مصورة ألمانية توثق بأعمال فنية لغة الإشارة لركوب سيارات الأجرة في جنوب أفريقيا

يجد المرء من غير السكان المحليين صعوبة في الحصول على سيارة أجرة في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، حيث لا يوجد مكان مخصص لانتظار الركاب، ولكن، وبدلاً من ذلك، يمكن أن يصبح أي موقع في المدينة التي تسودها الفوضى نقطة ينتظر عندها الركاب ليستقلوا وسيلة نقل.

ومن الناحية التقليدية في جنوب أفريقيا، تقوم جمعيات خاصة من سائقي السيارات ورجال الأعمال بتوفير خدمات النقل المحلية، من خلال أساطيل كاملة من الحافلات الصغيرة (ميني باص)، ويشعر الغرباء في المدينة بنوع من الارتباك في محاولتهم تحديد الوجهات التي تذهب إليها هذه الحافلات، ولكن ثمة قواعد لهذه الفوضى.

ووثقت باتريسيا كوهفوس، وهى مصورة تقيم في ألمانيا، هذه اللغة السرية من خلال أعمال فنية، وهي تعرض هذه الأعمال مع شريكتها الجنوب أفريقية في المشروع، سيا فوندز، ببلدة سويتو الشهيرة في جوهانسبرغ، وقالت كوهفوس: “إنها حملة ملصقات تتسم بالارتجال”.

ووضعت كوهفوس أكثر من ألف ملصق في مواقع مسموح فيها بذلك، وهي ترى أنه لا ينبغي للصور، التي فازت بجوائز في لندن، أن تثير جدلاً بشأن التذوق الجمالي، في المعارض أو المجلات ذات الورق المصقول اللامع، بل يجب، بدلاً من ذلك، وضعها في الأماكن التي تسمح بفهم مدلولها ومغزاها بمجرد النظر إليها.

وفي بلد يتحدث الناس فيه 11 لغة رسمية، تعد لغة الإشارة التي يستخدمها راكب ليطلب من سيارة أجرة التوقف، اللغة الثانية عشرة، غير الرسمية، ومن هنا جاء استلهام اسم المشروع: “كيفية العودة إلى المنزل: نقل اللغة الثانية عشرة في جنوب إفريقيا إلى شوارع جوهانسبرغ”.

وطرأت فكرة مزج الإشارات بمشاهد الحياة اليومية على نحو جمالي، على ذهن كوهفوس عندما كانت تقوم بتصوير منتجات شريكتها من الأزياء، وقد أقرت بذلك قائلة: “في الأساس، كل شيء نتاج الصدفة.. كانت فكرة إبداعية اكتسبت حياة من تلقاء نفسها”.

وأوضحت كوهفوس أنه يتعين عليها دائما في ألمانيا أن تضع الكثير من الخلفيات في صورها، أما في جوهانسبرغ، فالأمر جد مختلف.

ورغم ذلك، لا يستوعب الجميع في المدينة بشكل دائم ما تنطوي عليه الملصقات، على الفور، وتقول إميلي يندي، وهي مساعدة محام: “لم أدرك المغزى الذي تنطوي عليه الملصقات في البداية”.

كما أعرب آخرون عن دهشتهم بعد النظرة الأولي، حيث قالت باولينه لابيسي: “نستخدم الإيماءات كل يوم، وندرك معناها على الفور”.

ووفقاً للموقع الإلكتروني لكوهفوس، يضطر كثير من السود في جنوب أفريقيا إلى السفر لمسافة تصل إلى أربعين كيلومتراً يومياً من أجل الوصول إلى مقار أعمالهم، بسبب الآثار المترتبة على حقبة الفصل العنصري، والإيماءات لغة يفهمها السود، في الأساس، لدى دخولهم سويتو أو خروجهم منها.

واستمتعت كوهفوس بمحادثات أجرتها مع عدد من المارة وهي تقوم بوضع الملصقات، وهي ترى أن ما تقوم به نوع من المعارض الفنية في الشوارع، أي معرض للجميع، وهناك عدة مئات من الملصقات وضعت في نقاط رئيسية بجميع أنحاء سويتو.

ووفقا لكوهفوس، فإن “الشيء الرائع هو أن يرى الناس، على الفور، الإشارة إلى حياتهم اليومية وأن يقولوا: هذه قصتنا، حيث يمكنهم رؤية حياتهم اليومية داخلها”.

ولغة الإشارة الضرورية في جنوب أفريقيا هي شيء يتعلمه سكانها منذ الطفولة، وقالت روزه ليتسوالو: “تلازمك اللغة في نشأتك”، وكل حي له إشارات اليد الخاصة به، وهى تختلف أيضاً حسب الوجهة التي يقصدها الشخص.

ويتم ترجمة رفع إصبع للإشارة إلى “وسط المدينة” تقريبًا، بينما يعنى ثلاثة أصابع أن الشخص متجه إلى ضاحية ساندتون التي يسكنها الأغنياء، ولمنطقة “أورانج فارم” (مزرعة البرتقال)، إشارة تشبه، على نحو لا يثير الدهشة، برتقالة، ويسلك هذا الطريق مئات الآلاف من الأشخاص يومياً.

وتتذكر كوهفوس: “لماذا تتوقف سيارة أجرة فيما تواصل أخرى السير، في البداية لم أفهمها على الإطلاق”، وتصادف أن عثرت كوهفوس على إشارات خفية قبل عامين، عندما كانت تقوم بتصوير حفل زفاف، وقامت شريكة كوهفوس في المشروع بتعليمها رموز اليد وتولدت لديها فكرة استخدامها في سلسلة من عمليات التصوير.

وتلتقط كوهفوس صور لأشخاص خلال الحياة اليومية في سويتو، وتدمج لغة الإشارة في هذه الصور.

وتعرض كوهفوس أعمالها في حسابها على موقع “إنستغرام” لمشاركة الصور ومقاطع الفيديو، تحت عنوان “@howtogethome”، حيث يستطيع المتابعون الاطلاع على كل ما هو جديد في حملة الملصقات، وأيضاً تعلم إشارة اليوم. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها