TRT : قصص ملهِمة لموهوبين سوريين في تركيا
منهم من هو موهوبٌ في الغناء، ومنهم من استطاع أن يجعل من الرياضة مهنةً بعد أن كانت هواية.. لكنّ ما يجمعهم أنهم لاجئون سوريون موهوبون وجدوا في تركيا ملاذاً لهم ولمواهبهم.
عام ينتهي وآخر يأتي، ولا تزال أفئدة السوريين معلَّقة في بلادهم. هناك، حيث ترعرعوا وأتقن معظمهم مواهب كثيرة، قُتلت مع أول رصاصة أُطلقت، وبات النزوح والهجرة خيارهم الوحيد.
في بساتين مدينة حرستا السورية بريف دمشق، لا يزال صدى صوت ابنها مالك نور يُسمع، وهو يغني موشَّحه المفضَّل “يا حبيبي كيف أشقى”.
كان كل من في حرستا أدمن صوت الشاب مالك، كما عشقوا رائحة أشجار الزيتون التي تحيط ببساتين المدينة حتى اليوم.
الثلاثيني مالك نور، الذي يعيش اليوم في مدينة إسطنبول التركية، يتقن الغناء منذ صغره في سوريا. يخبر TRT عربي كيف بدأ الغناء الديني والأندلسي في سن السادسة عشرة، وبهر كل من سمعه.
“كانت موهبتي أجمل شيء في حياتي، بنيْتُ عليها طموحات كبيرة. شاركت في سوريا بحفلات محلية عديدة، كما شاركت في مسابقة “صوتك واصل” على قناة “فور شباب” الفضائية، وحصدْت المركز الأول”.
يتابع حديثه: “بعد الخدمة العسكرية الإلزامية أوائل عام 2011، كنت أسعى لتأسيس فرقة فنية، وبدأت العمل على أعمال خاصَّة بي. لكن بعد فترة قصيرة بدأت الحرب بسوريا، وبدأ معها حلمي يُمحى شيئاً فشيئا”.
“غادرت سوريا في أغسطس/آب 2012 وانتقلت للإقامة متنقلاً بين بيروت والقاهرة وعمّان، وكانت آخر محطاتي هي تركيا منذ يونيو/حزيران 2014”.
صعوبات كثيرة واجهها مالك نور في تنمية موهبته الغناء عند وصوله إلى تركيا، ويوضح: “أنا أعيش في إسطنبول، المدينة الضخمة ذات الإيقاع السريع، وبسبب التزاماتي ومسؤولياتي عليّ أن أعمل في مجال آخر غير الفن”.
ويضيف: “لا أجد متسعاً من الوقت لتنمية موهبتي أو لإنتاج أعمال جديدة؛ هذا يحتاج إلى الوقت والمال والراحة النفسية والهدوء، ويصعّب عمل أي فنان أن لا يجد هذه الأشياء”.
ورغم هذه الصعوبات ومشكلة اللغة التي تواجه كل لاجئ أو مقيم عربي حديثاً في تركيا، استطاع مالك نور أن يحجز لنفسه مكاناً في إسطنبول.
“شاركت في عديد من المهرجانات والاحتفالات الخاصَّة والعامَّة، وأصدرت أكثر من عمل فني، وكنت ضيفاً على أكثر من فضائية عربية وتركية أيضاً”.
ولا يزال مالك يسعى ليعلو أكثر، وربما تحمل له إسطنبول “مدينة الكنوز” ما يحلم به يوماً ما.
على بعد أميال في المدينة الصاخبة نفسها، يذهب الملاكم السوري نضال الشيخ علي يوميّاً إلى النادي القريب من منزله في منطقة كونشلي؛ يعطي دروساً لطلابه ثم يتدرّب ليحافظ على لياقة جسده.
فالمدرّب نضال كان احترف كمال الأجسام في سوريا وحاز فيها بطولة محافظة حلب ثم بطولة الجمهورية في سوريا عام 2010.
وفيما كان يكمل دراسته الجامعية بكلية التجارة، كان قد بدأ تعلُّم رياضة الكيك بوكسينغ أيضاً KickBoxing.
ويقول نضال في حديثه لـTRT عربي إنه اضطُرّ إلى المجيء إلى تركيا في أواخر عام 2013، لكن عمله محاسباً في سوريا ليس بالمهنة السهلة التي يستطيع اللاجئ العربي إيجادها في تركيا، فاللغة هي العائق الأول.
لذا يحكي المدّرب السوري كيف تحوّلت رياضة الكيك بوكسينغ وكمال الأجسام إلى مهنة له في تركيا بعدما كانت هواية في سوريا.
“في سوريا كان الوضع أسهل بكثير لأطوّر هوايتي الرياضية، لأنني كان لديّ مهنة، أما في الغربة فأصبحت الرياضة عملي الرسميّ، لكن أكبر مشكلة عندي كانت اللغة”.
يضيف: “عن طريق يوتيوب تعلمت اللغة ثم بدأت أتواصل مع كثير من الأندية الرياضية كي أدرّب رياضيين فيها، وهكذا بدأت، وقد مرّ أكثر من خمس سنوات على تدريبي في أندية رياضية تركية مختلفة في غازي عنتاب ومرسين وديار بكر، وأخيراً في إسطنبول، حيث أستقر الآن”.
ويوضّح نضال أنه درّب البطل التركي إيردم سيفينج الذي فاز بالمركز الثالث على تركيا في أول مشاركة له ببطولة كمال الأجسام.
وفيما يواصل نضال تدريب محبي رياضة الكيك بوكسينغ من مواطنين أتراك وأجانب في النادي الذي يعمل به، يأمل أن يُفتح له المجال ليشارك في مسابقة داخل تركيا بعدما لم يستطع أن يشارك في البطولة الماضية بسبب نقص في أوراقه الرسميَّة.
وإلى جانب عمله في التدريب، وبعدما أتقن اللغة التركية، بدأ العمل في مجال التسويق التجاري بمصنع للحلويات في إسطنبول. داخل هذا المصنع الذي يعمل به عدد كبير من العاملين السوريين، تجمّعت مواهب مختلفة في شباب صغار غادروا بلادهم قسراً قبل سنوات.
فبات المكان أشبه بـ”مصنع المواهب”، الذي يحلم فيه الشباب بالعودة إلى هواياتهم وتنميتها أكثر في تركيا.
الشاب السوري عبد الرحمن أوغلو، أحد موظفي المصنع، يحدّث TRT عربي عن مشروع جديد يعمل عليه مع أصدقائه في الفترة المقبلة، يُشبه سلسلة “بقعة ضوء” السورية.
ويقول عبد الرحمن أوغلو إن صاحب هذه الفكرة هو زميله في العمل بالمصنع، الشابّ السوري عمّار شعبان، موضحاً أن البرنامج يضمّ أكثر من 12 شابّاً.
بين ممثّل وكاتب سكريبت ومنتج ومصوّر ومعدّ ومغنّ، سيعمل الشباب كلّ واحد في موهبته على إيصال رسائل اجتماعية وتقديم فقرات بطريقة ساخرة، فيما سترى أولى حلقات البرنامج النور قريباً على موقع يوتيوب. (TRT)[ads3]