دراسة : التوتر أثناء الحمل قد يعرض الأطفال للإصابة باضطراب الشخصية
وجدت دراسة أن أطفال النساء اللاتي يعانين من توتر شديد أثناء الحمل هم أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية بنحو 10 أضعاف، حين يبلغون سن الثلاثين.
كما أشارت الدراسة إلى أن تعرض المرأة الحامل لتوتر معتدل لفترة طويلة قد يكون له تأثير على نمو الطفل وتطوره، وقد يستمر هذا التأثير إلى ما بعد ولادة الطفل.
وتابعت الدراسة مستويات التوتر لأكثر من 3600 امرأة حامل في فنلندا، كما جرت متابعة أطفالهن بعد الولادة.
ويقول الأطباء النفسيون إن الأمهات يجب أن يحصلن على دعم نفسي ومساعدة متخصصة في فترة الحمل لضمان سلامة صحتهن العقلية.
وهناك عوامل مهمة أخرى، مثل كيفية تنشئة الأطفال، والوضع المالي للأسرة والصدمات التي قد يتعرض لها الشخص في مرحلة الطفولة، يمكن أن تسهم في حصول اضطرابات الشخصية.
اضطراب الشخصية يعني أن جوانب معينة من شخصية المرء قد تجعل الحياة صعبة بالنسبة له وللأشخاص الآخرين من حوله، وفق ما اوردت “هيئة الإذاعة البريطانية”، وهناك أشكال مختلفة لاضطراب الشخصية، منها على سبيل المثال، شدة القلق أو الاضطراب العاطفي أو جنون العظمة أو الانعزالية.
ويعتقد أن اضطرابات الشخصية تطال واحدا من كل 20 شخصا، ويكونون في الغالب أكثر عرضة لمشاكل الصحة العقلية الأخرى، مثل الاكتئاب، أو إدمان المخدرات والكحول.
واضطراب الشخصية كسائر الاضطرابات العقلية الأخرى، يمكن للتربية ومشاكل الدماغ والجينات أن تلعب دوراً في تطوره وتفاقمه.
طلبت الدراسة، التي أعدتها الدورية البريطانية للطب النفسي، من نساء حوامل الإجابة عن أسئلة حول مستويات التوتر والإجهاد العقلي التي يختبرنها.
وكان عليهن تحديد ما إذا كن يعانين من توتر شديد، أو بعض التوتر أو لا يعانين مطلقا، وكانت النساء اللاتي أجريت عليهن الدراسة يعشن في مدينة هلسنكي، في فنلندا، وولد أطفالهن بين عامي 1975 و 1976.
وعندما بلغ هؤلاء الأطفال سن الثلاثين، رُصدت كافة تشخيصات اضطرابات الشخصية لديهم، وكانت هناك 40 حالة في المجمل ، وكانت جميعها حالات خطيرة تنطوي على الخضوع للعلاج في المستشفى.
وجدت الدراسة أن ارتفاع مستويات التوتر خلال فترة الحمل قد يكون له تأثير طويل الأمد على الأطفال.
وكان الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم للتوتر الشديد خلال الحمل، أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية بنسبة 9.53 مرة من أولئك الذين لم تواجه أمهاتهم أي توتر أو ضغوط.
أما أولئك الذين تعرضت أمهاتهن لمستويات معتدلة من التوتر كانوا عرضة للإصابة باضطراب الشخصية بنسبة أربعة أضعاف.
لا يُعرف كيف يمكن أن يزيد التوتر لدى النساء الحوامل من خطر إصابة أطفالهن باضطرابات الشخصية، فقد يرجع ذلك إلى التغيرات التي تحدث في الدماغ أو نتيجة الجينات الموروثة، أو عدد من العوامل الأخرى في تنشئة الأطفال.
وقد حاول الباحثون التركيز على أثر التوتر وحده، من خلال التحكم في عوامل أخرى مثل التاريخ النفسي للحوامل، والتدخين أثناء الحمل أو الاكتئاب.
ووجدت أبحاث سابقة روابط بين التوتر أثناء الحمل وإصابة الأطفال بالاكتئاب والقلق والفصام.
تقول الدكتورة ترودي سينيفيراتني، رئيسة كلية الصحة النفسية لفترة الحمل والولادة، في الكلية الملكية للأطباء النفسيين، إن الحمل يمكن أن يكون فترة مرهقة لذلك فإن النساء الحوامل يحتجن للدعم.
كما أضافت: “إذا لم تتم معالجة التوتر، فهناك احتمال كبير بأن يظل إلى فترة ما بعد الولادة”.
وأشارت إلى مدى حساسية الحديث عن هذا الموضوع وقالت: “لا نريد أن يعتقد الأهل أنهم يضرون بأطفالهم، لكن مستويات التوتر المرتفعة تؤثر على الأطفال بشكل كبير”.
تقول الدكتورة سينيفيراتني إنه يجب دعم النساء في المنزل والعمل خلال فترة الحمل وإعطائهن استراتيجيات للتكيف عندما يتعرضن للتوتر.
وتؤكد: “إنهن بحاجة إلى أن يتعلمن الراحة، وأن يطلبن الدعم ويتحدثن إلى شخص ما عن شعورهن”.
كما نصحت بتناول وجبات متوازنة وعدم التدخين والنوم بشكل منتظم.
يقول مؤلف الدراسة الرئيسي، روس برانيغان، من الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا: “هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية توفير الصحة النفسية والدعم النفسي لكل من النساء الحوامل والأسر خلال فترة ما قبل الولادة وما بعدها”.
وأكد على ضرورة الوعي بأن ممرضة التوليد أو الزائرة الصحية من واجبها السؤال عما إذا كانت المرأة الحامل قد عانت من مشاكل في الصحة العقلية في الماضي، وما إذا كان لديها شعور باليأس بعد ولادة طفلها، بغية تمكينها من الحصول على الرعاية النفسية اللازمة.[ads3]