الانفصاليين” الذين تعهد بوتين عام 1999 بقتلهم تحت أي ظرف “حتى لو كانوا في المراحيض”.
لم يكن خانغوشفيلي من القادة العسكريين الكبار بالقتال ضد الروس، لكن يعتقد أنه كان مستهدفا بسبب دوره المؤثر في منطقة بانكيسي الإستراتيجية بجورجيا، وبسبب ما يقال عن صلته بالقائد الشيشاني البارز شامل باساييف الذي كان عدو روسيا الأول والذي لقي حتفه بانفجار غامض عام 2006، كما يقال إن خانغوشفيلي كان مقربا من الرئيس الشيشاني السابق أصلان مسخادوف الذي قتل عام 2005.
ويقول رئيس الجمعية الألمانية القوقازية إيكهارت ماس الذي التقى خانغوشفيلي وتوسط لدى السلطات الألمانية لمنحه حماية خاصة “سليم خان ظن أنه سيكون بمأمن في ألمانيا”.
وأضاف في حديث لصحيفة غارديان البريطانية أن خانغوشفيلي “كان يسلك الطريق نفسه من منزله إلى المسجد كل يوم جمعة، ولا بد أنه لوحظ وأن هذه المعلومات وصلت إلى القاتل”.
ترك خانغوشفيلي خلفه ثلاث بنات وولدين تتراوح أعمارهم بين عامين و17 عاما، وقد نقل جثمانه إلى جورجيا ليدفن هناك. (aljazeera)[ads3]