” أحيانا أشعر بأنني إنسان آلي ” .. ألمانيا : قصة لاجئة فلسطينية أصبحت مهندسة في هامبورغ

يمر كل يوم في حياة لينا موازيني بطيئاً ثقيلاً، فهي تستيقظ في حوالي الساعة الرابعة والنصف فجراً ثم تغادر منزلها بعد ذلك بساعة، حيث يبدأ يومها في العمل في السابعة صباحاً، لتعود إلى بيتها في الخامسة والنصف بعد الظهر.

وتبدأ هذه الأم التي تعيش بلا زوج وتبلغ من العمر 40 عاماً أعمالها المنزلية بالطهي لإطعام أبنائها الأربعة، وبعد أن يستغرقوا في النوم تذهب إلى الجيم، وغالباً ما يبلغ عدد الساعات التي تنامها طوال الليل أربع فقط.

وتقول ضاحكة: “أحياناً أشعر بأنني إنسان آلي”، وتحمل موازيني الجنسية الفلسطينية وهي تقيم في ألمانيا منذ عام 2015، وكانت قد هربت هي وأبنائها من قطاع غزة سعيا للحصول على وطن جديد، وخلال خمسة أعوام رحلت الأسرة أحياناً سيراً على الأقدام وأحياناً على متن الطائرات عبر كل من مصر وليبيا والأردن ورومانيا والنمسا والدنمارك قبل أن ينتهي بها الحال في ألمانيا”.

ووضعت أصغر أطفالها أثناء رحلتها الطويلة.

وتعمل موازيني حالياً مهندسةً في ميناء هامبورغ منذ عام ونصف العام، وترتدي صدرية للسلامة المهنية وخوذة بيضاء، ويتمثل عملها في المساعدة على إنجاز تشييد جسر كاتويك بضاحية تحمل ذات الاسم بهامبورغ في موعده المحدد، وسجلت حياتها المهنية بألمانيا قصة نجاح، ولكنها للأسف نادرة الحدوث.

وتواجه اللاجئات أوقاتاً أكثر صعوبة في البحث عن عمل كما تقول رامونا لوبيز وهي مدربة وظائف للمهاجرين، فبالإضافة للمشكلات الشائعة مثل عدم القدرة على تعلم اللغة الألمانية والقيود المقروضة على العمل، توجد مشكلة تحقيق توازن بين متطلبات العمل ورعاية شؤون الأسرة، وقد تحتاج اللاجئات إلى مزيد من المساعدة في مجال رعاية الأطفال بأكبر مما تتيحه الدولة.

وتمثل النساء نسبة صغيرة من عدد اللاجئين الذين ينضمون إلى سوق العمل بألمانيا، وذلك وفقاً لبيانات وزارة التشغيل، ويقدر معهد أبحاث التوظيف أنه خلال النصف الثاني من عام 2017 حصل ما نسبته 27% من اللاجئين الذكور في مختلف أنحاء ألمانيا على فرصة عمل، مقارنةً بما نسبته 6% من النساء اللاجئات.

وتجرى خطوات لدمج مزيد من اللاجئات في سوق العمل الألماني، حتى على الرغم من أن الإحصائيات التي أذاعتها وكالة التشغيل الفيدرالية تشير إلى أن ما نسبته 87% من اللاجئين الذين يعملون في ألمانيا هم من الرجال.

ومن المرجح أن يكون هذا الفارق بين الجنسين يرجع إلى أن المرأة اللاجئة تتجه لأن تقيم في منزل ترعى فيه أطفالاً صغاراً، وليس السبب هو الافتقار إلى التعليم أو الرغبة في العمل، وفي هذا الصدد يقول هربرت برويكر الباحث المشارك في وضع تقرير معهد أبحاث التوظيف إنه “بعكس ما يتم افتراضه في الغالب، وجدنا رغبةً قويةً للعمل بين هذه الشريحة من النساء”.

ويضيف: “وجدنا قيماً محافظةً في إطار الأسرة، ولكن ليس فيما يتعلق بالاندماج في سوق العمل”.

وبالنسبة لموازيني لم يكن وضعها كأم وحيدة هو أكبر تحد يواجهها في سعيها للحصول على وظيفة، بل إنها شعرت بأنه يتم التقليل من شأنها باعتبارها امرأة ولاجئة، وتقدمت بطلبات للحصول على وظائف هي في الحقيقة أقل من مستواها العلمي.

وتقول: “لقد ثابرت وقاتلت”، ذلك لأن هدفها الوحيد كان الحصول على وظيفة تمكنها من الإنفاق على أطفالها وتتيح لهم مستقبلاً أفضل مما سيكون عليه الحال في وطنهم الذي تحيط به الأزمات.

ويواجه اللاجئون بشكل عام مشكلات في العثور على عمل يناسبهم يحتاج إلى مهارة، خاصة في حالة ما إذا كان يتطلب خبرة سابقة أو تدريب.

وحصلت موازيني على خبرة جيدة كبيرة منذ أن بدأت العمل في ميناء هامبورغ، وكانت تتعرض للتحرش مراراً أثناء عملها في غزة بمجال يهيمن عليه الرجال، وتتذكر قائلةً: “كان الرجال يوقفون سياراتهم ليحدقوا في، وكنت أشعر كما لو كنت قرداً في حديقة للحيوان”.

والأمر مختلف في موقع التشييد بهامبورغ، وتقول موازيني: “يمكنني هنا الخروج لأقول لرجل إنك ترتكب خطأ، وبعد ذلك سيتحدث إلي كشخص طبيعي ولا يشعر بأنه تعرض لهجوم”.

وما يزال من غير الواضح ما إذا كانت السلطات الألمانية ستسمح لموازيني وأسرتها بالبقاء، حيث ما زالت السلطات تدرس طلبها بالحصول على وضع اللجوء، غير أن موازيني تشعر بالتفاؤل بأنها ستتخطى هذه العقبة أيضاً.

وعلى أي حال استطاعت هذه المرأة أن تتغلب على كثير من المواقف التي كان من الممكن أن تستسلم لها وفقاً لقولها، ووضعت وشماً مؤخراً على أعلى ذراعها الأيمن، يقول في حروف سوداء واضحة “لا تستسلم أبداً”. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها