دويتشه فيله : ما هي عواقب فرض حظر شامل على حزب الله في ألمانيا ؟

لا يوجد قرار بحظر الذراع السياسية لحزب الله في المانيا، كما تفيد مصادر وزارات مختلفة.

وبهذا، ينفي المسؤولون الحكوميون تقريراً صادراً عن مجلة “دير شبيغل” مفاده أن وزارة الخارجية ووزارتي الداخلية والعدل اتفقت على حظر حزب الله ونشاطاته في ألمانيا، حيث كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد طالبت بهذا الحظر في أيلول الماضي.

مبدئياً، وكما قال متحدث باسم وزارة الخارجية، يؤيد وزير الخارجية هايكو ماس بأن تأخذ ألمانيا التدابير اللازمة “للتحرك بحزم ضد الأعمال الإجرامية والإرهابية حتى لحزب الله”، وبالفعل، فإن الذراع العسكرية لحزب الله محظوة في ألمانيا منذ مدة، لكن الذراع السياسية لا، فكيف يتوافق ذلك؟.

حزب الله تأسس عام 1982 خلال الحرب الأهلية اللبنانية كاتحاد لميليشيات شيعية، ويعود قيامها بالأساس لدعم الحرس الثوري الإيراني الذي ساندها في السنوات التالية بالمدربين والأسلحة في الحرب ضد إسرائيل التي كان يحتل جيشها جنوب لبنان.

ونظرًا لشبكته المكونة من مؤسسات اجتماعية، فإن حزب الله له شعبية كبيرة، لا سيما بين الطبقة الشيعية الفقيرة في بيروت وفي جنوب لبنان، والاعتراف بها هناك مبني على أنه أجبر الجيش الاسرائيلي عام 2000 على الانسحاب من جنوبي لبنان، وسمعته كمدافع عن البلاد أدت بعد نهاية الحرب الأهلية عام 1990 إلى احتفاظه بسلاحه.

وفي ألمانيا يبدو حزب الله واضحاً، لا سيما في ذكرى “يوم القدس” المعلن من قبل ايران، وهذه الذكرى السنوية تطالب بما يسمى “تحرير” القدس من المحتل “الصهيوني”، أي من اسرائيل.

وفي ألمانيا، على غرار غالبية باقي دول الاتحاد الأوروبي، تبقى فقط الذراع العسكرية لحزب الله محظورة، وقد فشل فرض حظر شامل على مستوى الاتحاد الأوروبي، لا سيما بمقاومة فرنسا.

ولذلك، ضغط وزير الخارجية الألماني هايكو ماس منذ الصيف لمنع حزب الله طبقاً لقانون الجمعيات، وقبلها بسنوات تم في ألمانيا حظر مؤسسة خيرية تابعة لحزب الله.

حظر حزب الله من شأنه أن يؤثر على العلاقات مع لبنان، لأن المنظمة ممثلة عبر ذراعها السياسية منذ عام 1992 في البرلمان اللبناني، وفاز حزب الله في الانتخابات البرلمانية لعام 2018 بـ13 مقعداً، ليشغل بذلك نحو 10% من مجموع مقاعد البرلمان وثلاث حقائب في الحكومة، فحظر حزب الله سيكون إذن إهانة للحكومة اللبنانية.

وبما أن حزب الله تربطه علاقات وثيقة مع نظام الملالي في ايران، فإن الحظر سيكون له تأثير على العلاقات الألمانية الإيرانية، ولا يُعرف ما هي الأهمية التي توليها القيادة في طهران للحظر، ونظراً للحصار الأمريكي، فإن إيران تعول على علاقات جيدة مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي.

وإذا ما تم الحظر، فإن الكثير من أنشطة حزب الله ستصبح غير قانونية في ألمانيا ولن يسمح برفع علمه، وليس مستبعداً أن يؤسس حزب الله منظمةً جديدةً باسم آخر، لكنه سيفقد الكثير من زخمه الجماهيري و”ماركتها” الدعائية.

والحظر من شأنه أن يغير قليلاً في موقف ونظرة أنصار حزب الله، وهذا هو التحدي الحقيقي الذي تواجهه الحكومة الألمانية رسمياً، بالقول: “في الحرب ضد العنف لأسباب سياسية أو دينية توجد مهام أمنية سياسية”، كما ذُكر في وثيقة الحكومة الألمانية لدعم الديمقراطية والوقاية من التطرف، “لكن من أجل أمن الأشخاص في بلادنا توجد أيضاً عروض وقائية تقوي العمل الديمقراطي إضافة إلى الإجراءات التي تمنع الراديكالية، فقط عندما تتلاءم إجراءات أمنية وقائية وداعمة للديمقراطية يمكن أن ينجح الكفاح ضد التطرف ولصالح الديمقراطية”.

لكن الحظر من شأنه أن يقوي الشروط القانونية للتحرك بحزم ضد حزب الله، “حزب الله يمول نفسه بالجريمة وتجارة السيارات وغسيل الأموال، ألمانيا هي بالنسبة إليه مكان يجمع فيه الأموال”، يحسب ما نقلت صحيفة “فرانكفورتر روندشاو”، في حزيران من هذا العام عن النائب البرلماني من الحزب المسيحي الديمقراطي، ماريان فينت، الذي يؤيد فرض حظر شامل على حزب الله ونشاطاته في ألمانيا.

ويضيف هذا البرلماني بأن حزب الله لا يقوم فقط بالدعاية، بل هو منظمة عسكرية إرهابية إجرامية، والحظر سيأتي بفوائد، بحسب رأيه، إذ يمكن منع تحويلات مالية أو الكشف عن تركيبة شبكة العصابات.

ويتناول تقرير جهاز المخابرات الألمانية الداخلية لعام 2018 أيضًا حزب الله في صفحتين دون توجيه أي اتهامات أو خرقات قانونية محددة له، لكن “يجب الأخذ بعين الاعتبار أن يقوم حزب الله حتى خارج الشرق الأوسط بعمليات إرهابية ضد اسرائيل أو مصالح اسرائيلية، وفي ألمانيا يحافظ أنصار حزب الله على وحدتهم التنظيمية والعقائدية عبر جمعيات ملحقة بمساجد تمول نفسها في المقام الأول من خلال التبرعات”.

كرستين كنيب – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها